آمال وطموحات حملها خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بمناسبة الذكرى السنوية ال 52 لانطلاق حركة «فتح»، أكد فيها أن عام 2017 سيكون عام مزيد من الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، كما سيشهد حالة لاستنهاض حركة فتح، وتجديد دماء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يطرح تساؤلًا مهمًّا حول مدى قدرة وجاهزية الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية لتحقيق هذه الطموحات التي يرى مراقبون تأخر تحقيقها لسنوات عديدة. يقول الدكتور جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح بالقاهرة، إن ما تحدث عنه الرئيس يمثل رؤية عمل ستتبعها القيادة الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن هناك حالة من التغيرات التى جرت على كافة الأصعدة التى تهيئ الأوضاع بأن يكون هناك متغير جديد للقضية الفلسطينية في العام الجديد 2017، وخاصة بعدما استطاعت حركة فتح عقد مؤتمرها السابع وتجديد هيئاتها القيادية، بما يعطي حالة من الدافعية والجاهزية للعمل. الاعتراف بالدولة الفلسطينية دعا أبو مازن السبت خلال خطابه إلى أن يكون عام 2017 عام الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وقال في كلمة نقلها التليفزيون الفلسطيني "إن المزيد من الاعترافات سيعزز فرص التوصل إلى حل الدولتين وإنجاز السلام الحقيقي". وحصل الفلسطينيون في عام 2012 على قرار من الجمعية العامة بالأممالمتحدة، يعترف بفلسطين كدولة بصفة مراقب، وبدأ الاعتراف الدولي بفلسطين منذ إعلان وثيقة الاستقلال في عام 1988؛ ليصل اليوم إلى 137 دولة. ووفقًا لمراقبين فإن الرئيس أبو مازن في الفترة المقبلة يواجه الكثير من التحديات على المستوي العربي والإقليمي والدولي، قد تقف أمام تحقيق هذه الطموحات، فمن ناحية سينتهي عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ويبدأ عهد جديد يصعد فيه الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، والتي تشير تصريحاته إلى أنه سيكون متجانسًا أكثر مع الموقف الإسرائيلي ومع الاستيطان غير الشرعي على الأراضي المحتلة، ومن ناحية أخرى لم تمر العلاقات العربية مع السلطة الفلسطينية بحالة الوفاق الكاملة في المرحلة الأخيرة، على خلفية مطالبات اللجنة الرباعية العربية بمشاركة فتح، ببدء مفاوضات جدية، لإزالة الخلافات داخل الحركة وإعادة المفصولين، وهو ما لا يتماشى مع الرؤية الفلسطينية، الأمر الذي له تأثيره على الحملة المستقبلية التي تقودها الدبلوماسية الفلسيطينية للاعتراف بالدولة في المحافل الدولية، لاسيما في ظل مواجهة تحركات إسرائيلية مشبوهة في القارة الإفريقية، والتي أعلن مؤخرًا بعض أعضائها، لتبني مشروع لانضمام الاحتلال إلى عضوية الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب. فيما أكد جهاد الحرازين أن بعض الأوساط الإسرائيلية بدأت تحذر من التحركات الفلسطينية، مطالبة بالتحضير لمواجهة أية إجراءات دولية والتوجه نحو حل الدولتين، حتى لا تزداد إسرائيل عزلة، مما يرسل إشارات بأن رؤية أبو مازن حقيقية وليست أحلامًا، كما يحاول البعض ترويجه. ويري مراقبون أن الرئيس ابو مازن لديه بعض الأوراق الأوروبية التي يعول عليها على المستوى الدولي، كفرنسا والسويد، اللتين أيد برلماناهما قرارًا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في العامين الماضيين. حيث يؤكد الحرازين في تصريحات ل "البديل" أن كلام الرئيس حول المجتمع الدولي ومزيد من اعترافه بالدولة الفلسطينية نابع من إدراكة لحالة التحول التي بدأت بالاعتراف بالدولة من قبل البرلمانات وبعض