تواجه بريطانيا في المرحلة المقبلة، معركة شرسة أمام اسكتلندا وحكومتها التي تسعى جاهدة إلى استغلال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فيما يعرف بال«بريكست» للاستقلال عن المملكة، وقال نائب من حزب الخضر الاسكتلندي، أحد حلفاء رئيس وزراء اسكتلندا، إن قرارا بشأن الدعوة لإجراء استفتاء جديد بشأن استقلال اسكتلندا قد يُتخذ خلال أسابيع. وكانت اسكتلندا نظمت استفتاء للاستقلال عن بريطانيا عام 2014، لكن رفضه الاسكتلنديون بفارق 10% لصالح البقاء، لكن جاءت عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير، لتزيد من طموح المؤيدين لاستقلال اسكتلندا، وقال روس غرير وهو نائب وناشط رئيسي في الاستفتاء، الذي جرى منذ ثلاث أعوام، إن توقيت أي استفتاء جديد محتمل في اسكتلندا ستحدده عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأعاد الحديث عن الاستفتاء مجددًا، رفض البرلمان الاسكتلندي الاثنين الماضي، في تصويت رمزي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومر القرار بأغلبية 90 نائبا مقابل 34، لكن تقول لندن أن هذا لا يؤثر على إجراءات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى، حيث قضت المحكمة العليا فى بريطانيا، الشهر الماضي، بأن الحكومة البريطانية لا تحتاج إذنا من حكومات إيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز للخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجين: "لا يمكن للمملكة المتحدة أن تخرجنا من الاتحاد الأوروبي وسوقه الموحدة، بصرف النظر عن تأثير ذلك على اقتصادنا، وعلى سوق العمل، ومستوى المعيشة، وعلى سمعتنا كدولة منفتحة ومتسامحة، بلا ترك الخيار لاسكتلندا لتختار ما بين ذلك، أو مستقبل آخر"، مؤكده أن خروج بريطانيا من الاتحاد يعني أنه يجب أن يكون لاسكتلندا خيار جديد بشأن مستقبلها إذا لم يتم احترام رغباتها كجزء من مفاوضات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وتنقسم اسكتلندا بين مؤيدون لفكرة الانفصال وهم يعرفوا بالقوميين الذي يعتزون بالجنسية، ومن يرفضون الفكرة على أساس أن الاتحاد منح للبلاد الاستقرار، لكن يؤكد المراقبون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي جاء ضد إرادة معظم الاسكتلنديين، سيشجع حتما القوميين والحكومة المحلية في اسكتلندا والأحزاب ذات النزعة الاستقلالية على المطالبة بتنظيم استفتاء جديد بشأن استقلال بلادهم، هذا ما أكده الزعيم السابق للحزب القومي الحاكم في اسكتلندا، أليكس سالموند، حين أشار إلى أن خليفته، ستورجن، ستسعى، بعد تأييد البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، لإجراء استفتاء ثان على الاستقلال، موضحا أنه سيحاول الاسكتلنديون البناء على "الطلاق البريطاني الأوروبي"، لعدم تكرار انتكاسة سبتمبر 2014، حين رفض الناخبون، في استفتاء استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة. وقال أليكس سالموند في وقت سابق ردًا على كيفية تمكن اسكتلندا إذا ما انفصلت أن تبقى بلا ديون، إن ذلك لا يقلق، مضيفًا "ما نقوله هو أن هذا بلد يتمتع بموارد بشرية وطبيعية هائلة، يمكن أن تجعله بلدا ناجحا جدا يتميز مجتمعه بعدالة تزيد كثيرا على ما هو عليه الحال الآن". ويستغل القوميون وجود فجوة هائلة بين الأغنياء والفقراء بين دول المملكة المتحدة، فبحسب الإحصائيات، فإن العاصمة الاقتصادية لاسكتلندا جلاسكو، تعكس هذه المشكلة؛ خاصة أن عدد العاطلين عن العمل فيها يزيد عن نظرائهم في بقاع المملكة المتحدة الأخرى، وعدد من يموتون في سن مبكرة، بفعل أمراض القلب، يرتفع عن عدد نظرائهم في أي مكان آخر من العالم. وتعد اسكتلندا أحد أربع دول تشكل المملكة المتحدة إلى جانب إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية، ورغم تصويت سكان اسكتلندا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، إلا أنها ستترك الاتحاد لأن المملكة المتحدة ككل صوتت لصالح الخروج.