نقل مدافن وسط البلد.. محاولة بدأت منذ 16 عاما وانتهت بالفشل، لتعود وزارة المرافق والمجتمعات العمرانية بمحافظة القاهرة منذ أيام، إلى حديثها القديم في ثوبِ جديد؛ بدراسة نقل مدافن وسط العاصمة خارج المناطق السكنية، ضمن مشروع تطوير محافظة القاهرة تحت مسمى إعادة رونقها، والقضاء على العشوائيات. تعود قصة نقل مدافن القاهرة إلى عام 2000، عندما أصدر الدكتور عبد الرحيم شحاتة، محافظ القاهرة آنذاك، قرارا بنقل مقابر وسط البلد إلى خارج العاصمة، وكان يصل عدد الجبانات وقتها إلى نحو 100 ألف مدفن، على مساحة تقدر ب3 آلاف فدان، يقنها ما يقرب من 400 ألف مواطن. وقالت المحافظة وقتها، إن التنفيذ يستغرق 20 عاما، حتى تنتهي عملية نقل مقابر وسط البلد خارج العاصمة تماما، وقبل انتهاء عام 2004، تجمد المشروع برحيل المحافظ عن منصبه، ليظل قرابة الثلاثة أعوام خارج تفكير المحافظة، ومع بداية عام 2007، عاد المشروع من جديد، لكن من خلال وزارة الإسكان، بعدما أعلنت مخططا يختلف عن سابقه وأسمته "القاهرة 2050″، راصدة 20 مليون جنيه تم تخصيصها من الهيئة العامة للتخطيط العمراني بمشاركة عدة جهات محلية وعالمية، وتم توقيع مجموعة اتفاقيات مع عدد من الجهات المانحة تهدف إلى تقديم الدعم المالى والفني للمخطط، وشاركت فيه المعونة الدولية اليابانية، والبنك الدولي، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وبرنامج المستوطنات البشرية للأمم المتحدة. وفي عام 2008، أعلنت وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة عن تفاصيل خطة لنقل الجبانات، البالغ عددها 27، تقدر مساحتها الإجمالية ب2019 فدانا، إلى خارج المناطق العمرانية بالعاصمة، ضمن التخطيط العمراني 2020 لإعادة تخطيط العاصمة وتفريغ الأماكن غير الآمنة بوسط العاصمة وأطرافها، وخلخلة الأماكن العشوائية، بحجة تحويلها إلى مسطحات خضراء، وكان حينها الهدف الحصول على أراضي هذه المدافن لصالح رجال أعمال. أول خطوة أول خطوة فعلية لمحاولة نقل المقابر، كانت في عام 2009، بعدما بدأت محافظة القاهرة في نقل سكان عدد من المقابر إلى خارجها، ونقل المقابر نفسها، مثل مقبرة باب النصر الشهيرة بالقاهرة القديمة، وأعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس هيئة التخطيط العمراني، وقتها، عن تخصيص 17 ألف فدان في مدينة 6 أكتوبر وحلوان، لتكون مقابر بديلة عن مقابر القاهرة الكبرى، وأن هذه المقابر تقرر تحويلها إلى حدائق ومتنزهات ومراكز للحرف اليدوية والتراثية خلال السنوات القليلة المقبلة، ضمن مشروع «القاهرة 2050»، ووضع حينها مدة 7 سنوات لانتهاء المشروع، إلا أنه فشل في تنفيذ المخطط. وبعد مرور عدة أشهر على نقل عدد من المقابر خارج القاهرة، قال مركز شفافية للدراسات المجتمعية والتدريب الإنمائي حينها، إن وزارة الإسكان رسمت شكلا مختلفا للقاهرة، يوضح مدى الاستحواذ على هضبة الدويقة ومنشية ناصر وإلقاء فقرائها خارج العاصمة، وانتهاء مشهد مقابر القاهرة من مدينة نصر "أول طريق الأوتوستراد أمام نادي السكة الحديد" وحتي منطقة البساتين خلال 5 سنوات مقبلة، ليجري نقل جثث الموتي إلي طريق القاهرة العين السخنة. وذكر المركز وقتها، إن اتجاه الدولة يهدف لاستغلال جميع الأراضي المملوكة للشعب، سواء كانت في صورة مستشفيات أو شركات قطاع عام فشلت الحكومة في بيعها سابقا، للبيع لحساب شركات أجنبية ورجال أعمال مقربين للسلطة حينها، بغرض استغلالها في أنشطة تجارية وسياحية، ليحل محل الأحياء والأموات والمرضى، وماكينات المصانع والشركات وملاهي وفنادق ومساحات خضراء تخدمها، وتتحول هذه المناطق إلى منتجعات يحيا فيها الأثرياء داخل فيلات، إلا أن كل مخططات المحافظة توقفت عن عملية التنفيذ. وفي مارس 2010، عادت من جديد المطالبة بنقل المدافن مرة أخرى، بعد تولي محافظ جديد وهو الدكتور عبد العظيم وزير، محافظ القاهرة آنذاك، عندما كرر نفس السيناريو بأنه يتم دراسة مشروع لنقل المقابر إلي أطراف القاهرة بعد أن أصبحت الآن وسط المناطق السكنية، مشيرا إلى أن سكان الوحدات السكنية القريبة من المقابر سينتقلون إلى مساكن حضارية، ويتم تحويل مكان تلك الوحدات إلى مساحات خضراء مع الحفاظ على المساجد والأماكن الأثرية بالمنطقة. تكرر السيناريو للمرة السادسة في حكومة أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، الذي وافق على مخطط القاهرة 2050 لإدخاله عملية التنفيذ، إلا أن ثورة يناير 2011، تسبب في تجميد المخطط، وظل في طي النسيان حتى برز مرة أخرى في 2012، لكن تحت مسمى جديد حمل اسم "مصر 2052″، يهدف لإخلاء وسط القاهرة وتوزيع سكانها إلى المدن الصحراوية.