أثار جو بايدن، المرشح الرئاسي للحزب الديموقراطي، حفيظة أردوغان وعبأه بموجة غضب عارمة عندما هاجم تركيا ولوّح بدعمه للمعارضة التركية من أجل الإطاحة بأردوغان من الحكم ووصفه بالمستبد. جاء هذا في خضم الحملة التي يقودها بايدن المنافس الديموقراطى لترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر لها أن تجرى في الثالث من نوفمبر القادم. أصاب بايدن الهدف إلى حد باتت أقواله ضد أردوغان تشكل القضية رقم واحد في تركيا اليوم. تمادى بايدن في عدائه للنظام في تركيا عندما كشف اللثام عن أنه ينوى اتباع نهج جديد في سياسته تجاه أردوغان المستبد. أكثر من ذلك بادر فوجه سيلا من الانتقادات للنظام الحاكم، ولذلك أعلن عن دعمه الكلى لأحزاب المعارضة التركية من أجل الإطاحة بأردوغان. وما لبث أن فتح الباب على مصراعيه ووجه انتقادات لسياسة تركيا ضد الأكراد في سوريا، وسياستها في شرق المتوسط، ولفت الأنظار إلى أنه يتوجب على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تدعم المعارضة كى تكون قادرة على التغلب على هذا الأردوغان وإزاحته وإلحاق الهزيمة به. رد فعل تركيا كان غاضبا وسارعت رئاسة الجمهورية فاعتبرت أن ما طالب به بايدن يعد تدخلا سافرا في الحياة السياسية الداخلية وأن تصريحاته غير مسؤولة ومسيئة لها، ورأت بأن تصريحاته تشى بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي المتهم الرئيسى في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا عام 2016 .ولا شك أن تصريحات بايدن قد أثارت قلقا لدى تركيا لا سيما وأن عينها على الانتخابات الأمريكية التي اقترب موعد إجرائها في نوفمبر القادم، ففي ظل هذه الانتخابات شعرت تركيا بأنها محاصرة بين خيارين أحلاهما مر. فهناك التعويل على ترامب رغم أن سياسته متقلبة ومثيرة للخلافات الحادة لا سيما حول ملف الوحدات الكردية في سوريا، وملف المعارض " قتح الله جولن" المقيم بأمريكا خاصة مع مطالبة تركيا بتسليمه لها، وهناك خلاف تركيا مع ترامب حول شراء منظومة باتريوت، وطائرات إف 35 ، وهناك سلاح العقوبات الذى تشرعه أمريكا على خلفية شراء تركيا منظومة إس 400 الدفاعية من روسيا. بيد أن هذه الخلافات تتضاءل أمام وجود علاقات شخصية بين ترامب وأردوغان مما حافظ على مستوى جيد من العلاقات ساعد في التوصل إلى حلول وسط في كثير من الملفات. الأمر الذى يجذب أردوغان إلى تفضيل فوز ترامب بفترة رئاسية جديدة. أما "جو بايدن" فالأمر يختلف كلية، فهو يحمل سجلا حافلا بالعداء العلنى لتركيا وظهر هذا في أكثر من ملف. وعليه فإذا جرى استعراض التباين بين ترامب وبايدن فإن القياس مع الفارق. ويكفى أن بايدن وعلى مدى عقود كانت له مواقف وقرارات معادية لتركيا ومنها على سبيل المثال لا الحصر معارضته لها في ملف قبرص حيث إنه انتقد الدور التركي وهاجم تدخلها العسكري عام 1974 . بل ودعا مرارا إلى ضرورة انسحاب القوات التركية من قبرص. وفى 1987 كان أحد الموقعين على الوثيقة التي دعت إلى حظر تصدير أسلحة إلى تركيا حيث اتهمها بأنها لم تلتزم بقرار الأممالمتحدة حول قبرص واعتبرها العنصر المعطل للحل السياسى في قبرص. وفى عام 99 وكان يرأس حينئذ لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ سارع فوضع فيتو على تقديم حزمة مساعدات مالية لتركيا بقيمة خمسة مليارات دولار. واستمر في حملة الانتقاد لها ولسجلها في مجال حقوق الانسان والحريات وملف الأكراد. وكثيرا ما دعا بايدن إلى اعتراف أمريكا بالمسألة الأرمنية واعتبار ما جرى في 1915 مجزرة إبادة جماعية قامت بها تركيا ضد الأرمن. وكان أن قاد حراكا كبيرا طوال العقود الماضية من أجل الاعتراف بما يوصف بإبادة الأرمن. كما انتقد تحركات أردوغان في سوريا وكيف أنه سهل ودعم دخول المقاتلين الأجانب إلى الأراضى السورية، ودعم التنظيمات الإرهابية كداعش والنصرة وغيرهما. وبالتالي ففي معرض المقارنة سيميل الشيطان إلى ترامب حيث إن فوزه بولاية ثانية سيصب في صالحه، أما بايدن فيكنّ له العداء وبالتالي فإن فوزه في الانتخابات سيكون الطامة الكبرى بالنسبة للثعبان الأسود...