أكد وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية، مشيرًا إلى أن عندما نحمى معًا مساجدنا ونحمى معًا كنائسنا، فإننا نحمى وطننا، مؤكدًا أن من مات منا دفاعًا عن الكنيسة كمن مات دفاعًا عن المسجد، لأن الوطن لنا جميعًا وبنا جميعًا. وأوضح وزير الأوقاف، فى تصريحات صحفية اليوم الخميس، أن الجماعات الإرهابية تحاول وضع الناس فى مغالطة، إما أن تكون مع الدين، وإما أن تكون مع الوطن، مع أن الذى ندين لله به، ونلقى الله (عز وجل) عليه: هو أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان. وأضاف: يقال إنه: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل وأصالة معدنه، فانظر إلى مدى انتمائه لوطنه، واعتزازه به، وولائه له وانتمائه إليه"، وقد قالوا: رجل فقير ضعيف فى دولة غنية خير من رجل غنى فى دولة فقيرة، لأن الأول: وهو الرجل الفقير فى دولة قوية غنية له دولة تحمله وتحميه وتحافظ على حقوقه فى الداخل والخارج، والآخر: مهما كان غنيًا فى دولة ضعيفة لا أمان له فى الداخل ولا فى الخارج، لأن الدولة الضعيفة لا تستطيع حماية أبنائها لا فى الداخل، ولا أن تحافظ على حقوقهم فى الخارج، فهذا الذى لا دولة له فاقد لمعنى الأمن والأمان، وكما قالوا قديمًا: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرف حقيقتها إلا من يفتقدها". وتابع وزير الأوقاف قائلًا: الوطن تاج على رؤوس الوطنيين الشرفاء، لا يعرف حقيقة الوطن إلا من فقد وطنًا آمنًا مستقرًا، لا يعرف فضل الأوطان إلا الشرفاء من أبنائها، وعبر التاريخ الإنسانى ما عمل أحد لوطنه إلا ربح الدارين، وعلى مدار التاريخ الإنسانى لم يجد الناس فى صف الوطن خاسرًا، ولم يجدوا إنسانًا خان وطنه أو كان عميلًا لأعدائه إلا كانت نهايته فى الذل والهوان. وشدد وزير الأوقاف على أن خيانة الأوطان هى الخيانة الكبرى، وهى أشد ألوان الخيانة، ثم إن من حقوق الوطن أن نفهم معنى المواطنة، والمواطنة مفاعلة، حقوق وواجبات متبادلة بين أبناء الوطن الواحد، دون أى تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس، أو العرق، فالوطن لكل أبنائه، وهو بكل أبنائه، بل لأجياله المتعاقبة المتتابعة، وضريبة الوطن وحق الوطن لا يؤديه جيل واحد، إنما هى ضريبة على جميع الأجيال، ضحى آباؤنا وضحى أجدادنا، وها هى قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية، وعلى رأسها جميع قيادتنا السياسية، وكل وطنى شريف، الطبيب فى مشفاه، والمعلم فى مدرسته، والصانع فى مصنعه، والفلاح فى زرعته، على كل واحد منا واجب يؤديه تجاه هذا الوطن. واستشهد وزير الأوقاف بما حدث من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما أخرج من مكة نظر إليها قائلًا: واللَّهِ يا مكة إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى ولولا أن أَهْلَكِ أخرَجونى منكِ ما خَرجتُ"، ولما هاجر النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة أسس دولته العظيمة فى المدينةالمنورة على أساس المواطنة فى وثيقة هى أعظم فى تاريخ البشرية، وثيقة المدينةالمنورة التى رسخت لأسس العيش الإنسانى، والسلام الإنسانى على أساس المواطنة. وأكد وزير الأوقاف أن المواطنة الحقيقية والمساواة فى الحقوق والواجبات وعدم التمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس، وإعطاء كل مواطن حقه كاملًا غير منقوص هو سبيل الأمان الاجتماعى، وسبيل القوة للدول، لافتًا إلى أن حق الوطن يتطلب التسامح بين أبنائه، "وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ"، فالتعامل بين أبناء الوطن يكون بالفضل وبالرحمة وبالمودة وبالمعاملة الحسنة، ومن أهم ما يقتضيه حق الوطن التسامح الدينى، يقول شوقى مصورًا حالة عظيمة فريدة فى المجتمع المصرى: أعهدتنا والقبط إلا أمة ** فى الله واحدة تروم مراما // نعلى تعاليم المسيح لأجلهم **ويوقرون لأجلنا الإسلام // هذه بيوتكم وتلك بيوتنا **متجاورين مودة ووئاما // هذه قبوركم وتلك قبورنا **متجاورين جماجم وعظاما فبحرمة الموتى وواجب حقهم **عيشوا كما يقضى الجوار كراما.