جمعيات خيرية تتدخل لحل الأزمة و«الصحة» ترفض المرضى: بنتعذب بجلسات الغسيل ومن غيره هنموت.. ارحمونا عم فوزي محمد.. رجل ستيني لا تفارق الابتسامة وجهه، كان يعاني من آلام حادة ومغص شديد بمعدته، فوجئ قبل شهرين عقب إجراء التحاليل والفحوصات الطبية اللازمة له بمستشفى الريان بالمعادي، أن الطبيب المعالج له يخبره بإصابته بالفشل الكلوي، ومن ثم لابد من خضوعه لجلسات الغسيل الكلوي ثلاث مرات أسبوعيًّا. تقبلت العائلة نبأ إصابته بالفشل الكلوي بصدر رحب ورضا بقضاء الله وبلائه، وصار يواظب على جلسات الغسيل الكلوي ويسدد 140 جنيهًا كل جلسة، لكن قبل أيام فوجئ عم فوزي ونحو 160 مريض كلى آخر متواجدين معه داخل وحدة الغسيل الكلى التابعة للمستشفى، بقرار صادر من قِبِل الإدارة بضرورة البحث عن مكان بديل قبل نهاية العام الجاري؛ لعدم وجود فلاتر للكلى أو مستلزمات طبية خاصة بالمرضى. يقول عم فوزي في أسى شديد وضعف واضح: مؤسسة مرسال الخيرية التي تهتم بالمرضى حين علمت بالأزمة ونقص الفلاتر الخاصة بمرضى الغسيل الكلوي بالمستشفى، أخبرت إدارة المستشفى بتأجير وحدة الغسيل الكلوي وتوفير النواقص والفلاتر المطلوبة للمرضى، لكن إدارة المستشفى رفضت ذلك، معقبًا: «يعني لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تنزل، احنا بنتعذب بالغسيل ومن غيره هنموت.. ارحمونا». «على المرضى الموجودين بالمركز إيجاد مكان بديل اعتبارًا من بداية شهر ديسمبر القادم؛ لعدم توافر أي مستلزمات طبية للغسيل الكلوي».. كانت تلك واحدة من عشرات التحذيرات الموجهة لمرضى الغسيل الكلوي بمستشفى الريان ونحو 20 مركزًا آخر للكلى بالقاهرة ومختلف المحافظات، بعد أيام قليلة من صدور قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه مقابل باقي العملات الأجنبية، وتحرير سعر صرف الدولار والتي تطالبهم بسرعة البحث عن مكان بديل . وتسبب قرار البنك المركز بتعويم الجنيه في إغلاق أكثر من 20 مركزًا للغسيل الكلوي بالعديد من المحافظات، آخرها مراكز الصف والعجايبي بحلوان وإطسا ومغاغة بالمنيا، وعدد من المراكز الأخرى الرئيسة ببعض المحافظات وسط وغرب الدلتا. وبعد أيام يتوقف العمل داخل أقسام الغسيل الكلوي بالمراكز والمستشفيات ببعض كما في طنطا وحلوان؛ لعدم وجود كبسولات بيكربونات الصوديوم التي تشغل أجهزة الغسيل الكلوي، وبعد مخاطبة عدد من شركات الأدوية لمعرفة أسباب الأزمة، أعلنت عدم وجود أي توريدات للمستلزمات الطبية منذ منتصف سبتمبر الماضي. ورفعت وزارة الصحة أسعار جلسات الغسيل الكلوي بعد قرار الوزير الدكتور أحمد عماد الدين، بناء على طلب من الدكتور أحمد محيي القاصد، رئيس قطاع الطب العلاجي بالوزارة الخاص برفع أسعار جلسات الغسيل الكلوي بنفقة الدولة وكل المراكز الخاصة، من 140 جنيهًا إلى 250، والألبان الصناعية بنسبة 45% والخيوط الجراحية ب40%، وكذلك رفع أسعار القطن والشاش والسرنجات وأجهزة نقل الدم بنسبة 50%؛ لتتمكن المراكز كافة من العمل بكامل طاقتها من جديد بحسب محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، الذي وصف ما يحدث بالجريمة مكتملة الأركان، وتهدد نحو 65 ألف مريض كلى. وبدلًا من أن يعلن الوزير تشغيل المصنع المصري لتغطية النقص الكبير في الفلاتر الخاصة بمرضى الغسيل الكلوي في ظل أزمة الدولار، أعلن عن حل أزمة الفلاتر بالاستيراد من ألمانيا، حسبما ذكرت الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، وأضافت أننا نشكو لأن الاستيراد أكثر من الإنتاج، ونشكو من انهيار قيمة الجنيه أمام الدولار، ونشكو من ارتفاع تكلفة المستلزمات الطبية، ونذهب لصندوق النقد للبحث عن قروض وعن تشجيع للاستثمار، ونحن ندفع المصانع العريقة الموجودة فعلًا للإفلاس، وفي الوقت ذاته تعاني شركة النصر للكيمائيات الدوائية من أن لديها مكان جديد لإنتاج فلاتر الغسيل الكلوي كلف الشركة ملايين الدولارات لاستيراده وتركيبه ومازال معطلًا حتى الآن؛ لأن وزارة الصحة لم تمنح للشركة الترخيص اللازم لبدء الإنتاج. في المقابل استطاع الجيش أن يستورد أجهزة ومستلزمات طبية ب3 مليارات يورو، عبر مناقصة «برلين» من خلال هيئة الإمداد والتموين التابعة لجهاز المشروعات الوطنية بالقوات المسلحة، بمشاركة وزارة الصحة المصرية للمستشفيات المصرية، خلال شهر أو شهرين، وتشتمل على بعض المستلزمات الطبية النوعية كفلاتر الكلى والأشعة ومستلزمات المعامل الطبية، بحسب محمد اسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية، والذي أضاف أن القيمة التقديرية لمناقصة برلين تصل إلى 4 مليارات يورو تم تخفيضها إلى ثلاثة فقط أي نحو 55 مليار جنيه.