في الوقت الذي تسجل فيه ثورتنا المصرية صفحات من نور تتميز عن نظائرها في بلاد العالم بداية من ثورة 25 يناير ووصولا إلي أوج مجدها في الثلاثين من يونيو عندما خرج الشعب بمساعدة الجيش والشعب وخلعوا حكم الإخوان إلي غير رجعة وخلصوا الوطن من أعداء الداخل بعد أن فضوا اعتصامات وإجرام الجماعات الإرهابية في ميدان النهضة ورابعة وغيرها من المدن المصرية وما تحمله الوطن علي أيدي هؤلاء من إجرام ممنهج ومخطط من أعداء الخارج، ومع تصدي الدولة لكل المظاهر الإرهابية من قتل وتخريب وحرق لكل مقدرات الوطن بل ومع تربص أعداء الداخل ومحاولتهم المستميتة لفرض قوة إجرامهم علي الدولة وتهديدها مقابل رجوعهم للسلطة مرة أخري بل ومع نجاح الدولة لاستعادة هيبتها من قبضة هؤلاء ونجاحها في القبض علي قياداتها المجرمة تباعا اكتشفنا أن هؤلاء ليسوا وحدهم في كل ما يفعلوه بل اكتشفنا أن هناك دولا عظمي وقيادات وتنظيمات إرهابية كانت تقف وراءهم وتمدهم بالأفكار والتمويل والأسلحة يستهدف منطقة الشرق الأوسط لإحداث الفوضي فيه ومن أهم بلدانه كانت مصر التي كانوا يعدونها عن طريق الجماعات الدينية بها لتكون مسرحا لإنجاح هذا المخطط. ومنذ تصدينا ونجاحنا في إزاحة هؤلاء عن الحكم كانت هناك محاولات مستميتة بذلت من مساعي ووساطات لوفود ممثلي الدول الغربية وأمريكا إلي مصر كان الهدف من ورائها إرجاع الإخوان إلي الحكم دون احترام تلك الوفود لإرادة الشعب المصري وظهرت للعيان علي أنها تدخل سافر في شئون الدول التي تسعي إلي تصحيح مسيرتها بدافع من مصالحها وبسطا لإرادتها، ولما فشلت تلك الدول عن لي ذراع الدولة المصرية وجيشها العظيم أصيبت تلك الدول بحمي هستيرية وأقامت الدنيا وأقعدتها وصنعت بحيلها عداءات لا تقوم علي مبرر ولا تملك أساسا أو دليل فمنهم من بكر بانعقاد مجلس الأمن كتركيا وأمريكا دون أن ندري علي ماذا؟ ومنهم من دعا الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وانجلترا لانعقاد الاتحاد الأوروبي ليتخذ من مصر موقفا عدائيا يمكنه من تدويل قضيتها في الأممالمتحدة وإصدار قرارات عقابية ضد مصر تقوم علي افتراءات وحقائق مغلوطة وتدخل في شئون الدول الهدف الحقيقي منه هو وقوف تلك الدول وراء تلك المخططات والمؤامرات ضد مصر بمساعدة الجماعات الدينية فكشفت مصر بقياداتها القوية وشعبها العظيم تلك المخططات جميعها وتصدت لها بعد أن قامت الدول العربية بالخليج وعلي رأسها المملكة العربية السعودية بمواجهة تلك المؤامرة وتقوية ومؤازرة مصر في محنتها. إن موقف أمريكا والدول الغربية لم يكن غريبا علينا لتكرار مواقفهم العدائية والعدوانية من ثوراتنا ومنها ما حدث منهم في ثورة يوليو 1952ولكن الأمر الصادم لنا هو أننا وجدناهم بدلا من أن يساندوننا في مواجهة الإرهاب وجدناهم يساندون تلك الجماعات ويسعون إلي إعادتهم من جديد للسلطة فسقطت بذلك شعاراتهم المزيفة ضد الإرهاب وحروبهم الكبيرة المستعارة ضده وعلي نحو مغلوط فقدوا معه مصداقيتهم عند شعوب العالم التي لن تعد تصدقهم بعد أن كشفت زيفهم وأظهرت معاييرهم المزدوجة في تعريف الإرهاب و طرق مواجهته، ولكن ما هو غير مصدق ومقبول هو الموقف التركي الذي وجدناه وعلي حين غرة يكن لمصر العداء ويتبني موقفا متناقضا ينصر فيه الجماعات الإرهابية وما تقوم به من إجرام ضد شعب مصر ودولته والمتمثل في موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المعترض علي عزل مرسي وتصويره للآخرين بأن ما حدث في مصر انقلابا وليس ثورة متجاهلا بذلك شعب مصر وثورته. الحقيقة أن الدولة المصرية أسقطت الإخوان في مصر وينتظر سقوط التنظيمات الإرهابية في كل بلاد العالم ومعه ستخسر الكثير من الدول التي كانت تأوي الإرهاب وتوظفه في القيام بالكثير من مخططاتها في دول العالم مما أهاج تلك الدول التي كانت قاب قوسين أو أدني من تحقيق المخطط الأمريكي الصهيوني بالمنطقة كان أردوغان طرفا فيه بعد أن طلب منه أن يجعل من تركيا رأس حربة أمريكية توجه إلي مصر، كما أننا اكتشفنا ومن خلال قيادات الإخوان دلائل كثيرة تثبت أن تركيا بقيادتها الحالية هي التي ترأس هذا التنظيم العالمي وتقيم له المؤتمرات وتقدم له