"خطيئة من ذهب، يتبعها عقاب من رصاص".. مثل روسي شهير يقفز إلى الذهن مباشرة حين نتابع ما يحدث الآن للرئيس الفرنسي الأسبق "نيكولا ساركوزى" (2007- 2012م) بعد أن وضعت النيابة المختصة بالجرائم المالية في فرنسا "ساركوزي" رهن التحقيق بتهمة "تمويل غير قانوني للحملة الانتخابية"، على خلفية تلقيه أموالاً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية 2007م، وهي جريمة يُعاقب عليها بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 3750 يورو. المحاكمة المذكورة ستتم نظراً لتجاوز "ساركوزي" سقف نفقات الانتخابات التي تتجاوز 20 مليون يورو، على الرغم من تحذيرات محاسبي الحملة في مارس وأبريل 2012م! وكان "ساركوزي" قد طعن قبل ذلك بأنه سبق أن تمت معاقبته في الوقائع التي يتهمه بها المجلس الدستوري في 2013م؛ حيث أكد المجلس حينها رفض التصديق على حساباته بسبب تجاوز سقف الإنفاق الذي اضطر لتسديده؛ لكن تلك القضية كانت تتعلق فقط ب363 ألف يورو تم الانتباه إليها قبل أن تنكشف في ربيع 2014 م منظومة واسعة لفواتير مزورة هدفها تزييف نفقات تجمعات "ساركوزي" التي كانت تنظمها وكالة الاتصال "بجماليون"!! يذكر أنه في مارس 2018 م، تم توجيه الاتهام ل "ساركوزي" بشأن التمويل الليبي لحملته الانتخابية عام 2007، وتضم قائمة اتهامات هي: "الرشوة السلبية"، و"اخفاء اختلاس الأموال العامة الليبية" و"التمويل غير القانوني للحملة"، علماً بأن هذه القضية جاءت بعد أن استخدم محققون فرنسيون أجهزة تنصت على الهواتف لفحص مزاعم منفصلة بأن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قد موّل حملة "ساركوزي"، واشتبهوا في أنه اطلع على تفاصيل قضية منفصلة من خلال شبكة من المخبرين. ومن ناحية أخرى، واجه "ساركوزي"، الذي انسحب من الحياة السياسية منذ عام 2016م، تهمة "التأثير على التجارة" و"فساد" قاضٍ كبير في محكمة النقض في قضية أخرى، كشف عنها التنصت على الهاتف الذي استخدمه تحت اسم مستعار هو "بول البزموت". ومن الأشياء اللافتة للنظر بشأن قضية "ساركوزي" تلك، أنه رغم اتهامه بتلقيه لأموال من القذافي لتمويل حملته الانتخابية عام 2007م، إلا أن الرئيس الفرنسي الأسبق (المتهم) كان أحد أهم أسباب قتل القذافي، وهو الأمر الذي كشفت عنه تسريبات من البريد الإلكترونى لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلارى كلينتون" التي انفضحت مؤخراً، والتي أبرزت أن الدافع وراء تحرك "ساركوزى" للإطاحة بالقذافى، كان الخوف من استخدام الزعيم الراحل لكميات الذهب الليبى لإضعاف النفوذ الفرنسى فى إفريقيا!!