منذ تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة قبل ثلاث سنوات، كان يأمل المدافعون عنه في الغرب، بقيادة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، انه سيبدأ إصلاحات اقتصادية لإنعاش الاقتصاد المصري، حيث الرخاء المتزايد من شأنه أن يساعد على استقرار مصر بعد سنوات من الاضطراب. وأثناء حدوث ذلك، يمكن التغاضي عن القمع الوحشي الذي يمارسه السيسي ضد المعارضة في البلاد. على مدى ثلاث سنوات تجاهل الجنرال السابق دعوات السيد كيري والمستشارين الغربيين الآخرين. هو أهدر عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها المملكة العربية السعودية وحلفاء خليجيين آخرين في مشاريع ضخمة عديمة الجدوى. وفي غضون ذلك، أدار أقسى حملة عنف ضد المعارضة في التاريخ الحديث للبلاد، حيث لم يسجن فقط معارضيه من الإسلاميين بل كذلك من الليبراليين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني. الآن السيسي يحتضن الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي. هو لم يكن لديه خيار، حيث قطعت السعودية أموالها السخية، وانتشرت تداعيات نقص العملة الأجنبية في الاقتصاد المصري، فعدد من المواد الغذائية الأساسية مثل السكر وزيت الطهي بدأت تختفي من المحلات التجارية. هذا الشهر قامت الحكومة بتعويم العملة، مما أدى إلى انخفاض في قيمة الجنية المصري بأكثر من 50% وخفض دعم البنزين. وقد استجاب صندوق النقد الدولي بالموافقة على برنامج تمويل 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات. كان كيري سريع بالثناء قائلا في بيان: "اتخذ القادة المصريون القرارات الصعبة اللازمة لنقل البلاد نحو الازدهار". يبدو أن الإدارة الامريكية تراهن على أن السيد السيسي سيثبت أنه واحدا من هؤلاء القادة النادرين – مثل رئيس تشيلي، أوجستو بينوشت – الذين تمكنوا من تحرير وتحديث اقتصادات بلدانهم أثناء انخراطهم في القمع الدموي. لكن يبدو أن هذا الرهان بعيد المنال، نظرا للأمية الاقتصادية للرئيس السيسي، والفساد الواسع المستشري في نظامه، بالإضافة إلى تاريخ مصر من الانتفاضات الشعبية ضد تدابير التقشف. وكانت الحكومة المصرية قد نجت من اختبار 11 نوفمبر عندما فشل المواطنون في الخروج بشكل جماعي في الاحتجاجات التي دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين. لكن استجابة النظام لم تكن الاسترخاء. بدلا من ذلك، بدأت تسريع تمرير قانون جديد عبر البرلمان من شأنه أن يدمر ما تبقى من جماعات المجتمع المدني المستقلة، حيث يمكن حظر أي جماعة على أساس نشاطها "يتعارض مع الأمن القومي" والسجن لمدة خمس سنوات على أي شخص يتعاون مع منظمة أجنبية أو يجري استطلاعات رأي دون موافقة مسبقة. القمع الشديد وإنهاك الكثير من المصريين بعد نحو ست سنوات من الاضطرابات قد ينقذ الرئيس السيسي على المدى القصير من اندلاع اضطرابات. دبلوماسيا، هو من المرجح أن يحصل على دعم من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أقوى من الذي حصل عليه من السيد كيري. لكن من غير المحتمل أن الرجل القوي في مصر يمكن أن ينجح في تحقيق استقرار الاقتصاد المصري بينما يخنق المجتمع المدني. الرهان عليه من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة من غير المرجح أن يؤتي ثماره. افتتاحية واشنطن بوست