بمساعدة أمريكا والغرب كل ما يلزمه من تمويل ومساعدات، وجاءت تصريحات أردوغان العدائية لنا كاشفة لوجهه القبيح ومخططاته التوسعية في المنطقة وسعيه لإيجاد دور قيادي إسلامي علي غرار ما فعلته الدولة العثمانية وما جلبته من خراب في بلادنا. إن أردوغان يدرك الآن مدي خطورة سقوط الإخوان في مصر وانعكاس ذلك سلبا علي مستقبل تلك التنظيمات والأحزاب في بلاد العالم وأهمها سقوطه هو وسقوط حزبه الديني بل سقوطا لمستقبله السياسي في تركيا بسقوط مشروعه الإخواني، ففي داخل تركيا اكتشف الشعب التركي وبخاصة الطبقة الوسطي والعريضة منه سعي أردوغان للقضاء علي المشروع العلماني للدولة التركية بسبب انتهاكه لحقوق الحريات فرفضوا مشروعه الاقتصادي الذي يخادعهم به وفضلوا تمسكهم بحريتهم، وسجلوا عليه الكثير من نقاط الضعف في مواقف بذاتها قلصت من شعبيته وتؤشر باقتراب سقوطه منها تعامله مؤخرا بغرور ووحشية مع المتظاهرين في ميدان تقسيم وعدم تفهمه لنبل مقاصدهم، وأيضا مواقفه المخزية من بعض القضايا الدولية والإنسانية ومنها موقفه السلبي من القضية الفلسطينية رغم تحالفه القوي مع دولة إسرائيل الأمر الذي كان يستوجب تأثيرا إيجابيا منه في حل تلك القضية، من مواقفه المخزية أيضا تخاذله في قضية السفينة مرمرة وتعدي السلطات الإسرائيلية عليها وإسقاطهم لتسعة من الأتراك وعدد كبير من الضحايا، ورغم تهديداته بالانتقام في حينه وقطعه للعلاقات، ولكنه وكما عودنا بجبنه وتخاذله أعاد تلك العلاقات من جديد مع إسرائيل وبأكثر مما كانت عليه من قبل ومفرطا في حق الكرامة التركية، أيضا لم نري له موقفا محددا من الثورة السورية كما لم نجد له رد فعل مناسب بعد سقوط طائرة تركية وقيام سوريا بالكثير من العمليات داخل الأراضي التركية أسقطت خلالها عددا من القتلي ولم نره يفعل شيئا غير أن وضع رأسه في الرمال، ومن نقاط ضعفه أيضا تعامله مع ملف الأكراد في تركيا وقيام حزب العمل الكردستاني بالكثير من العمليات القتالية الناجحة التي نال كثيرها من القوات التركية، ومن مواقفه الإنسانية تظاهره بأنه البطل المناصر للمسلمين والإسلام بزيارته إلي بورما للمتاجرة والشهرة الدعائية علي حساب دماء المسلمين البسطاء الذين لم يجنوا من الزيارات غير الصور الدعائية و مزيد من العمليات الإجرامية ضدهم بعد تلك الزيارة، تظهر نقاط ضعفه أيضا في تهافته وتنازلاته الإصلاحية علي حساب الأمن القومي التركي ومحاولاته وتوسلاته لانضمام تركيا لدول الاتحاد الأوروبي وهو ما يرفضه وبشدة دول الاتحاد حتي يئس الأتراك من محاولاته، وأخيرا عجزه عن إسكات فرنسا عن إصدار قرارها البرلماني الذي يقر بالمجازر التي ارتكبت من جانب الدولة العثمانية في حق الأرمن، وأكثر ما فعله أردوغان في حينه اتهامه لفرنسا بالعنصرية، وأما عن آخر تصريحاته وادعاءاته الكاذبة عن الثورة المصرية هو إعلانه أن الجيش الإسرائيلي هو من ساعد الجيش المصري في التخلص من مرسي والإخوان وهي تصريحات عارية عن الصحة وقوبلت بالرفض والاستهجان من جانب مصر والولايات المتحدة، أما الخارجية الإسرائيلية فقد رأتها بلا وزن ولا تستحق حتي مجرد التعليق . نقول لأردوغان ابدأ بنفسك أولا وانشغل بديمقراطيتك وتوقف عن صلفك وغرورك الذي يبدو ومن خلال مواقفك السياسية أنه لا يتناسب وأدائك، ولا تتدخل في شئون البلاد علي هذا النحو لأنك تتسبب في خلق عداءات لتركيا وشعبها مع بلاد مرتبطة معها بروابط تاريخية ' روابط الدين واللغة والمحبة وإرث حضاري كبير ولا يمكن أن يكون مثلك يا من تدعي الزعامة ولا تعرف قدرها سببا في العداء بين شعبين، فالقائد الحق الذي يريد أن يسجل اسمه في التاريخ لا يكون خائنا لدينه وعرضه وبلاده ولا يتخابر ويتآمر مع الدول كما تفعل أنت بأمتك، ولهذا لن يتركك الأتراك تعبث بهم ولن يتركك الأتراك تتنازل للغير عن حقوقهم وكرامتهم لن يتركوك تتآمر علي جيشهم لتحقق مشروعك الإسلامي المزعوم علي حساب البلاد العربية والإسلامية، أما مخططاتك ومؤامراتك الرخيصة علي مصر فإنها ستكون إن عاجلا أو آجلا وبالا عليك وعلي حزبك المزعوم وستكون سببا في سقوطك ومن بعدها انتحارك لأن لعنة الفراعنة ستصيبك وبأكبر مما تتصور.