لأسباب عديدة يهدد الجوع ملايين البشر في العديد من دول أفريقيا، وقد حذر مؤخرا برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من تفاقم العديد من الأسباب التي تقف وراء تلك الكارثة ومنها خلل ونقص المواد الغذائية بسبب مشكلات المناخ وقلة موارد المياه والإنتاج الزراعي وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع شدة المعاناة والفقر، ويرجع ذلك إلى القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، تلك الجائحة التي أدت إلى خسارة الكثيرين لوظائفهم ومهنهم، كما أدى انتشار عنف الجماعات المتطرفة إلى إحجام الناس عن الزراعة والرعي في بلاد مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي ونيجيريا، هذا بجانب المشكلات السياسية وتفاقم حدة الصراعات التي أدت بدورها إلى انعدام الأمن والاستقرار وتردي الخدمات وانتشار الفقر والبؤس والنزوح، وتعرض الأطفال إلى الأخطار في تلك البلدان وبالتالي زيادة أعداد الأشخاص الذين يواجهون الجوع بأكثر من 30% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ولهذا تتوقع المنظمة معاناة أكثر من 31 مليون شخص في دول غرب أفريقيا من انعدام الأمن الغذائي، وعدم قدرة هؤلاء على توفير الطعام لأنفسهم في الفترة من يونيو إلى أغسطس 2021، وهي الفترة التي يكون فيها الغذاء شحيحاً قبل حلول موسم الحصاد المقبل ما يدفع بالملايين إلى هوة الجوع واليأس، وفي جنوب السودان يعاني أكثر من 100الف شخص من الجوع إضافة إلى وجود نحو مليون شخص آخرين على حافة المجاعة بسبب الحرب الأهلية التي شردت أكثر من ثلاثة ونصف مليون شخص، وفي منطقة شرق أفريقيا فإن الجفاف قد جعل أكثر من 6 ملايين شخص يواجهون نقصاً في الإمدادات الغذائية في الصومال وملايين آخرين في إثيوبيا وكينيا وأوغندا. وفي الوقت الذي تمتلك فيه الكثير من الدول الكبرى والصناعية الأموال، بل وفي الوقت الذي ازدادت خلاله أموال رجال المال والأعمال بالعالم برغم جائحة كورونا فان شعوب بعض الدول الأفريقية وغيرها بالعالم مهددة بالجوع والبؤس والتشرد ومن ثم الموت بسبب نقص المواد الغذائية وشح المياه وندرة الموارد والأموال، ما دعا برنامج الأغذية العالمي بطلب جمع 770 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة بالتنسيق مع البنك الدولي لتنفيذ عملياته أيضا في غرب ووسط أفريقيا لمساعدة نحو 18 مليون شخص كمرحلة أولى من احتياجاته، وبرغم تلك الدعوات والتحذيرات من جانب الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية فإن العالم لا يزال يغض طرفه ويقف عاجزاً عن مواجهة تلك الكارثة الإنسانية، ولهذا تدعو منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وواسعة النطاق الآن لوقف المجاعة والموت على نطاق واسع، ومنع الانهيار الكامل لسبل العيش في تلك البلدان ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الغذائية لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش ومنع حدوث مالا تحمد عقباه. وبخصوص هذا الشأن قال ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: نحن نشهد كارثة تتكشف أمام أعيننا، فالمجاعات التي يقودها الصراع والتي تغذيها الصدمات المناخية وجائحة كوفيد-19 تدق باب ملايين الأسر بأفريقيا ولهذا نحن بحاجة ماسة إلى ثلاثة أشياء لمنع الملايين من الموت جوعاً: يجب أن يتوقف القتال، ويجب أن يُسمح لنا بالوصول إلى المجتمعات الضعيفة لتقديم المساعدة المنقذة للحياة، وقبل كل شيء، نحتاج إلى أن يقدم المانحون مبلغ 5.5 مليار دولار أمريكي الذي نطلبه لهذا العام لمواجهة تلك الكارثة الإنسانية، ووفقا لما صرحت به الأممالمتحدة مؤخرا سيُستخدم التمويل في المساعدات الغذائية الإنسانية والتدخلات النقدية وسبل العيش الطارئة تماشياً مع النداء الذي أطلقته وكالتا الأممالمتحدة مؤخرا، فهل تستجيب الدول الغنية وأصحاب البلايين من رجال المال الأعمال بالعالم لتقديم المساعدات والأموال المطلوبة إلى برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لمواجهة تلك الكارثة الإنسانية وإنقاذ أرواح الملايين من البشر بتوفير الغذاء والحماية والحياة الكريمة والآدمية لهم؟