صناعة الأختام اليدوية.. حرفة تتطلب دقة فائقة في عملها، خاصة أنها تحتاج إلي كتابة عكسية ليظهر الاسم معدولاً علي الورق أو في المرآة، وبإصرار عجيب يقبض صانع الأختام بيديه على قطعة مستديرة من النحاس لا يتجاوز قطرها 2 سنتيمتر وقطعة خشبية يطلق عليها "الملزمة" وأخرى من الصلب يطلق عليها "القلم". وبسبب التطور التكنولوجي الذي طغى على جميع جوانب الحياة وأثر بالسلب على جميع الصناعات والحرف اليدوية، تصارع صناعة الأختام اليدوية وجودها على الساحة، ويقل الإقبال عليها ويشكو أصحابها من قلة زبائنهم. وتعتبر الكتابة علي الأختام النحاسية القديمة من المهن التي تكاد تندثر؛ لأن كبار السن من يقتنوها فقط، لكن في ظل الاعتراف المستمر حتى الآن من الجهات الحكومية والمصرفية، تبقى المهنة تفرض نفسها على استحياء. القابضون على المهنة عدد قليل، على رأسهم علاء السيد محمد، 30 عاما، والحاصل على بكالوريوس تربية رياضية بتقدير عام جيد جدا دفعة 2007، يقيم في مدينة طهطا، توارث المهنة عن أبيه، ولا يرغب التفريط فيها بأي حال من الأحوال ، ويعتزم أن توريثها لأولاده، بجانب شهاداتهم العلمية التي يحصلون عليها في المستقبل. ذكريات صانع الأختام عن جده وأبيه، ما زالت مسيطرة عليه، ففي صغره، كان التزاحم والإقبال عليهم من مواطني القرى والنجوع، بل والمراكز المجاورة، رغبة منهم في الحصول على ما يثبت هويتهم في توقيعات البيع والشراء والمعاملات المختلفة من صرف حوالات بريدية أو بنكية أو معاشات، وكيف كان جده وأبيه لا يفقدان ابتسامتهما في وجه زبائنهما رغم مشقة العمل وحاجته الملحة للتركيز المستمر. التزاحم تضاءل مع مرور الزمن؛ لارتفاع نسب التعليم بين الشباب والفتيات من الجنسين، كما أن ظهور الأختام الحديثة التي يتم صناعتها من البلاستيك باستخدام الكمبيوتر والأدوات الحديثة، عوامل ألقت بظلالها على نسبة المقبلين على الحرفة، التي باتت تعاني كسادا ملحوظا يظهر جليا في جلوسه وحيدا أمام مكتب بريد مدينة طهطا الرئيسي في انتظار الزبائن.