لم يكن اختيار البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية لدير الأنبا بيشوي لكي يرقد فيه جثمانه عقب وفاته صدفة، بل جاء لما يتمتع به الدير من مكانة تاريخية ودينية نادرة؛ فهو سجل كامل لتاريخ الكنيسة المصرية وحاضن لكل رفات القديسين. ويمثل الدير الأشهر في مجمع أديرة وادي النطرون نموذجًا للتراكم التاريخي لأقدم وأهم تجمع ديني في مصر في أواخر القرن الرابع الميلادي. تأسس الدير تحت قيادة القديس الأنبا بيشوي كتجمع رهباني، ويشمل كنيسة الأنبا بيشوي وقلالي الرهبان وبئر مياه، وفي أواخر القرن الخامس الميلادي أثناء حكم الإمبراطور زينون أقام الحصن، وهو يتكون من ثلاثة طوابق، وفي القرن التاسع الميلادي أقيمت الأسوار الحالية للدير على مساحة حوالي 3 أفدنة، وفي القرن الرابع عشر الميلادي قام البابا بنيامين الثاني البطريرك بعمل ترميمات واسعة للدير؛ بسبب النمل الأبيض الذي عرض سقف الكنيسة للانهيار. وأكد الأنبا صرابامون، رئيس الدير، أن دير الأنبا بيشوي يضم بين جنباته أجساد القديسين، حيث يوجد جسد الأنبا ييشوي والأنبا بولا الطموهي في أنبوبة واحدة في المقصورة بالخورس الأول. كما يوجد جسد البابا بنيامين بالخوس الثالث بكنيسة الأنبا ييشوي. وفى الدير عدد من الكنائس المهمة، ومن بينها كنيسة الأنبا بيشوي، وتعتبر أكبر كنيسة في أديرة وادي النطرون وبها المذبح الرئيسي على اسم القديس الأنبا بيشوي، والمذبح البحري على اسم القديسة العذراء مريم، والمذبح القبلي على اسم القديس يوحنا المعمدان. كما يوجد بها ثلاثة خوارس، ويوجد أنبل للتعليم في الخورس الثاني، وكنيسة الشهيد أبسخيرون القليني، وبها ممر يؤدي إلى المعمودية المقدسة القديمة، ويوجد جزء من جسد الشهيد أبسخيرون في أنبوبة بداخل مقصورة في نفس الكنيسة، ويضم الدير كنيسة الأنبا بنيامينا البابا، وكنيسة الشهيد العظيم مار جرجس. وأضاف أنه يشمل بئر الشهداء، وهي التي غسل فيها البربر سيوفهم بعد أن قتلوا 49 من الآباء الرهبان القديسين في دير القديس مكاريوس الكبير أثناء غارتهم الثالثة على البرية سنة 444 م, وتذكار استشهادهم، كما يضم الدير الحصن الذي بني في أواخر القرن الخامس الميلادي أثناء حكم الإمبراطور ينون. واكد الدكتور بشارة عبد الملك، عضو المجلس الملي، أن البابا شنودة الثالث قام بتعمير دير القديس الأنبا بيشوي، فرسم له نيافة الأنبا صرابامون أسقفًا ورئيسًا للدير سنة 1975م، وأسس مقرًّا بابويًّا في الدير، يقضي فيه بضعة أيام أسبوعيًّا، وبفضل صلواتهما وعملهما الدائم زاد عدد الرهبان، كما اهتم بإنشاء قلالي (مساكن) للرهبان، ومكتبة للاطلاع، وحفر الآبار، وعمل الصهاريج لمياه الشرب، واهتم بالزراعة وتربية الماشية. وأنشأ مساكن للعمال، ووفر الرعاية الروحية والصحية لهم، وعمل عيادات وصيدلية وقصر بمنارة شاهقة ومضايف وبيوت خلوة للضيوف. كما تم بناء كاتدرائية كبيرة بالدير.