الدول الأوروبية، ثم رفع العلم في الأممالمتحدة، ومن ثم قرار مجلس الأمن، وما سيتلو ذلك انطلاقًا من اجتماع باريس المزمع عقده منتصف يناير بمشاركة أكثر من 70 دولة والإدارة الأمريكية، مؤكدًا أن هذا يعني أن حالة التضامن والإيمان بحقوق الشعب الفلسطينى ورفض الاحتلال لقيت تجاوبًا كبيرًا؛ مما يدلل على أن هذا العام سيحمل الكثير من المواقف الدولية لصالح فلسطين وشعبها وازدياد عزلة الاحتلال. الاستنهاض بحركة فتح وعلى الرغم من الخلافات الداخلية التي ظهرت مؤخرًا بين أبو مازن وعضو حركة فتح المفصول محمد دحلان، والتي تعد بحسب المراقبين من ابرز العوائق أمام الاستنهاض بحركة فتح الفلسطينية، يؤكد الدكتور جهاد الحرازين أن هناك برامج نوقشت خلال المؤتمر السابع لحركة فتح، ووضعت رؤية كاملة سياسية واجتماعية وتنظيمية، بما يخدم أهداف الحركة، ويحقق أماني الشعب الفلسطيني، مضيفًا أن العام الجديد هو عام الاستنهاض للحركة بكافة مؤسساتها تجاه قضايا الشعب الفلسطيني، خاصة ما يتعلق بحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة، مشيرًا إلى حديث الرئيس حول الوضع الفتحاوي برؤية واضحة لمخرجات المؤتمر السابع، والعمل على تنفيذها؛ تحقيقًا لرغبة القواعد الحركية التي التفت حول الحركة وقيادتها الشرعية المنتخبة، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على الوطن والوضع الفلسطيني الداخلي. وأضاف أن حركة فتح والرئيس أبو مازن يضعان نصب أعينهما تحقيق المصالحة كخيار استراتيجي؛ لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني، والتفرغ لمواجهة مخططات الاحتلال وجرائمه واعتداءاته على كل ما هو فلسطيني، خاصة أن هناك معركة تدور رحاها في الأروقة الدولية ضد الاحتلال وجرائمه، ومن هنا فهذا أمر حقيقي، وبدأ العمل به داخل أطر الحركة، معقبًا "ولكن تبقى قضية الانقسام معلقة؛ نتيجة حالة تهرب حماس من أية التزامات أو استحقاقات حول المصالحة. ورغم ذلك ستواصل القيادة عملها للوصول إلى طي صفحة الانقسام البغيض مع حماس". ترميم منظمة التحرير الفلسطينية تطرق عباس في كلمته إلى المجلس الوطني الفلسطيني، أعلى هيئة تشريعية عند الفلسطينيين، والتي لم تجتمع منذ نحو عشرين عامًا، وقال "بدأنا المشاورات مع جميع الفصائل والقوى الفلسطينية؛ لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني هنا في فلسطين خلال الأشهر القادمة". لكنه لم يحدد موعدًا لذلك. وأضاف أن الهدف من الاجتماع هو "تجديد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثلة في اللجنة التنفيذية وفق النظم المعمول بها". مختتمًا كلمته بالقول "قد يستطيعون احتلالنا وحصارنا، ولكن أحدًا لن يقدر على قتل أحلامنا وإرادتنا في الحرية والعيش بكرامة في وطننا فلسطين". وعقب الحرازين على هذا الأمر مشددًا على أن تحقيق المصالحة بين حركتي حماس وفتح هو القضية الأساسية التي ستتبناها منظمة التحرير خلال هذا العام، مشيرًا إلى أن "انعقاد جلسة للجنة التحضيرية للمجلس الوطني يأتي بشكل أساسي لمناقشة قضية إنهاء الانقسام، وصولًا إلى التوافق الوطني الشامل بين الفصائل الفلسطينية وتجديد الشرعيات في منظمة التحرير؛ لأن هناك قرارًا بالذهاب الى عقد المجلس الوطني، ولن يتوقف عقده على رغبة هنا أو هناك؛ لأن الأمر لن يخضع لابتزاز أو أية اشتراطات من أحد مهما كان؛ فقرار الذهاب إلى عقد جلسة المجلس الوطني واختيار اللجنة التنفيذية الجديدة وطني، لا بد من إنجازه بأسرع وقت ممكن"، مؤكدًا أن "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، شاء من شاء، وأبى من أبى، وهذا الأمر غير خاضع لتفاوض أو لقاءات أو تقاسم.