المنيا جمال عبد المجيد: في قلب مدينة المنيا، وبالقرب من كورنيش النيل، يقع أشهر مساجد محافظة المنيا وأعرقها تاريخًا، وأجملها بناءًا، إذ نجد مسجد العُمري أو كما يطلق عليه المواطنين «مسجد الوداع». بُني مسجد الوداع في عام 1439 ميلاديًّا، وفقًا لما جاء في المرسوم الضريبي من عصر السلطان جقمق، وهو عصر مملوكي جركسي، وكان يطلق عليه اسم مسجد الوداع لكثرة صلاة الجنائز به، إذ يقع المسجد بالقرب من النيل، فكان الأهالي يصلون على المتوفي ويودعونه داخل المسجد قبل العبور به من النيل إلى الجانب الشرقي، بينما سمي المسجد بالعُمري" أو العمراوي تيمنًا بمسجد عمر بن العاص. شيد «العُمري» على نمط المساجد الإسلامية الأولى، فيقع بابه الرئيس بالناحية الغربية، ويتكون من صحن أوسط مكشوف، تحيط به 4 أروقة، أكبرها رواق القبلة، وبه ملحقات مثل المقصورة والمئذنة ودورات المياه، وتحتوي واجهته على صفين من النوافذ، وجميعها على يمين المدخل الرئيس، بجانب صف من الشرفات المسننة. أبرز ما يميز المسجد كذلك أنه غير منتظم الأضلاع، فرواق القبلة يمثل مستطيلًا صغيرًا، يتعامد على مستطيل أكبر يمثل الصحن والأورقة الثلاثة، إضافة إلى أن أرضية المسجد منخفضة عن الشارع لارتفاع منسوب الشوارع حولها. وتتكون مئذنة المسجد من 3 طوابق، الأول منها مربع وبه دورة خشبية، والثاني والثالث، ثمانيان، وتعلو الأخير 4 قوائم، يتوسط المدخل الشمالي الواجهة البحرية للمسجد، وبها 3 نوافذ مستطيلة، يعلو كل منها دخلة مستطيلة بها نافذتان معقودتان. وتنقسم الجهة الشرقية للمسجد إلى جزءين، أحدهما خاص بالرواق الشرقي، وبه 4 دخلات مستطيلة أعلى الواجهة، والأخرى خاصة بالمقصورة، وتمثل الناحية الجنوبية واجهة رواق القبلة والمقصورة، التي يوجد بها 3 مستويات من النوافذ، وبالسفلى 3 فتحات مستطيلة، وتعلو النافذة الشرقيةوالغربية دخلة مستطيلة، وبكل جانب نافذتان مزخرفتان بعقود مدببة. وبصحن المسجد المكشوف تقع «المزولة»، وهي أداة توقيت نهاري، لا تتعدى كونها قطعة رخام يبلغ طولها 30 سنتيمترًا تقريبًا، وعليها عدة خطوط بها نقاط، تتوسطها عصا أفقية، ويتحدد موعد كل صلاة من طول ظلها الناتج عن وقوع أشعة الشمس على كل خط منها، وهو ما يدل على تقدم فن العمارة في العصر المملوكي، وحرص القائمين على المساجد على معرفة مواقيت الصلاة.