تصريحات تفاؤلية ودية تسبق زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى اليابان، توحي بقرب إنهاء الأزمة والصراع التاريخي بين طوكيووموسكو، لكن في الوقت نفسه، يرى العديد من المراقبين أن التوصل إلى حل حول الجزر المتنازع عليها بين الطرفين ليس بهذه السهولة، نظرًا لأنه صراع تاريخي شهد تعنتا روسيا ويابانيا وصل إلى اندلاع حرب بينهما في عام 1904. أجواء ودية تسبق زيارة تاريخية أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، عن رغبة بلاده في تطبيع العلاقات بالكامل مع اليابان، ووصف عدم وجود معاهدة سلام بين البلدين ب"مفارقة تاريخية"، قائلا في حديث لقناة "نيبون – تي في" اليابانية: نحن نريد تطبيعًا كاملًا للعلاقات مع اليابان، عدم وجود معاهدة سلام، هو مفارقة تاريخية ورثت من الماضي، ويجب إزاحة هذه المفارقة التاريخية. جاءت تصريحات الرئيس الروسي لتكسر أجواء الفتور السائد في العلاقات بين الدولتين، وسبقتها تصريحات مماثلة من رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، الذي أعرب الاثنين الماضي، عن استعداد بلاده لوضع حدّ للصراع في جزر الكوريل الجنوبية المتنازع عليها مع روسيا، قائلا خلال لقائه مع السكان السابقين لجزر الكوريل الجنوبية، قبيل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اليابان: أريد أن أجري المحادثات مع روسيا لوضع نهاية للمشكلة. التصريحات والأجواء الترحيبية والودية التي ظهرت مؤخرًا تأتي قبيل زيارة من المقرر أن يجريها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى اليابان يومي 15 و16 ديسمبر الجاري، والتي تم تأجيلها في عام 2014، لكن عاد الحديث عنها خلال لقاء جمع بين "بوتين" و"شينزو آبي" في فلاديفوستوك بداية سبتمبر الماضي، ليقرر الطرفان إتمام الزيارة في ديسمبر الجاري. استعدادات اليابان بعيدًا عن الأجواء السياسية الترحيبية، حاولت اليابان الاستعداد جيدًا للزيارة الروسية، حيث حظرت السلطات اليابانية طيران الطائرات من دون طيار خلال فترة زيارة الرئيس الروسي إلى العاصمة اليابانيةطوكيو، وقالت وزارة الخارجية، الإثنين، إنه بناء على قانون طيران الطائرات من دون طيار فوق المؤسسات الحكومية المهمة والبعثات الأجنبية، فإنه خلال فترة زيارة الرئيس الروسي سيفرض القانون على مناطق إضافية وعلى وجه الخصوص فوق مطار ياماغوتشي، حيث يتوقع عقد اللقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو ابي، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة بمركز الجودو في طوكيو، وأكدت الوزارة أن الطائرات من دون طيار لا تستطيع الطيران أقرب من مسافة 300 متر عن المواقع المغلقة، وسيمتد الحظر في الفترة ما بين 15 وحتى 16 من الشهر الجاري التي يتوقع خلالها زيارة الرئيس الروسي إلى اليابان. الصراع الروسي الياباني بدأ الصراع الروسي الياباني في عام 1904، بسبب جزر الكوريل، التي تمتد على مسافة تقرب من 1200 كم، وتأخذ شكل قوسين تفصل بحر اخوتسك عن المحيط الهادي، وتبلغ مساحتها الكلية 15.5 ألف كيلومتر مربع، وتعداد سكانها أكثر من 20 ألف نسمة، وتتألف من أربع جزر تقع بين شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية