لأكثر من عقدين من الزمن، تكافح روسيا لاستعادة نفوذها الاقتصادي الذي كان وقت الحقبة السوفيتية بالقارة الإفريقية، لكن ضربت هذه الجهود بحجر عثرة لعدم كفاية المعرفة الصحيحة للاستثمار والإمكانيات الاقتصادية في إفريقيا. المشكلة الحقيقية التي تواجه روسيا أنها تفتقر إلى معرفة الفرص الاستثمارية بالقارة، مما يحجم مشاركتها الاقتصادية، لكن هذا السبب ليس الوحيد في تحجيم مشاركة روسيا، بل تبقى المشكلة متمثلة في أن هناك قطاعات كاملة من الاقتصاد في إفريقيا لا يصلح لروسيا المشاركة فيها، وعلى سبيل المثال نجد السلع الاستهلاكية في إفريقيا لا تستطيع روسيا اقتحامها، وتتضاءل فرص مشاركتها بجوار الصين التي تعلم جيدًا السلع التي تحتاجها كل دولة إفريقية وتعرف جيدًا أيضًا كيفية توفيرها. قال موقع بامبزوكا نيوز الزيمبابوي: الاستثناءات الوحيدة في مشاركة روسيا للقارة، هي نقاط القوة التقليدية لروسيا منذ الحرب الباردة، وقبل أن ينهار الاتحاد السوفيتي، والمتمثلة في البنية التحتية والمواد الخام والطاقة، والذي أخذ في التضاؤل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي نتيجة لفشل روسيا في تطويرها وتنويعها. كما أن الانهيار الاقتصادي الذي أصاب الاتحاد السوفيتي وقت انهياره أثر في مشاركة موسكو مع إفريقيا جنبًا إلى جنب مع غيرها من المناطق، في حين أن روسيا وجدت لها مكانًا جديدًا في العالم، ونشرت بعثاتها الدبلوماسية في الخارج، وركزت مواردها على بلدان بعينها، واعتبرت ذلك أمرًا ضروريًّا لبقاء كيانها، أما في إفريقيا فحتى السفارات التي نشرتها روسيا في جميع أنحاء القارة، والتي سبق وأن عملت بسخاء وقت الحرب البارده، أغلق منها الكثير وقطع نشاطة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما تم قطع البرامج العسكرية والتعليمة وغيرها من المساعدات للدول الإفريقية أيضًا، لكنها لم تختف تمامًا، ولكن تقلصها وتحجيمها أثر بالسلب على الوجود الروسي داخل القارة. ونتيجة لذلك توقفت الخبرة الروسية والمشاركة مع إفريقيا، في نفس الوقت بالضبط الذي بدأت الصين بسرعة في زيادة الاستثمار وتكثيف وجودها داخل القارة. جهود موسكو الأخيرة لتصحيح المسار شعرت موسكو مؤخرًا بأنه قد فاتها الكثير تجاه إفريقيا وأن الصين ملأت الفراغ الذي تركه الاتحاد السوفيتي، وأصبحت قوة كبرى في وجه الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية الاستعمارية القديمة، واستفاقت موسكو في الآونة الأخيرة وتسعى لتصحيح المسار واللحاق بركب الدول المتنافسة داخل إفريقيا، من خلال تقوية علاقتها مع الدول الإفريقية وكذلك بأمريكا اللاتينية على حد سواء؛ لإيجاد واستغلال الفرص التجارية، وتعزيز ودعم دول العالم الثالث في مواجهة مكثفة أكثر من أي وقت مضى ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا. أما الجانب الأكثر بروزًا في مشاركة روسيا لإفريقيا، يتمثل في العلاقات القوية التي أقامتها مع جنوب إفريقيا، ومن المثير للاهتمام أن روسيا أصبح لديها أكثر من 40 سفارة ومقرًّا دبلوماسيًّا وبعثات تجارية خاصة لتسهيل التجارة والاستثمار بعدد من البلدان الإفريقية، ورغم ذلك فقد واجهت صعوبات في المشاركة الاقتصادية