شيدت قلعة قايتباي بالإسكندرية، أحد الحصون المنيعة لمصر شمالا آنذاك، في نفس مكان المنار القديم، الذى يقع بنهاية جزيرة فاروس غرب المدينة، لتكسبها شهرة واسعة وقيمة أثرية عظيمة، يتردد عليها السائحون من مختلف الجنسيات الأجنبية. وأنشأ السلطان الأشرف أبو النصر قيتباي، القلعة بين عامي 882 و884 هجريا؛ نظرا لكثرة التهديدات المباشرة على مصر من قبل الدولة العثمانية، وسميت باسمه "طابية قايتباي"، وزاد من أهميتها، شحنها بالسلاح بعد اهتمام السلطان المملوكي قنصوة الغوري بها في أواخر عهد المملاليك. وأصبحت القلعة الملاذ الآمن لكل غزاة مصر والإسكندرية على مر العصور، فكانت شاهدة على الكثير من الحملات الحربية على مصر، منذ سقوط دولة المماليك والفتح العثماني لمصر، واستخدم العثمانيون القلعة مكانا لحمايتهم، فتعد بوابة الدفاع عن مصر بالساحل الشمالي، وتضمنت طوائف من الجند المشاة والفرسان والمدفعية. ومع ضعف الدولة العثمانية وإهمال تأمين القلعة بالمدفعية وفقد أهيتها الاستيراتيجية وقدوم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، تم الاستيلاء على قلعة قايتباي والإسكندرية، وأصبحت تحت سيطرتهم، وبهذا تمت السيطرة على مصر كلها من قبل الفرنسيين. وبعد تولي محمد علي باشا حكم مصر، مع بداية القرن التاسع عشر، اهتم كثيرا بقلعة قايتباي وتطويرها وتحصين سواحل مصر الشمالية، فشرع في تجديد أسوار القلعة وتزويدها بالمدافع الساحلية الجديدة، بالإضافة إلى بناء الطوابي والحصون التي انتشرت بطول الساحل الشمالي. وبعد الثورة العرابية، دمرت مدينة الإسكندرية، مع قدوم الاحتلال الإنجليزي، ضرب قلعة قايتباي وخربها وحدثت تصدعات كثيرة بها، وظلت على الحالة السيئة إلى أن استلمت لجنة حفظ الأثار الإسلامية عام 1904 القلعة ونفذت العديد من الترميمات والإصلاحات والتجديدات بها، واستندت اللجنة على الدراسات التي قام بها العلماء الفرنسيين على القلعة والتي نشُرت في كتاب وصف مصر. التصميم بنيت أسوار القلعة الخارجية على مساحة 17550متر مربع، وهى عبارة عن سوريين كبيريين من الأحجار الضخمة صممت خصيصا للحماية، فالسور الأول الخارجي يحيط بالقلعة من الجهات الأربع والضلع الشرقي من السور، يطل على البحر مباشرة، ويبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار وعرضه مترين، والضلع الغربي، عبارة عن سور ضخم سمكه أكبر من باقي أسوار القلعة، يتخلله ثلاثة أبراج مستديرة، ويعد أقدم الأجزاء الباقية، أما الضلع الجنوبي، فيطل على الميناء الشرقية ويتخلله ثلاثة أبراج مستديرة ويتوسطه باب، أما الضلع الشمالي، يطل على البحر مباشرة وينقسم إلى قسمين، الجزء السفلي منه، عبارة عن ممر كبير مسقوف بني فوق الصخر مباشرة به عدة حجرات. أما الجزء العلوي عبارة عن ممر به فتحات ضيقة تطل على البحر، أما الأسوار الداخلية بينت من الحجر وتحيط بالبرج الرئيسي من جميع جهته ما عدا الجهة الشمالية، ويوجد بداخل السور مجموعة من الحجرات المتجاورة، أعدت كثكنات للجند خالية من أي فتحات عدا الأبواب وفتحات خصصت للتهوية وأخرى للدفاع. ويقع البرج الرئيسي للقلعة بالناحية الشمالية الغربية من مساحة القلعة، وعبارة عن بناء من ثلاث طوابق تخطيطه مربع الشكل يخرج من كل ركن من أركانه الأربعة برج دائري يرتفع عن سطح البرج الرئيسي، وبني البرج بالحجر الجيري الصلد، ويوجد الطابق الأول مسجد القلعة الذي يتكون من صحن وأربعة إيوانات وممرات دفاعية تسمح للجنود بالمرور بسهولة خلال عمليات الدفاع عن القلعة، وكان للمسجد مئذنة، لكنها انهارت مؤخرا. والطابق الثاني، يحتوي على ممرات وقاعات وحجرات داخلية، ويضم الطابق الثالث حجرة كبيرة (مقعد السلطان قايتباي)، يجلس فيه لرؤية السفن على مسيرة يوم من الإسكندرية يغطيه قبو متقاطع، كما يوجد في هذا الطابق فرن لإعداد الخبز البري المصنوع من القمح، وكذلك طاحونة لطحن الغلال للجنود المقيمين في القلعة.