وجزيرة هوكايدو اليابانية، وتشكل الجزر سلسلتين متوازيتين هما السلسلة الكبرى والصغرى، وتضم السلسلتان 30 جزيرة كبيرة وعددًا كبيرًا من الجزر الصغيرة، وتُقسم الجزر إلى جزر الكوريل الشمالية وجزر الكوريل الجنوبية، وتتمتع بثروات كبيره من نفط وغاز ومعادن، بالإضافة إلي مخزونها الوفير من الثروة البحرية. جزر الكوريل كانت ولاتزال مثار أزمة بين الطرفين الروسي والياباني؛ حيث تطالب طوكيو بالجزر الجنوبية، وهي "إيتوروب" و"كوناشير" و"شيكوتان" و"هابوماي"، وتشترط إعادتها لعقد معاهدة السلام مع روسيا التي لاتزال مُعلقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، فيما ترى موسكو أن جزر الكوريل أصبحت جزءًا من الاتحاد السوفياتي السابق، وفقًا لنتيجة الحرب العالمية الثانية، ما يعني أن هذه الجزر تخضع للسيادة الروسية، وفق القانوني الدولي ولا يمكن التشكيك فيها. وفي نوفمبر الماضي، نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية ما يشير إلى أن وزارة الدفاع الروسية نشرت في جزيرتي إيتوروب وكوناشير منظومة صواريخ "بال" و"باستيون" المضادة للسفن، وستساعد هذه الصواريخ على حماية القواعد العسكرية البحرية الروسية والبنى التحتية الشاطئية، ما أعده الخبراء مؤشرًا إلى أن روسيا ستحتفظ بهذه الجزر ضمن حدودها، الأمر الذي احتجت عليه اليابان حينها، حيث أعلن وزير الخارجية الياباني، فوميو كيسيدا، أن بلاده أبدت احتجاجها لروسيا بسبب نشر المنظومات الصاروخية في جزر الكوريل الجنوبية، وقال "كيسيدا": آمل أنكم تفهمون أننا نعبر عن احتجاجنا. هل تحل زيارة بوتين الصراع؟ تولي طوكيو أهمية كبيرة للزيارة، على أمل تنمية العلاقات بين البلدين وإبرام معاهدة السلام وحل النزاع الإقليمي على جزر الكوريل، لكن السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، يرى أن حل الخلاف حول الأراضي بين روسياواليابان دفعة واحدة، مستحيل، حيث أكد المسؤول الروسي أنه سيكون هناك جولات أخرى من المفاوضات الصعبة والشاقة. وأضاف بيسكوف أمس الثلاثاء: قال بوتين إنه مستعد لمناقشة هذا الموضوع، الموضوع في فهم الجانب الروسي ليس سهلًا، من المستحيل حله بضربة واحدة، تاريخ هذه المسألة عميق بما فيه الكفاية، ولا يمكن أيضًا عدم أخذه بالحسبان، لذلك تنتظرنا مفاوضات شاقة وصعبة، وليس في جولة واحدة، لتقريب حل هذه المسألة، تابع: في هذه الحالة، فإن الإرادة السياسية لتطوير علاقاتنا في جميع المجالات الممكنة، وبالتالي خلق تلك القاعدة الصلبة والقاعدة المناسبة، التي سوف تسمح لحل هذه المشكلة المعقدة. وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اتفق مع بيسكوف بشأن صعوبة التوصل إلى اتفاق سلام بهذه السرعة، حيث قال خلال لقائه مع نظيره الياباني، فوميو كيشيدا، قبل أيام، إن من الصعب سد الفجوة في المواقف بين بلده واليابان فيما يتعلق بمعاهدة السلام بينهما، وأضاف أن تسوية الخلاف تتطلب عملًا شاقًا، ورفع سقف التوقعات بشأن تحقيق تقدم سريع في هذا الملف ليس عاملًا مساعدًا، وكرر الوزير الروسي أن بلاده متمسكة بالطرق السياسية لحل كل المشكلات مع طوكيو، وأشار إلى زيادة التعاون الاقتصادي بوصفه عاملًا مهمًا لنجاح المحادثات.