اكتملت أركان المؤامرة، الإخوان ليسوا وحدهم، حلفاؤهم من الأمريكان والصهاينة يدعمونهم، فى نشر الفوضى فى البلاد، لقد جاءوا بهم من أجل تنفيذ هذا المخطط، يبدأ بوصولهم للحكم، وسعيهم لتفكيك الدولة والتآمر عليها، يثور الشعب عليهم، يسقط حكمهم الخياني، يتحركون بزعم الدفاع عن الشرعية، أمريكا تؤيد تحركاتهم على استحياء، تطلق إعلامها لتصوير ما جرى وكأنه انقلاب عسكرى ضد الشرعية. ينسى المتآمرون، أنهم كانوا وراء ما جري، وأنه لولا تدخل الجيش لوقعت البلاد فى حرب أهلية لا تنتهي، الجيش عبر عن إرادة الشعب، كان موقفه نبيلاً عظيمًا كما هو العهد، بذل الفريق أول عبدالفتاح السيسى كل الجهود من أجل إنهاء الأزمة، لكن الرئيس المخلوع ظل يعاند حتى اللحظة الأخيرة، لقد جاءت إليه التعليمات من مكتب الإرشاد، ابق صامدًا، فلتكن دماؤك رخيصة أمام الدفاع عن الشرعية، لقد دعوه إلى الانتحار السياسي. رفض كافة تحذيرات الجيش، وقال فى لقائه الأخير مع الفريق السيسي، لن أستجيب لأى من مطالبكم، أنا الرئيس الشرعي، أنا القائد الأعلي، أنا الرئيس المنتخب، وأمريكا والغرب يقفون معى .. كان الجيش فى تحركه يحول دون الحرب الأهلية، ينقذ الدولة من السقوط، يستجيب لإرادة الشعب المصرى العظيم، الذى قدر عدد متظاهريه فى الثلاثين من يونيو بأكثر من 33 مليونًا من المواطنين. كان الجيش يدرك أن مصر كلها خرجت إلى الشارع، وأنه لن يستطيع سوى الاستجابة للمطالب المشروعة، وكان المطلب الأساسى فيها «ارحل»!! أدرك الجيش منذ البداية، أن المؤامرة مكتملة الأركان، وأن هناك أطرافًا صهيونية وأمريكية تريدها فرصة لتقويض الجيش وإشعال الفوضى فى البلاد. غير أن صمود الجيش، ورفضه للتهديدات الأمريكية، وسعيه الدؤوب لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وابتعاده عن السلطة، كل ذلك دفع الكونجرس الأمريكى إلى اتخاذ موقف متقدم عن موقف إدارة أوباما، وهو ما اضطر البيت الأبيض إلى إصدار بيان فى أعقاب اجتماع أوباما بفريق الأمن القومى أكد فيه ثلاث نقاط هامة: أن الولاياتالمتحدة ليست منحازة ولا تدعم أى حزب سياسى أو جماعة محددة فى مصر. أن الولاياتالمتحدة ترفض رفضًا قاطعًا الادعاءات الكاذبة التى يروجها البعض فى مصر ومفادها أن الإدارة الأمريكية تعمل مع أحزاب سياسية أو حركات محددة لإملاء العملية الانتقالية فى مصر. أن واشنطن تدعو جميع المصريين إلى السير سويًا فى مسيرة جامعة تسمح بمشاركة كل الجماعات والأحزاب السياسية فى البلاد. كان ذلك يعنى متغيرًا فى الموقف الأمريكي، لأنه باختصار يعنى التخلى عن جماعة الإخوان، ويدعو الجميع إلى لمشاركة فى العملية الانتقالية. لم يتضمن البيان التأكيد على أن ما جرى فى مصر هو انقلاب عسكري، أو مطالبة بإعادة الرئيس المخلوع إلى منصبه السابق، بل تعامل مع سياسة الأمر الواقع التى فرضها الشعب المصرى على الأرض. منذ البداية كان الموقف الأمريكى يؤكد فى بياناته المختلفة أن الديمقراطية ليس معناها الانتخابات ونتائج الصندوق فقط، وإنما الالتزام بالمبادئ والقيم الديمقراطية، وأن واشنطن مع خيار الشعب، وانه لا يوجد غطاء لأى حاكم يرفضه شعبه، وان الانتخابات ليست رخصة للانقلاب على القيم الديمقراطية والتواصل مع الشعب والمعارضة. كان هذا هو الموقف المعلن، لكن خيوط المؤامرة التى حاكتها «آن باترسون» من خلال انحيازها لجماعة الإخوان، لم تكن أمرًا خافيًا على أحد، ولذلك بدت واشنطن تتعامل بوجه معلن يؤكد حق الشعب فى التغيير، ووجه خفى يمارس الضغوط ويطلق المؤامرة ضد أمن البلاد واستقرارها. لقد لعبت ال«سي.