دمياط – بريهان محمد أصبحت صناعة الأحذية في دمياط، ذكرى يتندر بها الآباء لأبنائهم، ويرويها الجدود لأحفادهم، حيث تواجه المهنة العريقة شبح الاندثار، خاصة بعد انتشار المنتجات الصينية رخيصة الثمن. وبدأت مشاكل الصناع مع الانفتاح في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وصولا إلى حسني مبارك، حيث نافست الأحذية الصيني رديئة الخامة ورخيصة الثمن، الأحذية الدمياطي المصنوعة من الجلد الطبيعي لارتفاع ثمنها مقارنة بالمستورد، بالإضافة إلى دخول الميكنة الحديثة، وعدم وجود أجيال جديدة من صانعي الأحذية، حيث تقلص عدد العاملين بالمهنة إلى بضعة أفراد. بملابس بسيطة ووجه مبتسم، يجلس محمد فهمي على كرسي خشبي يتفنن في صنعته، التي عمل بها منذ صغره، ورغم متاعب المهنة، لكنها باتت جزءا من حياته اليومية، فكل يوم يصلي الفجر ويتناول إفطاره، ويهرول بعدها إلى ورشته، يبدأ عمله الذي طالما عشقه. ورغم معاناة المهنة، لم يفكر يوما في تركها، حتى في فترة الكساد بعد فترة الانفتاح الاقتصادي الذي بدأه السادات واستكمله مبارك باستيراد الأحذية من الصين، ما تسبب في كارثة حلت على رؤوس الآلاف من العاملين بالمهنة، حيث أغلقت أغلب ورش التصنيع، واضطررت لتسريح العمالة. «المهنة بتموت فعليا».. كلمات رددها فهمي بحصرة وألم، متخوفا من اندثارها لعدم دخول أجيال جديدة للمهنة، فكل صُناع الأحذية من الجيل القديم، حتى أبناءه رفضوا استكمال مسيرته، لكنه تمسك بأمل بقاء المهنة بمناشدة الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم صناعة الجلود ووقف الاستيراد من الخارج وخفض أسعار. وأكد تامر زكي، أحد العاملين بالمهنة، إن الصناعة باتت تواجه شبح الاندثار، ولن تعود مرة آخرى، مضيفا: «تعبنا وتعب أبائنا راح هدر بسبب قرارات غير مسؤولة بفتح الاستيراد من الخارج، ورغم شكواتنا مرارا وتكرارا، لكن دون جدوى»، متابعا: «سرحت كل ما لدي من عمالة، ولو ظل الوضع كما هو ساضطر لترك المهنة والعمل بأخرى». وقال محمد الزيني، رئيس الغرفة التجارية بدمياط ل«البديل»، إن حالة الركود طالت جميع المهن، والحال يسير وفقا للعرض والطلب، خاصة في ظل عدم وجود شعبة أحذية في غرفة دمياط. وصناعة الأحذية حرفة اشتهر بها أبناء دمياط منذ القدم حتى ذاع صيتها محليا ودوليا، وكانت دمياط إحدى أهم المصدرين لدول قارتي آسيا وإفريقيا، خاصة في أعقاب الحرب العالمية، حتى تجاوز عدد العاملين بالحرفة أربعة آلاف.