في صبيحة اليوم شن الكيان الصهيوني ضربة عدوانية على مطار المزة العسكري غرب دمشق، وتشير معلومات إلى أن العملية الجوية الإسرائيلية شاركت فيها ثلاث طائرات من طراز إف-35 الأمريكية الصنع، واحدة منها أساسية واثنتان للمساندة الجوية، وأقلعت الطائرات من مطار بن غوريون في تمام الساعة 12:17 بعد منتصف الليل، وقد قام السرب بعملية التفاف من جهة لبنان، ثم دخل الأجواء السورية، وأطلق ثلاثة صواريخ موجهة في محيط المطار العسكري، ثم اتجه إلى الشمال الغربي، ونفذ أربع غارات متتالية، وغادر نحو الأجواء الإسرائيلية. وحذرت قيادة الجيش السوري إسرائيل من "تداعيات هذا الاعتداء السافر". وقالت إنها "تؤكد استمرار حربها على الإرهاب حتى القضاء عليه وبتر الأذرع التي تقف وراءه"، حسب التليفزيون السوري. العدوان الإسرائيلي على سوريا لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال نقطة مهمة للضربة الإسرائيلية لمواقع تابعة للجيش العربي السوري، وهي أن الكيان الصهيوني لا يزال يعتبر الحكومة السورية والمؤسسة العسكرية المنضوية تحت قيادتها عدوة رئيسية له، وبالتالي أي مزاعم عن وجود صفقات إسرائيلية مع النظام السوري سواء من فوق الطاولة أو من تحتها قد نسفت، خاصة أن هذا الهجوم هو الثاني في غضون شهر، ففي 7 ديسمبر الماضي استهدفت الطائرات الإسرائيلية محيط مطار المزة العسكري بالصواريخ، كما استهدفت إسرائيل العديد من المناطق السورية على مدار السنة السابقة. وفي إطار المواجهة العسكرية بين دمشق وإسرائيل، أصدرت القيادة العامة للجيش السوري في شهر سبتمبر الماضي بيانًا أكدت فيه تعرض مواقع عسكرية سورية لعدوان إسرائيلي بريف القنيطرة، وتصدت له وسائط الدفاع الجوية السورية التي قامت بإطلاق ثلاثة صواريخ من طراز "سام 200′′ على الطائرات المغيرة على منطقة القنيطرة وإسقاط اثنتين منها، وأسقطت طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة، وطائرة استطلاع بدون طيار غرب سعسع. وبالتالي الرغبة الإسرائيلية في إضعاف النظام السوري واضحة للعيان، ففي الوقت الذي بدأت فيه الدول المناهضة للنظام السوري تغير نظرتها له، وتعطي الأولوية لقتال داعش والتنظيمات الإرهابية، كالرئيس الأمريكي ترامب، والتركي أردوغان، وحتى فرنسا، وبدءوا جميعًا بصورة أو بأخرى في توجيه ضرباتهم العسكرية لداعش والنصرة، نجد أن تل أبيب مصممة على محاباة داعش والفصائل السورية واستهداف مواقع النظام السوري. النقطة المهمة أيضًا والتي يجب التركيز عليها هي أنه عندما قصفت إسرائيل مواقع للجيش السوري، قامت فصائل من الأحزاب المعارضة السورية ومنهم الشيخ خالد خلف بشكر العدو الصهيوني على الضربات العسكرية، حيث اعتبرت الضربات الإسرائيلية لمواقع الجيش السوري إنجازًا مهمًّا يعزز من موقع المعارضة المهلهل في مواجهتها للنظام السوري. ومن هنا لا يمكن الفصل بين إخفاقات المعارضة المسلحة في الميدان السوري كما حدث في حلب ومنطقة بردى مؤخرًا، وازدياد وتيرة الضربات الإسرائيلية على سوريا، فالمعارضة السورية والتي لا تخفي تنسيقها العسكري مع إسرائيل في غرف حدودية في القنيطرة ودرعا، كما أن مصابيها يتعالجون في المشافي الإسرائيلية، أضف إلى ذلك الرحلات المكوكية لبعض قادتها لتل أبيب ككمال اللبواني، أصبحت عاجزة عن تحقيق تطلعات تل أبيب لإضعاف النظام السوري، فالكثير من الانشقاقات نالت من المعارضة