بعد الانتقادات التي وجهها، نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن، إلى روسيا، ووصف تواجدها بجزيرة القرم بالعدوان، يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، باراك أوباما، ديمقراطية الطابع، مازالت مصممة على وضع العراقيل في وجه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، للحيلولة دون حدوث أي تقارب بين موسكووواشنطن قد يقوم به الرئيس الجمهوري الجديد. بايدن في أوكرانيا وصل بايدن، الاثنين الماضي، إلى كييف، في آخر زيارة رسمية إلى أوكرانيا، ليؤكد لهذا البلد دعم الولاياتالمتحدة، قبل أيام من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه رسميا، وخلال هذه الزيارة التي استمرت ليوم واحد فقط، التقى بايدن الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، ورئيس الحكومة فولوديمير غرويسمان. وقال بايدن أثناء الزيارة، إن على العالم الوقوف في وجه العدوان الروسي على أوكرانيا، حاضًا إدارة ترامب على أن تكون داعما قويا وشريكا لها. وخاطب بايدن، الأوكرانيين متحدثا إلى جانب الرئيس الأوكراني، خلال زيارته الأخيرة لكييف بصفته نائبا للرئيس: إنكم تحاربون كلا من سرطان الفساد، وعدوان الكرملين المستمر، ويتعين على المجتمع الدولي أن يقف صفا واحدا ضد العدوان الروسي. وأضاف بايدن، أن الأمريكيين والأوكرانيين تربطهم علاقات عميقة، أوكرانيا مثل أي بلد في أوروبا من حقها رسم طريقها، ويبدو أن روسيا تنكر هذا الخيار. كلام بايدن، شجع رئيس أوكرانيا بالتمادي على روسيا، حيث قال بوروشنكو، إن "عدوانية روسيا تشكل حاليا تهديدا كبيرا للولايات المتحدةولأوكرانيا على حد سواء"، قبل أن يعبر ل"صديقه" بادين عن شكره على دعمه. ترامب وأوكرانيا كان ترامب، قد أشار في تصريح له، الثلاثاء الماضي، لصحيفتي «تايمز» البريطانية و«بيلد» الألمانية إلى رغبته إبرام اتفاق مع روسيا على حساب أوكرانيا، ويتضمن الاتفاق أن تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بإنهاء العقوبات المفروضة على موسكو، مقابل أن تقبل روسيا اتفاقا على خفض التسليح النووي. ويبدو أن كلًا من واشنطنوموسكو لم يدشنا بعد هذه الاتفاقية، فمن جهة ترامب الذي أطلق فكرة الاتفاقية من حيث المبدأ، تدور شكوك حول إمكانية تطبيقها، حيث قال بوروشنكو، إنه يشعر بالارتياح "للإشارات الإيجابية" التي صدرت عن ريكس تيلرسون، الذي اختاره ترامب لتولي الخارجية، حيث نأى تيلرسون بنفسه عن مواقف ترامب مؤكدا أن روسيا "تمثل خطرا اليوم". في المقابل رد الكرملين على اتفاقية ترامب أنه من السابق لأوانه التعليق على اقتراح الرئيس المنتخب، وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف إن بلاده ستنتظر حتى يبدأ ترامب ولايته قبل التعليق على أي اتفاقات مقترحة، مضيفا أنه لا توجد محادثات حالية في شأن خفض التسلّح، روسيا لا تنوي إثارة مسألة العقوبات في المفاوضات مع الدول الأجنبية، نافيا تقارير إعلامية عن اجتماع مزمع بين بوتين وترامب، أو أي اتفاق مبدئي في هذا الخصوص. وفي سياق متصل صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الاتحاد للبرلمان الروسي، كونستانتين كوساتشوف، بأن إلغاء العقوبات الأمريكية على روسيا ليس هدفا في حد ذاته لكي تتم التضحية من أجله بشيء ما، خصوصا في مجال الأمن، وهو الأمر الذي قد ينبئ باستمرار التوتر بين موسكووواشنطن حتى بعد تولي ترامب. وكان أوباما قد مدد الأسبوع الماضي عقوبات على موسكو، كرد على استنتاج وكالات المخابرات الأمريكية أن روسيا تدخلت في الانتخابات وقرصنت أشخاصا وأحزابا سياسية بهدف ترجيح كفة ترامب، كما أمر أوباما بطرد 35 دبلوماسيا روسيا وعائلاتهم من واشنطن. ويعود أصل العقوبات الأمريكية على روسيا بسبب الصراع في غرب أوكرانيا، حيث تدعم روسيا القوات المتمردة التي تحارب الجيش الأوكراني منذ نحو 3 أعوام. بايدن ومعاداة روسيا خناجر بايدن باتجاه روسيا لم تكن من خلال البوابة الأوكرانية فقط، ففي شهر أغسطس الماضي، أكد بايدن، التزام الولاياتالمتحدة بالدفاع عن الدول البلطيقية الثلاث "لاتفيا وليتوانيا وإستونيا"، ضد أي عدوان من قبل روسيا المجاورة. كما أكد بايدن، التزام بلاده بواجبات منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وخاصة المادة الخامسة، التي تنص على أن أي هجوم على حليف يعد هجومًا على جميع أعضاء الحلف. وهي النظرة التي لا يشارك ترامب بها بايدن، حيث اعتبر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أن الناتو «عفا عليه الزمن»، متهما دولا أعضاء في الحلف بأنها لا تدفع حصتها في إطار عملية الدفاع المشتركة وبالاتكال على الولاياتالمتحدة، وبذلك يتقارب ترامب مع موسكو، فروسيا كانت قد أشارت إلى أن الكرملين أكد منذ فترة طويلة على وجهة النظر ترامب للحلف الأطلسي. ويرى مراقبون أن علاقة واشنطن مع موسكو ستترسم بعد تنصيب ترامب بصورة رسمية كرئيس الولاياتالمتحدة يوم الجمعة المقبل، فالملفات السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية تشابكت إلى حد لا يسهل فيه تصفية المشاكل بين البلدين بصورة سريعة وسلسة، وتعامل الملياردير ترامب بمنطق الصفقات مع موسكو، سيكون سلاحا ذا حدين، فالصفقات إما أن تنجح أو تفشل.