على مر السنين. مشكلات تطوير العلاقات الروسية الإفريقية نشرت وزارة الخارجية الروسية نص خطاب لنائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف على موقعها الرسمي في يوليو 2013، والذي سلط الضوء على المشكلات القديمة نفسها التي تواجه تطوير العلاقات بين روسيا وإفريقيا في دورة المنتدى الاقتصادي بين الاورال وإفريقيا في يكاترينبورغ. وقال: يجب أن أعترف بأنه خلال فترة عملي للعمليات التجارية للشركات الروسية في إفريقيا كان لدينا تقصير في قدرتنا على التصدير للقارة الضخمة الغنية بالموارد الطبيعية الهائلة. وتابع الموقع أنه بطبيعة الحال هناك واحدة من العقبات التي كانت أمام روسيا، وهى أن العملاء الأفارقة ومجتمع رجال الأعمال الروسي ليسا على علاقة حقيقية، حيث إن الأفارقة ليسوا على علم كاف بقدرات الشركاء الروس المحتملين. وأضاف أوول أفريكا أن المهمة الرئيسة أمام روسيا الآن هي التحول إلى نهج أكثر شمولًا، باستخدام الشبكة الإقليمية الواسعة من غرفة التجارة الروسية، كما ينبغي توفير الأعمال الروسية مع معلومات كاملة عن التنمية الاقتصادية في البلدان الإفريقية واحتياجاتها؛ من أجل إنشاء علاقات إفريقية روسية مستمرة، وإقامة حوار تجاري متبادل للمنفعة الإفريقية. وأشار إلى أنه على مدى السنوات الماضية بذلت روسيا عددًا قليلًا من الجهود لإحياء التعاون الاقتصادي العام، كما أن وسائل الإعلام الروسية التي تم إرسالها لإفريقيا كان قليل جدًّا، ويجب تكثيف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية الروسية داخل القارة، وبذل جهود كبيرة لرفع مستوى المعرفة المتبادلة، التي يمكن أن تحفز الاهتمام وتؤدي إلى زيادة التفاعل الاقتصادي. وأوضح الموقع أن تكثيف الاتصالات غير السياسية قد يسهم في زيادة الفائدة، لكن في حالة روسيا، فهناك محركان رئيسان لأي تعاون هما القائمان على المصالح السياسية للدولة والمصالح الاقتصادية الكبيرة للشركات، لكن العقبة الكبرى أيضًا التي تقف أمام روسيا هي ندرة المعلومات الاقتصادية الحيوية لإفريقيا، خاصة أن وزارة الخارجية الروسية، قسم الصحافة والإعلام، يمكن أن يمنح الاعتماد لعدد قليل من الصحفيين الأفارقة للعمل في روسيا، بل الأخطر من ذلك أنه في معظم الأحيان يلجأ الخبراء السياسيون للقادة الأفارقة ومديري الشركات التجارية إلى الاعتماد على تقارير وسائل الإعلام الغربية لمعرفة التطورات في روسيا. وأكد أنه على السلطات الروسية أن تعترف بأن وسائل الإعلام لها دور كبير للعب في أي دولة، وبالتالي تكرار تبادل الزيارات بين الصحفيين الروس والأفارقة، وكذلك النشر المنتظم للتقارير الاقتصادية والتجارية يمكن أن يساعد في صناعة الوعي بالأعمال العامة وزيادة رفع مستوى العلاقات بين البلدين بشكل ملموس. ورغم أن روسيا أعلنت في عام 2013 رسميًّا تعزيز العلاقات مع إفريقيا كهدف أساسي من أولوياتها، وأدلى بذلك المسؤولون الروس في بياناتهم بأن إفريقيا هي «في صلب السياسة الخارجية لروسيا» إلَّا أنه لم يتم إثبات ذلك عن طريق الأنشطة العملية المنهجية، وتطوير العلاقات بين روسيا وإفريقيا، والواقع يقول إن روسيا لا تمتلك علاقة حالية قوية مع إفريقيا يمكنها أن تتفاخر بها.