إن.إن» جنبًا إلى جنب مع قناة الجزيرة وعدد من القنوات «اللقيطة» دورًا مشبوهًا فى اثارة الفتنة على أرض البلاد، من خلال نشر المعلومات المغلوطة والكاذبة، عن الأوضاع الراهنة فى مصر، والسعى إلى دفع الأمور نحو الأزمة، حتى تعم الفوضى فى البلاد، وتتحول الساحة المصرية إلى ساحة للحرب الأهلية. هذا المخطط تشارك فيه قوى متعددة إقليميا ودوليا ومحليا، غير أن سياق الأحداث، والتفاف الشعب المصرى حول جيشه ومؤسساته المختلفة، كان سببًا فى تراجع المؤامرة وكشف أبعادها، حتى وإن بقيت بعض العناصر المنتمية لهذا التيار فى بعض الشوارع والميادين. لقد جرى تخصيص نحو مليار جنيه من قيادة الجماعة لدعم هذه التظاهرات واستئجار البلطجية وبعض السوريين فى مصر، وكذلك الاستعانة بعناصر تنتمى إلى حركة «حماس» تم القبض على بعض كوادرها وثبت ضلوعها فى المؤامرة التى تقودها جماعة الإخوان الارهابية. صحيح أنه بعد القبض على خيرت الشاطر، واحتماء المرشد العام للجماعة بالمتظاهرين المحتشدين أمام رابعة العدوية حدثت حالة ارتباك داخل تنظيم الجماعة إلا أن محاولات الضغط الذى تمارسه الجماعة عبر أعمال العنف لا تزال مستمرة. ويسعى التنظيم الدولى للإخوان والذى يتخذ من تركيا وبريطانيا قاعدة له إلى حشد الأنصار، والدعوة إلى تظاهرات فى الأردن وغزة وبريطانيا وغيرها لإثارة الرأى العام ضد مصر وجيشها، إلا أن التحول الحاصل فى الرأى العام الغربى لصالح الإرادة الشعبية المصرية لن يمكِّن هذه التحركات من أن تحقق أغراضها. لقد كتب رئيس الوزراء البريطانى الأسبق «تونى بلير» مقالاً مهما فى صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية قال فيه «إن ما قام به الجيش فى مصر، كان لابد منه وإلا وقعت البلاد فى فوضى» وقال «إن قوة المعارضة فى الشارع هى التى جعلت الجيش المصرى يتصرف بالطريقة التى تصرف بها، إذ لم يكن هناك رأى آخر». أما كاترين آشتون، فقد أبلغت أعضاء البرلمان الأوربى بطبيعة الموقف الأوربى للتعامل مع التطورات الأخيرة فى مصر، وقالت إنها ابلغت المصريين رسالة مضمونها: «ساعدونا حتى نستطيع مساعدتكم» وكان ذلك يعنى باختصار أعلنوا فورًا عن تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. أما عن موقف الاتحاد الإفريقى، بتعليق نشاط مصر فى الاتحاد، فهو إجراء روتينى، سرعان ما يتلاشى، ومن ثم فهو ليس له تأثير كبير على مجريات الأوضاع. أيا كان الأمر فإن الكثير سيراجعون مواقفهم بعد الإعلان عن لائحة الاتهامات التى ستعلن ضد الرئيس المخلوع وعصابته، وأغلبها متعلق بالخيانة العظمى، حيث جرى تسليم وثائق ومستندات تتعلق بالأمن القومى للبلاد إلى دول وحركات خارجية، وهى اتهامات موثقة ومدعمة.. وهناك تسجيلات صوتية خطيرة تكشف النقاب عن الدور التأمرى للرئيس المخلوع وجماعته فى سيناء وما يرتبط منها بمذبحة رفح، وخطف العديد من الجنود، وشل يد الدولة عن حماية أمنها القومى فى سيناء، والسماح بتغلغل الجماعات الارهابية وحمايتها فى سيناء، ناهيك عن الاتهامات الأخرى التى سوف يجرى الكشف عنها.. إن الموقف الراهن يصب فى صالح الإرادة الشعبية، والالتفاف الجماهيرى الكبير حول الجيش وخياره بالانحياز لصالح الشعب، كل ذلك بالتأكيد سوف يدفع إلى ترسيخ الواقع الجديد، خاصة بعد الإعلان عن خارطة المستقبل وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.