بعد أقل من شهر على صدور قرار إدارة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة الموجه إلى جميع مُنتجي الأدوية الذي يسمح لهم بطمس الأسعار القديمة المطبوعة على عبوات التغليف المخزنة للأدوية المحلية، وطباعة السعر الجديد الوارد في التسعيرة الدوائية الأخيرة حتى يتم السماح للشركات بإنتاج كل الأدوية وتوفير قوائم النواقص في الأسواق، تراجعت وزارة الصحة أمس عن القرار على جميع الأدوية التي أُنتِجت قبل 12 يناير الماضي. قال الدكتور ياسين رجائي، مدير المكتب الفني لمساعد وزير الصحة للصيدلة ل"البديل"، إن الوزارة تراجعت عن قرار طمس الأسعار القديمة على ظهر العبوات الدوائية المحلية؛ لمواجهة مافيا الأدوية التي تقوم بتخزين الأدوية لبيعها بالأسعار الجديدة، مهددا بمعاقبة الشركات التي تتوقف عن الإنتاج، واتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية العاجلة خلال الأيام المقبلة لتأمين السوق الدوائي وتوفير نواقص الدواء للمواطنين. وجاء قرار "إلغاء طمس الأسعار القديمة" عقب ضغوط واسعة من قبل جموع الصيادلة على قرار وزارة الصحة، ورفع دعويين قضائيتين في محكمة القضاء الإداري لإلغاء التسعيرة الدوائية وضد البيع بسعرين بالمُخالفة للقانون الخاص بالتسعيرة الجبرية الصادر في عام 1950، في ظل عدم توفير شركات الأدوية النواقص طوال الفترة الماضية. مخالفات بالجملة قرار طمس الأسعار القديمة والبيع بالسعر الجديد، لم يكن المخالفة الأولى التي ارتكبها الوزير، لكنه خالف القانون رقم 163 لسنة 1950 حين وافق على البيع بسعرين مختلفين، القديم والجديد عقب قرار الزيادة الأولى في "تسعيرة الدواء" الصادر في مايو الماضي، وقتها أعطى الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، مُهلة 6 أشهر للشركات من أجل توفير قوائم النواقص، ولم تلتزم الشركات به، ولم يُنفذ الوزير تهديده لهم، حتى جاء قرار تعويم الجنيه وتحرير سعر صرف الدولار في نوفمبر الماضي، ومن ثم أجبرت غرفة صناعة الدواء والشركات الوزير على تحريك أسعار الأدوية للمرة الثانية 50% على غالبية الأصناف الدوائية المحلية، في انتظار الزيادة الثالثة وإعادة المراجعة والتقييم بعد 6 أشهر بحسب القرار الوزاري. بعدها أعلن جموع الصيادلة غضبهم مما وصفوه ب"القرارات العشوائية" المخالفة للقانون، خاصة بعد إقرار وزارة الصحة خلال الأسابيع الماضية، طمس الأسعار القديمة للأدوية، وتراجعها عنه ومن ثم البيع بسعرين، فتوحدت مطالب الصيادلة على ضرورة التأكد من الفواتير أولًا وتواريخ الإنتاج المطبوعة على العبوات الدوائية قبل الاستلام، خاصة الأصناف الموردة إليهم من المخازن، رافضين أي صنف دوائي يحمل تشغيلات قديمة وفي حالة حدوث الطمس على الأسعار القديمة يتم ارتجاع الدواء فورًا. 170 مليون جنيه.. فرق سعر خلال الثلاثة أيام الماضية فقط، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط أطنان من الأدوية المُهربة التي تم تخزينها من قبل شركات أدوية شهيرة منذ أكثر من عام، تمهيدًا لبيعها بالسعر الجديد، بإجمالي 170 مليون جنيه، وفارق سعر في جيوب "مافيا الدواء" عقب القرار الوزاري الأخير بزيادة "تسعيرة الدواء" في