صناعة الأحذية اليدوية حرفة اشتهرت بها محافظة دمياط في أعوام كثيرة مضت، ولكن مع اختلاف الظروف والأجواء المحيطة بتلك الحرفة أصبحت تحتاج التدخل السريع لحمايتها من الانقراض، وأصحاب تلك المهنة في حاجة شديدة إلي من ينظر إليهم فأصبحوا علي هامش الحياة ولا أحد ينظر إليهم، ودمياط كانت المحطة الأولى لتصدير الأحذية للخارج، إلا أنها تلاشت وأصبح عدد العاملين بها لا يتجاوز عدد أصابع اليد بخلاف ما كانوا عليه في السابق، حيث كان يزيد عددهم على 30 ألف عامل.. «الوفد» رصدت الأزمة.. في البداية يقول الرفاعى بشتو، أقدم مصنعي الأحذية بمدينة فارسكور، أعمل في مهنة صناعة الأحذية من خمسين عاماً، وأن المهنة كانت بخير، كان لها مكانة كبيرة، وكانت تعود على المحافظة بدخل كبير وكان فيه نقابة لصناعة الأحذية بدمياط منذ 50 عاماً، وكان لها كارنيه عضوية، وأيضاً كان يوجد في كل شارع أربعاً أو خمساً محلات صغيرة خلاف المحلات الكبرى التي كانت أشبه بالمصانع ولكن بعد الانفتاح بدأت المهنة في تدهور بشكل واضح، لأن معظم الناس بدأوا يشترون من المصانع الجاهزة ومن المستورد، وهكذا.. وكانت الضربة القاضية لهذه المهنة عام 2005 حيث انهار عدد كبير من الورش والمحلات التي أغلقت تماماً وأصبح أهلها عاطلين بدون مهنة ويرجع هذا إلى أن الدول تقوم بتصدير 80٪ من ناتج الجلود إلي الهند ولا يتبقى للدولة إلا 20٪ فقط وأن معظم الجلود الباقية استيراد صينى وأيضاً أثرت علي الصناعة، ولذلك نجد الأحذية اليدوية غالية. وعن الأحذية الباقية لأن تلك الأحذية مصنوعة من المشمع، بل لصق وليست خياطة وأسعارها تبدأ من 20 جنيهاً لكن الجلد الطبيعى أسعاره تبدأ من 150 جنيهاً، فنجد أن اليدوى أصلح بكثير وناشد المسئولين دعم صناعة الجلود ووقف الاستيراد من الخارج وخفض أسعار الخامات وفتح أسواق جديدة خاصة بعدما عزف الجميع عن العمل بالمهنة، وبملامح حزينة: يقول شلبى الرفاعى رغم عملى بمهنة تصنيع الأحذية قبل ثلاثين عاماً إلا أننى لم أشعر باليأس كما شعرت به مؤخراً، مشيراً إلى أن فئة مصنعي الأحذية كانت تعد أغنى فئة والآن تدهور وضعى وبت أعمل لدي الناس بعدما كنت صاحب ورشة. وتعد صناعة الأحذية حرفة اشتهر بها أبناء دمياط منذ القدم، ومع مرور السنوات وبعد أن ذاع صيت المنتج الدمياطى محلياً ودولياً باتت المحافظة أحد أهم المصدرين لدول قارتى آسيا وأفريقيا خاصة في أعقاب الحرب العالمية حتى تجاوز عدد العاملين بالحرفة أربعة آلاف صانع. وتميز الحذاء الدمياطى بمتانته وجودته ولكن سرعان ما تراجعت تلك المهنة في التسعينيات بسبب إدخال الميكنة الحديثة التي أدت لتقليص عدد العمالة وفتح باب الاستيراد من الخارج وعدم تطوير المهنة. وأضاف سالم حسانين: أعمل في صناعة الأحذية اليدوية منذ أكثر من 15 عاماً حيث تركت صناعة الحلويات للعمل بتلك الصناعة لأن عائدها المادى في تلك الفترة كان مجزياً جداً، وأفضل من عائد أي مهنة دمياطية في ذلك الوقت، لكن مع بداية التسعينيات تحول الحال إلى النقيض واقتربت المهنة من الانقراض داخل المحافظة وبعد أن كان عدد الورش أكثر من عشرة آلاف ورشة ومصنع يعمل بها أكثر من خمسين ألف عامل في تلك الفترة أصبح حالياً عدد الورش لا يتعد أصابع اليد الواحدة وهجرها عمالها وذهبوا إلي تعلم مهن أخري، حيث كان عدد ورش صناعة الأحذية لدمياط يفوق عدد معارض وورش الأثاث بمراحل كثيرة وكنا نقوم بعمل معارض للأحذية الدمياطية في جميع أنحاء الجمهورية فضلا عن الاشتراك في بعض المعارض الدولية. وناشد محافظ دمياط الدكتور إسماعيل عبدالحميد طه بخفض أسعار المواد الخام ومنع استيراد المنتجات الصينية رخيصة الثمن التي أغرقت الأسواق برغم رداءتها بالمقارنة بالمنتج الدمياطي ودعم صناعة الجلود ووقف الاستيراد من الخارج وفتح أسواق جديدة. وأعرب محمد شلبي صاحب محل تصنيع أحذية: ورثت المهنة عن والدي وتعلمتها علي يده وبالنسبة لصناعة الجلود، فقد تدهورت في دمياط بسبب عدم وجود الصنايعية مثل المكانجي الذي قل عددهم أو انعدم علي وجه الدقة وأصبحت الصناعة بالفعل خارج المحافظة في مناطق العاشر من رمضان وذلك لتوافر الصنايعية والعاملين به وممن يحرصون علي اتباع الموديلات الحديثة ولتوافر أيضا المكانيات والدقة ولم يبعد من يرغب تعلم فن هذه الصنعة وذلك بسبب أنها مهنة صعبة وغير مربحة كما أن الجلد الصناعي له الغلبة وليس الطبيعي لأن المدابغ لم يعد إنتاجها كما كان من قبل كما أن المطلوب أكثر ولم يستطيعوا تغطية كل الاحتياجات وحاليا غلبت الجلود الصينية لأنها ليست مكلفة ولكن من أشهر عيوبها أنها لا يوجد بها مصنعية والمتانة ويجب أن تدعم الدولة هذه الصناعة وتوفر الجلود الصناعية وإعداد مراكز تدريب لخريجي المدارس الصنايعية لتدريبهم علي صناعة الأحذية والجلود وأيضا بمساعدة الصندوق الاجتماعي.