بعد تأكيدات إثيوبيا عن العزم ببدء مرحلة الملء الثاني من بحيرة سد النهضة في يوليو القادم توالت تصريحات المسئولين السودانيين الساخطة من الموقف الإثيوبي، وكأن الخطر قد بدأ الآن، فقد فاق أخيرًا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وياسر عباس وزير الري ومدير سد الروصيرص المهندس حامد محمد علي، الذين أجمعوا علي تهديد الملء الثاني للأمن القومي السوداني، وإخراج سد الروصيرص من الخدمة تمامًا مما يعني عطش أكثر من نصف سكان السودان وتحول 20 مليون مزارع سوداني إلي نادي الفقر والبطالة وكان دينا المفتي المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية قد أكد الجمعة الماضي أن بلاده سوف تبدأ في مرحلة الملء الثاني بداية يوليو القادم بصرف النظر عن مسار المحادثات، أو المفاوضات مع مصر والسودان. وزعم المفتي أن مصر والسودان هما من أفشلا المفاوضات بانسحابهما ثماني مرات منها، وقال: يبدو أنهم لا يجيدون لعبة التفاوض والحوار. ومع إجادة إثيوبيا للعبة الكذب والخداع زعم المتحدث الإثيوبي أن بلاده لا تريد من إنشاء سد النهضة إلا الحصول علي الكهرباء، وأن السد لن يتسبب في أي أضرار لدولتي المصب مصر والسودان، ولكن في الوقت ذاته زعم أن الاتفاقيات الدولية كانت غير عادلة حيث أعطت مياه النيل لمصر والسودان دون إثيوبيا، وذلك استمرارًا للموقف الإثيوبي الرافض تمامًا للاعتراف بالاتفاقيات الدولية التي تمنح مصر الحق في الحصول علي المياه باعتبارها آخر دولة علي نهر النيل، ولا يوجد لها مصدر آخر للمياه حيث يعيش أكثر من 95% من شعبها علي مياه النيل شربًا وزراعةً، ومن ألاعيب إثيوبيا الخبيثة هي الزج بالسودان في خلاف حدودي تصنعه أديس أبابا علي أراضٍ سودانية في إقليم الفشقة الكبري والصغري، وتهدد مع كل طلعة شمس باجتياح الأراضي السودانية. إذن لا يمكن أن يكون التفاوض طريقة لحل مشكلة سد النهضة إلا إذا التزمت إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم خلال فترة زمنية قصيرة جدًّا تسبق موسم الأمطار في يوليو القادم، ويجب أن يتضمن الالتزام الإثيوبي الاعتراف بحصتي مصر والسودان، وعدم المساس بهما إضافة إلي عدم إقامة مشروعات أخري في المستقبل تضر بهذه الحصص كما يجب أن يتضمن الالتزام الإثيوبي دفع تعويضات عن الأضرار الاقتصادية والبيئية والتي ستصيب البلدين نتيجة إنشاء سد النهضة، وكل ذلك يجب أن يكون تحت مظلة دولية، وإقليمية بشهود فاعلين منهم الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي خاصة أن العالم كله يعرف بأن إثيوبيا لا تلتزم باتفاقياتها ولا تجيد سوي المراوغة والكذب. ويمكننا تلخيص الموقف الإثيوبي في سد النهضة في النقاط التالية: 1- في ملء السد الأول خزنت إثيوبيا 6 مليارات متر مكعب من المياه في عام 2020. 2- الملء الثاني يوليو القادم من المنتظر تخزين 13 مليار متر مكعب من المياه. 3- سوف تنتهي إثيوبيا من ملء السد في عام 2023 ب75 مليار متر مكعب. 4- تصرف مصر من مخزونها في بحيرة السد العالي خلال هذه السنوات ما قيمته 100 مليار متر مكعب من المياه. 5- خلال فترة الملء لا تصل إلي مصر نقطة مياه من النيل الأزرق الآتي من إثيوبيا والذي يمد مصر ب85% من مواردها المائية. 6- مع انتهاء ملء السد ستتحول 5 ملايين فدان من أراضي مصر إلي البوار والتصحر، علمًا بأن مصر تزرع فقط 8.5 مليون فدان. 7- يقدر الخبراء تحول 25 مليون مزارع مصري إلي البطالة نتيجة لبوار هذه الأراضي. 8- أكد خبراء الزراعة أن مصر ستقوم باستيراد كل السلع والمنتجات الغذائية من المحاصيل التي فقدتها نتيجة بوار 5 ملايين فدان. 9- بعد ثلاث سنوات وانتهاء الملء ونفاد المخزون أمام البحيرة سوف يخرج السد العالي من الخدمة ويتوقف إنتاجه الكهربائي تمامًا. 10- يقدر الخبراء فاتورة استيراد الغذاء بعد تأثيرات سد النهضة لأكثر من 40 مليار دولار بدلاً من 15 مليار دولار الآن. 11- وفي دراسات لعدد من الخبراء حول تأثير سد النهضة علي مصر أكد الباحثون أن مئات الآلاف من المصريين سوف يتجهون إلي الهجرة خارج البلاد خاصة إلي الدول الأوروبية. 12- كما يؤكد الخبراء احتمالات ارتفاع نسبة الجريمة نتيجة للفقر والبطالة. 13- سوف يكون التأثير الفوري بعد الملء الثاني علي السودان نتيجة لعدم وجود خزانات مياه كافية تشكل احتياطيًّا بديلاً عن تدفق المياه. وهكذا يبدو أن إثيوبيا تريد أن تخدع العالم بأنها لن تتسبب بأي أضرار لمصر والسودان، وأنها تقبل الحوار والتفاوض للحديث عن كل شيء إلا عن سد النهضة.