منذ انتشار فيروس كورونا بداية العام الماضي 2020 وحتى الآن يواجه العالم تهديدا لم يسبق له مثيل بسبب مخاطر هذا الفيروس، فسرعان ما تفشي هذا الوباء بالعالم، هذا الوباء الذي جعل العالم كله يعاني عندما تعطلت حركة الحياة وتعطّلت معها مصالح حياة البلايين من البشر، وذلك بعد أن قبض هذا الوباء أرواح الملايين وأصاب البلايين، حتى أصبح الاقتصاد العالمي مهددا، وأخذت الحياة ومظاهرها المبهجة التي تعودنا على حركتها وتفاعلها وديمومتها منحى ظلاميا آخر عاش ولا يزال خلاله البشر حالة من انعدام التوازن والأزمات المتعددة بسبب الخوف والهلع من الإصابة بكوفيد 19ومتحوراته، ومع قتامة الحياة وحالة العزلة والحجر التي عاشتها شعوب العالم على إثر تلك الجائحة ظل الأمل قائما عند البشر بالقدرة على تحدي هذا الوباء وبالقدرة على هزيمته، ولهذا سخرت دول العالم جهودها واستنفرت مع شعوبها وقياداتها وعلمائها طاقاتها من أجل التوصل إلى اللقاح المناسب لوقف زحف هذا الوباء، ولأجل عودة الحياة إلى طبيعتها قبل تلك الجائحة، وخلال مرور أكثر من 13 شهرا على انتشار الوباء تمكن العلماء في أكثر من بلد من التوصل إلى الكثير من اللقاحات المبشرة، وبدأت الكثير من دول العالم بتلقيح عدد كبير من شعوبها، إلا أن الفرحة بالتوصل إلى تلك اللقاحات التي بددت خوف البشر لم تدم طويلا بل تبدلت إلى مخاوف لا تقل عن مخاوف البشر الأولى تجاه ما أحدثه فيرس كورونا، وذلك عندما أعلنت الكثير من الدول عن مخاوفها من تعميم اللقاح بين مواطنيها وبالتالي الإعلان مؤقتا عن وقف تناول الكثير من تلك اللقاحات ليجد العالم نفسه من جديد بين خوفين الخوف من كورونا، ثم الخوف من تأثير وتداعيات تلك اللقاحات في حالة تناولها، وذلك بعد أن تم تسجيل الكثير من الأعراض الخطيرة لحالات بعض الأشخاص الذين تناولوا اللقاح كالحمى والحساسية والقشعريرة والتعب وصولا إلى تسجيل بعض الوفيات ببعض الدول الكبرى بسبب تخثر الدم، وعن الآثار الجانبية لتناول بعض اللقاحات الأكثر شيوعاً بدول العالم يشخص العلماء بأن الأعراض التي يتم تسجيلها هي وجع الذراع وآلام الجسم وأحياناً التعب والحمى منخفضة الدرجة، والحساسية أحيانا، والقشعريرة بسبب الاستجابة المناعية لبضع ساعات ما يترتب عليها بعض الآثار الجانبية الأخرى التي تشمل الألم أو الاحمرار أو التورم في موقع الحقن، والشعور أحيانا بصداع حاد أو ألم في البطن أو الساق، أو بضيق في التنفس وربما الصداع أو الغثيان. وكانت ألمانيا قد استأنفت توزيع لقاح أوكسفورد - أسترا زينيكا المضاد لفيروس كورونا بعد أيام قليلة من قرار تعليق استخدام اللقاح من قبل عدد من الدول الأوروبية بسبب مخاوف نشأت عن إمكانية ارتباط اللقاح بجلطات أصيب بها بعض من تناولوه وذلك بعد أن أكدت الهيئة الأوروبية للرقابة على الدواء أن اللقاح آمن، وأنه لا تتوافر أي أدلة على علاقته بحالات الجلطات التي تعرض لها بعض من حقنوا به، كما أن الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون قد قامت مؤخرا بجهود من أجل طمأنة الناس والتأكيد على أن هذا اللقاح آمن منذ الخميس الماضي ولا تزال تبذل جهودا مماثلة، وفي هذا السياق فإن الدنمارك كانت من أوائل الدول الأوروبية التي سحبت لقاح شركة أسترازينيكا ضد فيروس كورونا بشكل دائم من برنامجها الوطني للتطعيم ضد الوباء على خلفية اكتشاف صلة بين هذا العقار والجلطات التي ظهرت في دم عدد من الذين خضعوا للتطعيم به خلال شهر مارس الماضي 2021 وذلك بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي اكتشاف صلة محتملة بين لقاح أسترازينيكا البريطاني وجلطات دموية ما سيؤخر حملة التطعيم ضد كورونا في الكثير من البلاد لبعض الأسابيع، كما أن جنوب إفريقيا وبعض الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا قد علقوا استخدام لقاح أوكسفورد-أسترازينيكا مؤقتا بعد الإبلاغ عن عدد محدود من الإصابات بجلطات دموية بين أشخاص حصلوا مؤخرا على جرعة من اللقاح داخل بلدانهم، يحدث ذلك في الوقت الذي طالبت فيه السلطات الصحية الأمريكية منذ أيام أيضا بتعليق استعمال لقاح جونسون آند جونسون بعد رصد حالات تجلط في الدم ووفاة عدد من الأشخاص خلال خطة التلقيح الوطنية التي أعلن عنها وبدأها بالفعل الرئيس الأمريكي جو بايدن، وفي هذا الصدد أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لوكالات الأنباء الدولية إنها توجه الدعوة لتعليق استخدام اللقاح "من منطلق الحيطة البالغة، كما تأتي هذه التوصية بعد تسجيل حالات نادرة مشابهة جدا من تجلط الدم أيضا بعدما تلقى عشرات الملايين لقاح أكسفورد- أسترازينيكا ما أدى إلى تمهل البعض في استعماله، وثمة مخاوف من أن يؤدي هذا التعليق الأخير إلى حدوث المزيد من الاضطرابات، ومع تسجيل بعض الدول لأعراض خطيرة لبعض من هذه اللقاحات لا يزال لقاحا فايزر وموديرنا الأكثر تفاعلية عن غيرهما من اللقاحات. ومع حالة الخوف والذعر التي تسود شعوب العالم الآن بسبب انتشار الموجة الثالثة من كورونا ومتحوراتها ومن الأعراض الخطيرة الناجمة عن تناول اللقاحات يؤكد الأطباء والمتخصصون بالعالم أن لقاح كورونا يعد الآن بمثابة طوق النجاة خلال الفترة الحالية، وموضحًين أيضا بأن ذلك يجنب الشخص الدخول في مراحل المرض الخطيرة باعتبار أن الإصابة بفيروس كورونا يستدعي الانتباه أكثر من مرة، ومشددين على أهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية كالتباعد الاجتماعي والالتزام بارتداء الكمامة والمحافظة على نظافة اليدين ومنع الزيارات غير اللازمة، ومشيرين أيضا إلى عدم وجود داعٍ للتردد أو الخوف من الحصول على اللقاح، هذا في الوقت الذي يؤكد فيه الكثير من أساتذة الفيروسات بالعالم أهمية التطعيم أيا كان نوعه لأنه يحفز أذرع المناعة ويجنب الشخص من الوقوع في مخاطر المرض، ومحذًرين من أن كوفيد-19 لا يزال غامضًا ومحيرًا ويتغير من حال إلى آخر لتبقى اللقاحات بمثابة الوسيلة الآمنة والمنقذة للحياة وعودة الحياة لشكلها الطبيعي.