يعد الشيخ علي محمود من بواكير وسلاطين تلاوة القران الكريم بمصر ومن رعيل الجيل الذهبي بمصر والعالم الإسلامي وزمن التجليات والبركات والنحات الربانية ومجالس سماع الإنشاد الديني وأداء القران الكريم خلال القرن الماضي. ولد الشيخ علي محمود عام 1878م بحارة درب الحجازي كفر الزغاري التابع لقسم الجمالية بحي الحسين الشهير بالقاهرة لأسرة علي قدر من اليسر والثراء وفقا لموسوعة الويكيبيديا، وبعد مدة أصيب بحادث أودي ببصره كاملاً، .وهو مقرئ ومنشد مصري وصاحب مدرسة عريقة في التلاوة والإنشاد تتلمذ فيها كل من جاءوا بعده من القراء والمنشدين، وفي سن مبكرة التحق بالكتاب وحفظ القران الكريم ودرس علومه، حيث حفظ القران علي يد الشيخ أبو هاشم الشبراوي بكتاب مسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية، ثم جوده وأخذ قراءاته علي الشيخ مبروك حسنين، ثم درس الفقه الشيخ عبد القادر المزني. ذاع صيته بعد ذلك قارئاً كبيراً وقرأ في مسجد الحسين فكان قارئه الأشهر، وعلا شأنه وصار حديث العامة والخاصة.، ومع ذلك درس الموسيقي علي يد الشيخ إبراهيم المغربي، وعرف دروب التلحين والعزف وحفظ الموشحات، كما درسها أيضاً علي شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب وحيد عصره وفريد دهره في الموسيقي. كما أخذ تطورات الموسيقي علي الشيخ عثمان الموصلي وهو تركي استفاد منه في الإطلاع علي الموسيقي التركية وخصائصها، وبعد كل هذه الدراسات الثرية، إضافة إلي موهبته الذهبية صار الشيخ علي محمود أحد أشهر أعلام مصر قارئاً ومنشداً ومؤذنا وصار قارئ مسجد الإمام الحسين الأساسي، وبلغ من عبقريته أنه كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذاناً علي مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة، وفي 3 يوليو عام 1939، كان الشيخ علي محمود علي موعد مع أول تلاوة قرآنية له بالإذاعة المصرية، كقارئ معتمد ببرامج الإذاعة المصرية في الساعة السابعة وخمس عشرة دقيقة، حسبما ذكرت جريدة الأهرام في نفس اليوم، تضمنت تلاوته آنذاك سورة الفاتحة وما تيسر من سورة البقرة، وبلغ زمنها أربعين دقيقة، واعتمدته الإذاعة منذ ذلك اليوم قارئاً للقرآن مساء الاثنين من كل أسبوع، وافتتح 'محمود' وقائع حفل أقيم بدار الأوبرا الملكية بالقاهرة في ذكري عقد قران الملك فاروق والملكة فريدة، بعد عزف السلام الملكي بتلاوة قرآنية بلغ زمنها ربع الساعة، كما أنشد عقد قران ولي عهد إيران وشقيقة الملك فاروق، فسجل الشيخ علي محمود حضوره في المناسبات. ومن أشهر النوابغ الذين اكتشفهم الشيخ علي محمود القارئ العملاق الشيخ محمد رفعت الذي استمع إليه الشيخ علي مرة سنة 1918م يقرأ وتنبأ له بمستقبل باهر وبكي عندما عرف أنه ضرير، وأفاد الشيخ رفعت في بداياته كثيراً من الشيخ علي محمود، وصار سيد قراء مصر وصوت الإسلام الصادح فيما بعد، والشيخ العبقري طه الفشني الذي كان عضواً في بطانة الشيخ علي وأفاد من خبرته الشيء العظيم، حتي صار سيد فن الإنشاد بعد الشيخ علي محمود، وأيضا الشيخ كامل يوسف البهتيمي القارئ والمنشد المعروف، والشيخ محمد الفيومي، وكان أحد أعضاء بطانته، والشيخ عبد السميع بيومي وكان كذلك أحد أعضاء بطانته، ومن الفنانين والموسيقيين الكبار إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد الذي كان عضواً في بطانته، وتنبأ له الشيخ علي بمستقبل باهر في عالم الموسيقي ومد الله في عمر الشيخ علي حتي شاهد تلميذه سيد ملحني زمانه، والموسيقار محمد عبد الوهاب، كما تعلم علي يديه الكثير من فنون الموسيقي والغناء ومنهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والمطربة أسمهان. كما كان له ذكريات لا تنسى خلال تلاوته بشهر رمضان المبارك بصوته الشجب الندي الذي كان يمتع به الصائمين أثناء تلاوته لقران المغرب ومع تلك الرحلة العطرة والصوت الملائكي فقد رحل هذا الصوت الذكي عن عالمنا يوم21 من ديسمبر عام 1946 و ستظل روائعه في التلاوة والإنشاد والأذان وغيرها من الأعمال الغنائية الرائعة سجلا خالدا يملأ الدنيا وحاضرها جمالًا وروعة، يتعلم منها الأجيال علي مر العصور لتظل تراثًا خالدًا يلمع باسم صاحبه، رحم الله شيخنا الجليل واسكنه فسيح جناته.