عدد من مخازن الأدوية البارزة، أحدهم مخزن مصر الجديدة المملوك لأحد رجال الأعمال أصحاب السلاسل الشهيرة، تم ضبط أدوية مخزنة به يزيد سعرها على 130 مليون جنيه، ومخزن آخر لشركة أدوية شهيرة بمدينة نصر غير مرخص كان يديره عامل معماري، ويحتوي على كميات كبيرة من الأدوية المحلية والمستوردة، وعبوات أخرى من المحاليل الطبية الناقصة بالسوق المحلية، وكميات كبيرة من أدوية التخدير عبر الاستنشاق، التي يحظر استخدامها أو بيعها خارج المستشفيات، وتصل قيمتها أكثر من 32 مليون جنيه. 22 مليون جنيه.. أرباح تخزين دواء واحد وقال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن الرقابة الإدارية تمكنت أمس، من ضبط 3 مخازن أدوية لشركات شهيرة، من بينهم مخزن تابع لشركة المتحدة ضبط فيه أكثر من 217 أمبولا من عقار "سريبيو لايسن" الذي يستخدم في علاج ضعف الدورة الدموية المخية وجلطات الرأس، الذي طالما عاني المريض منه البحث عنه في الأسواق على مدار العام الماضي. وأضاف فؤاد ل"البديل" أن سعر الأمبول الواحد من "سريبيو لايسن" لم يكن يزيد عن 150 جنيها قبل عام، واليوم وصل سعره في السوق السوداء إلى 700 جنيه بما يحقق نحو 22 مليون جنيه فارق السعر لشركة واحدة قبل 12 يناير، وبعد صدور القرار رقم 23 لسنة 2017 الخاص بالتسعيرة الدوائية الأخيرة، متابعا: "الناس بتموت عشان علبة دوا مش موجودة، والحكومة عاجزة عن توفيره، والشركة بتخزن كل الكميات دي عشان تبيعها بالسعر الجديد، ورجل الأعمال صاحب الشركة اشترى يخت جديد في الغردقة منذ شهرين". العبرة ب"تاريخ الإنتاج" وقال الدكتور يسري الشطيري، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن الأمر مرهق جدًا على الصيادلة الذين يقومون بعمليات الجرد لحظة بلحظة للتأكد من التاريخ، منعًا للمخالفات القانونية وحتى لا يضطرون إلى استلام أصناف دوائية من المخازن والشركات بالأسعار الجديدة ويبيعونها بالسعر القديم بالخطأ. وطالب الشطيري جموع الصيادلة بضرورة مطابقة الفواتير بتاريخ الإنتاج، قائلًا: "أي حاجة تاريخ إنتاجها 2017 على السعر الجديد، وماقبل ذلك على السعر القديم حتى لو كان السعر الجديد مطبوع عليها، وبالتالي فإن العبرة بتاريخ الإنتاج". 25 مليار.. أرباح الشركات وأكد الدكتور وحيد عبدالصمد، أمين صندوق نقابة الصيادلة ل"البديل"، أن أرباح شركات الأدوية من زيادات التسعيرة الدوائية الأخيرة وطمس السعر القديم، تجاوزت ال25 مليار جنيه في غضون أيام قليلة، فضلًا عن إلزام جموع الصيادلة بالبيع بتسعرتين، ما يُعرض وزير الصحة للحبس ويقضي على الصيدليات الصغيرة لصالح السلاسل الكبرى التى تُخزن الأدوية بالملايين ولن تتأثر بالبيع بالسعر القديم، مطالبا بإحالة مسؤولي الشركات التى امتنعت عن توريد الأدوية للصيدليات خلال الفترة الماضية إلى المحاكمة العاجلة، بدعوى الإضرار بالأمن الدوائي المصري. كما طالب وزارة الصحة بتحرير الاسم العلمي للدواء للقضاء على مشكلة "الإكسباير" والأدوية منتهية الصلاحية ومواجهة احتكار الشركات والبيع بسعر مناسب للمريض البسيط، فهناك عقار يُباع ب 85 جنيهًا يُكتب لمريض رغم أن مثيله أو بديله لا يتجاوز 10 جنيهات.