لا شك أن إحراز التوافق بين أطياف المجتمع وعقد المصالحة الوطنية يعد ضرورة لابد من السعى نحوها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى مصر المحروسة، فهى تمثل طوق النجاة الوحيد للخروج من دائرة الأزمة الراهنة وموجة الصراع المحموم الذى تثيره جماعة الإخوان. كما أن المصالحة تمثل النافذة التى يمكن من خلالها الخروج من دائرة الانهيار الاقتصادى والاجتماعى الذى تعانيه مصر اليوم. وبذلك تظل المصالحة هى السبيل نحو إحراز التغييرات الراديكالية التى تتطلب مشاركة كل ألوان الطيف السياسى والفكرى والثقافى ضمانا لانتقال آمن غير متعثر. وهو ما يتطلب أن تكون كل الأطياف مهيأة للتجاوب مع المصالحة. وهنا يأتى السؤال: كيف لنا وسط الظروف الحالية تحقيق هذه المهمة دون أى عثرات؟ مهمة المصالحة تعد ضرورة حتمية بالقطع لانقاذ مصر. ولكنها تظل عصية على التنفيذ فى ظل وجود العقبة الرئيسة المتمثلة فى جماعة الإخوان وتشبثها بطقوسها الظلامية التى تحرفها عن مسار الطريق القويم. ولا يدرى المرء كيف يمكن لهذه الجماعة التخلص من هذه الطقوس المريبة ودعواتها الباطلة التى تحض على العنف والقتل والسطو وقطع الطرق ونشر الفوضى وشل حركة الحياة فى مصر؟ كيف يمكن لهذه الجماعة الخروج من دائرة شيطانية سطت من خلالها على حق المجتمع فى أن يمارس حياته فى بيئة هادئة لا تعرف التربص بالآخرين ولا استهداف جيش مصر العظيم عبر عمليات إرهابية سلطتها ضده فى سيناء فى محاولة لاستخدامها وسيلة ضغط على الجيش تدفعه نحو إعادة «مرسى»إلى كرسى الرئاسة! لقد بلغ بهم النزق حدا دفعهم إلى أن يجهروا علنا بأن ما يحدث فى سيناء ضد الجيش سيستمر طالما لم تعد الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثلاثين من يونية الماضى. ويثار التساؤل: هل يمكن للإخوان اليوم الخروج من دائرة وهم الاستحواذ على كل مقدرات الدولة والابتعاد عن فكرهم الظلامى الذى اختزل مرجعية الوطن فى تلبية مصالحهم؟ وهل يمكن التصالح مع هذه الفئة المتطرفة الحاقدة التى عكست سلوكا قمعيًا عبر قواها الهمجية التى لا تفهم منطق الحوار ولا تفقه لغة السياسة ولا تقيم وزنا للثقافة والمعرفة ولا تحترم الوجود الإنسانى والمعانى العميقة لهذا الوجود؟ لا يدرى المرء كيف يمكن التصالح مع هذه الفئة الباغية التى جاوزت حدود المنطق والحق وتعاليم كل الشرائع الدينية والإنسانية والأخلاقية. لقد سكن الشر هذه الجماعات ولن تقبل بأى مصالحة اللهم إلا إذا تحقق لها حلم العودة إلى السلطة ثانية والهيمنة على كل مقدرات الدولة ومفاصلها وهو شرط يستعصى على أى منصف عادل القبول به وإلا غرقت الدولة فى جحيم الظلاميين أتباع الشيطان. وبالتالى فإن المحصلة النهائية لكل ما تم استعراضه تكاد تجزم باستحالة إجراء مصالحة مع هذه الفئة التى طغت وتجبرت ورصدت المجتمع واستهدفته من خلال محاولة النيل من جيشه العظيم وشعبه الأبى. وستثبت الأيام لها بعد أن انحرفت عن الجادة وحادت عن الحق أنها هى التى حكمت على نفسها بالتصفية والزوال...