لسنوات طويلة ظل ملف تطوير القري المصرية حلمًا يراود الملايين من أهل مصر الطيبين، سكان تلك القري الذين عانوا طويلًا عبر عهود سابقة الإهمال وغياب البنية التحتية والمرافق التي تعينهم علي الحياة الكريمة، فجاءتِ المبادرة الأخيرة للدولة المصرية المتمثلة في «المشروع القومي لتطوير القري المصرية» لتكون أملًا وانفراجة هائلة تستحق الدعم والإشادة والوقوف خلف هذا الجهد الطيب الذي يستهدف تحسين مستوي معيشة أكثر من 58 مليون مواطن من أبناء مصرنا الحبيبة. الحلم سيصبح حقيقة.. فنحن في مصر الحديثة التي نبنيها بسواعد أبنائها المخلصين لا نطلق شعارات ولا نضع حجرَ أساس، ولكن نشرع في العمل مباشرة بخطط مدروسة وأرقام وميزانيات ضخمة يتم توفيرها من أجل تحقيق هذا الحلم. تبدأ المرحلة الأولي للمشروع في العام المالي الحالي 2021-2022 باستهداف حوالي 50 مركزًا من أكثر المراكز فقرًا موزعة علي 20 محافظة علي مستوي الجمهورية تضم نحو 1400 قرية، بالإضافة إلي 11087 عزبة وتابعًا، ويصل إجمالي عدد المستفيدين داخل هذه المراكز إلي 18 مليون مستفيد بحيث يتم تنفيذ أعمال التطوير بإجمالي استثمارات يصل إلي 150 مليار جنيه بمتوسط 3 مليارات جنيه لكل مركز لرفع كفاءة وتطوير أكثر من 58 ألف منزل لتصبح سكنًا كريمًا يليق بأبناء الريف.. فضلًا عن الانتهاء من إضافة نحو 3000 فصل دراسي جديد بهذه التجمعات.. كما سيتم إتمام تنفيذ وتطوير 113 وحدة صحية في هذه المراكز والقري. يقدم المشروع كافة خدمات المرافق والبنية الأساسية كتوصيل مياه الشرب والصرف الصحي لمختلف المناطق داخل تلك المراكز، وإنهاء كل المشروعات الخاصة بالكهرباء والإنارة العامة والطرق والنقل وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل وإقامة الوحدات الصحية والأبنية التعليمية لخدمة قاطني تلك المراكز من أهل مصر الطيبين.. إلي جانب توفير فرص العمل لشباب تلك القري عن طريق إنشاء المزيد من المجمعات الصناعية، والعمل علي زيادة التدريب والتأهيل المهني لأهالي القري، والتوسع في إقامة مشروعات ذات عائد اقتصادي ومشروعات اجتماعية تهدف إلي توفير سكن كريم، وتنفيذ العديد من برامج محو الأمية والتعليم، إلي جانب حملات توعوية وثقافية ورياضية لقاطني القري والمراكز المستهدف تطويرها من أجل تحقيق حلم إعادة بناء الإنسان المصري في كل شبر من أرض مصر. أرقام وميزانيات ضخمة تبدو للوهلة الأولي حلمًا، ولكن كما عوَّدتنا القيادة السياسية في مصر الحديثة أنه لا شيء مستحيلًا مع توافر الإرادة والجهد المخلص، وأنه قد آن أوان توفير الحياة الكريمة للمواطن المصري خاصة أهل الريف الذي يُعد شريكًا حقيقيًا في تحمُّل فاتورة الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وحان الوقت لأن يشعر هذا المواطن خلال السنوات القليلة المقبلة بثمار هذا الإصلاح. علي بركة الله يبدأ هذا المشروع الضخم بمراحله الثلاثة ليحصل أهل الريف علي ما يستحقون من دولتهم من اهتمام ورعاية وحياة كريمة تليق بهم بعد أن تم إهمال الريف في عهود سابقة لتصل الأمور إلي مرحلة لا يمكن السكوت عنها، فجاء هذا المشروع الجريء ليحقق العدل والتوازن بين أهل المدن وأهل الريف، فكلاهما أبناء مصر، ولهم نفس الحقوق علي دولتهم التي لا تفرق في الإنفاق بين الدلتا والصعيد أو بين المدن والقري، فكلها أرض مصر الطيبة، وكلهم أبناء الدولة المصرية دون تمييز أو إهمال لأحد. ليكن هذا المشروع هو مشروع مصر القومي خلال السنوات القادمة، فهو يغطي أكثر من نصف سكان مصر، ليظل الجميع في كل مكان يردد بكل فخر أن مصر لكل المصريين دون تمييز.