يعتبر الشيخ علام سلامة أحد رموز مصر الفكرية الذين لم ينالوا حقهم بالقدر الكافي، على الرغم من علمهم الذي أثرى عقول العظماء من أدباء مصر، ومنهم عميد الأدب العربي طه حسين والشاعران أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. حبه وغيرته على اللغة العربية كانا دافعًا له لأن يصحح أخطأ أدباء نعتبرهم نحن اليوم روادًا في مجال الأدب، حيث ناقش الشيخ سلامة الدكتور طه حسين في رسالة الدكتوراه التي تقدم بها، وهي أول دكتوراه يتقدم بها مصرى وتتم مناقشتها فى جامعة مصرية، وكانت فى أدب أبي العلاء المعري. ومن فرط تقييمه لعميد الأدب العربي قال عنه في كتابه "من بعيد" و "الأيام": "عجبت لمن ليست له دكتوراه ويمتحنني في الدكتوراه، ولكن يزول عجبي عندما لا أجد من يمنح أستاذي علام سلامة دكتوراه"، ويضيف أديبنا: "كاد أستاذي علام سلامة يبتلعني، غير أني كنت عسير الهضم". ومما يروى عنه أيضًا أن أمير الشعراء كتب قصيدة أهداها للشيخ علام، وقال فيها: وقى الأرض شر مقاديره.. لطيف السماء ورحمانها ونجى الكنانة من فتنة.. تهددت النيل نيرانها فما كان من الشيخ سلامة إلا أن غضب من شوقي، مطالبًا إياه ألا يصف مقادير الله بالشر، حتى لو أصابت الإنسان بالكرب، وطلب منه أن تكون الأبيات على النحو التالي: وقى الأرض شرا مقاديره.. لطيف السماء ورحمانها ونجى الكنانة من فتنة.. تهددت النيل نيرانها حب الشيخ للغة لم يتوقف عند هذا الحد، بل اكتوى بنار حبه لها أيضًا شاعر النيل حافظ إبراهيم، عندما ترجم رواية "Les Miserables" أو "البؤساء" للمؤلف فيكتور هوجو، وأرسل نسخة منها للشيخ علام سلامة، وقال في مقدمتها: "إلى أستاذنا الشيخ علام سلامة. نسأل الله منه السلامة.. المخلص حافظ"، فما كان منه إلا أن رد عليه بأن عنوان الكتاب يحتوي خطأ لغويًّا، حيث أوضح لشاعر النيل أن البؤساء جمع بئيس وهو الإنسان الذي لا تعرف الابتسامة طريقها إلى شفتيه أبدًا، وقد يكون في هذه الحالة غنيًّا، وهذا لم يقصده المؤلف هوجو، موضحًا له بضرورة أن يكون عنوان الرواية "البائسون". ولد الشيخ سلامة عام 1877 بقرية العقال البحري مركز البدارى محافظة أسيوط، حيث تعلم القراءة والكتابة بكتاب القرية؛ لينتقل بعده إلى القاهرة؛ لإكمال تعليمه الأزهري، ويلتحق بمدرسة دار العلوم، ويتخصص في تدريس الأدب العربي المقارن والأدب الأندلسي. يعتبر كتاب "معراج البيان" من أهم الكتب التي أنتجها الشيخ سلامة، ولغزارة علمه منحه الملك فؤاد الأول عام 1925 نيشان النيل العظيم (يعرف حاليًّا باسم قلادة النيل العظمى أو وشاح النيل)، وفي أغسطس عام 1937 رحل شيخنا عن عالمنا بعد ستين عامًا قضاها في خدمة اللغة العربية.