السورية بعد خسارتها ملحمة حلب الكبرى على حد توصيف المعارضة، وبدأت تظهر بينها لغة التخوين، وما زاد من تعقيد المشهد الانقسامات التي أحدثها الأتراك في صفوف المعارضة بعد تقاربهم مع روسيا، الأمر الذي قسم المعارضة إلى معارضة سورية تركية، ومعارضة سورية قطرية، ومعارضة سورية سعودية، ولكل منها أجندتها الخاصة، وهو الأمر الذي سيضعف من موقف المعارضة بلا شك في اجتماع الآستانة الذي قد يمهد الطريق لمفاوضات جنيف جديدة. بالأمس أبدت الولاياتالمتحدة رغبتها لحضور الآستانة، ولكن هذه الرغبة قد تكون بلا جدوى؛ فلا أوراق حقيقية تستطيع واشنطن المراهنة عليها في المفاوضات، فالمعارضة السورية أضعف من أي وقت مضى، وتركيا أقرب إلى موسكو، وروسيا وإيران في خندق واحد ضد مطامع واشنطن في سوريا، وبالتالي تحاول واشنطن التلويح بالورقة الإسرائيلية لعلّها تحدث نوعًا من الضغط في المفاوضات القريبة، ويبدو أن إسرائيل من حيث المبدأ لن تمانع في المراهنة الأمريكية عليها، فهي تعلم بأن الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، قادم بأجندة يعطي فيها أولوية القتال لداعش على حساب النظام السوري، وهو الأمر الذي قد لا تحبذه إسرائيل، وبالتالي محاولة تل أبيب فتح جبهة عسكرية مع دمشق في هذا التوقيت قد يكون الغرض منها استفزاز دمشق لأي رد عسكري تحاول إسرائيل تضمينه فيما بعد على أجندة ترامب خلال المفاوضات السورية السورية المقبلة، وبذلك يصبح الكيان الصهيوني طرفًا في المفاوضات المزمعة، خاصة أن تل أبيب لا تخفي مخاوفها من وجود حزب الله وإيران في سوريا، وتريد وضع شروط على هذا التواجد. الوضع الداخلي في إسرائيل لا يجب إغفال علاقة الوضع الداخلي في إسرائيل بالضربة العسكرية، فرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو يعاني من انتقادات شديدة في الداخل الإسرائيلي تتعلق بقضايا فساد وصفقات عسكرية غامضة تتعلق بالغواصات الألمانية، وهو الأمر الذي قد يؤثر على مساره الانتخابي، وبالتالي قد لا يمانع نتنياهو في توجيه ضربة لسوريا يصرف بها الأنظار الإسرائيلية عن مشاكله، ويعيد لنفسه صورة البطل القومي لديهم، وفي نفس الوقت يبعث برسالة طمأنة للمعارضة السورية الجريحة بأن تل أبيب تقف إلى جانبكم. وفي سياق ملف التسليح الإسرائيلي يرى مراقبون أن إسرائيل لا تحتاج للانتقال إلى الأجواء اللبنانية أو السورية لقصف الهدف، ولكن قد يكون الغرض من الضربة هو تجريب قدرات التخفي للطائرة الجديدة وكيف تتعامل أنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع معها، فتقارير التشغيل ستكون بالغة الأهمية للصانع الأمريكي، ويبدو أن موسكو أيضًا وفي إطار سباق التسلح مع واشنطن، لن تمانع في تتبع طائرات إف-35 ومعرفة قدرة الإس-400 في رصدها من عدمه، لتطوير منظومتها الدفاعية المستقبلية. ويبدو أن استخدام تل أبيب لهذه الطائرات الحربية قد سيساعد "المؤسسة الصناعية العسكرية" الأمريكية في إقناع الرئيس الجديد ترمب بالموافقة على زيادة سعر إنتاج المقاتلة، بعد أن أعلن عن تململه من ثمنها الباهظ واقتراحه استبدال المقاتلة إف-18 مكانها. وحتى الآن هناك تضارب في المعلومات حول الآلية التي تم بها تنفيذ العدوان الإسرائيلي على المطار السوري، سواء تم باستخدام الطائرات أو عن طريق عدة صواريخ أُطلقت من منطقة قرب بحيرة طبرية شمال إسرائيل، وفقًا لقيادة الجيش السوري.