سيكتب التاريخ علي جماعة الاخوان المسلمين انها اول من قننت لمنهج 'المكالمات السرية الليلية' طريقا للعمل السياسي في مصر . فقد توقع التاس بعد ثورة 25 يناير وبعد زوال الديكتاتورية وقبلها 60 عاما من الشمولية, وبعد ان انحصر القرار السياسي في خمس اشخاص في في مصر ان اهم ملامح التغيير في المشهد السياسي ستكون عنصران, هما الشفافية والمشاركة. وبناءا عليه تصوروا ان رقعة المشاركة في القرار ستتسع طولا فتشمل بسطاء الناس في القاهرة وبحري والصعيد كما تتسع عرضا لتشمل كافة التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية والمذهبية , وعليه سيكون الكبير والصغير الغني والفقير المراة والرجل القبطي واليساري والاسلامي, ولو نظريا وجزئيا شركاء في القرار السياسي. جاء الاخوان فمسحوا هذا الحلم من مخيلة الناس باستيكة. فقد كانت بداية بصماتهم السياسية في السلطة هي اقرارهم لازدواجية غير مسبوقة في عالم الديمقراطيات, بان يمارسوا الحكم عبر قناتين, احدهما حزب ديمقراطي علني يخضع للرقابة والشفافية والمساءلة 'الحرية والعدالة ', وآخر سري غامض يملك مقاليد الأمور ويتخذ قرارات مصيرية, كقرار الجماعة بالنزول لقتل المتظاهرين امام الاتحادية, هو التظيم التاريخي بعضوياته المجهوله وامواله وصلاته وتحركاته الخارجة عن اي متابعة. وزادوا عليه -ب ان حصروا في دائرة مكتب الارشاد الكهونيتية-التي تتنزل منها القرارات الحاسمة ولا يعرفها حتي اعضاء الجماعة ذاتها 'راجع قرار اقالة النائب العام الذي طالب الشباب الزحف كاعضاء مافيوزا تتلقي الاوامر من زعيم العصابة دون ان يبلغههم بمضمونه', كما زادوا عليه اضفاء اجواء مافيوزية علي عوالمهم الداخلية الي الحد الذي ينهي الفرق بين التنظيم السياسي والعصابة. في ظل هذه الاجواء كان طبيعيا ان يكون 'الابداع -الاضافة', من الاخوان لتقاليد العمل السياسي هو آلية 'المكالمات السرية الليلية '. نحن لانعرف مثلا- وليس من حقنا كشعب في نظر الاخوان ان نعرف - مالذي حدث في الاتصالات السرية مع نجيب ساويروس, ومالذي حول الرجل من عدو الشعب -كما كان يردد ببغاوية معتادة كل شباب الاخوان -الي رأفت هجان جديد, يذهب مندوبان من الرئاسة والمخابرات العامة لاستقباله في المطار 'باعتبار ان في حقيبته صورا لمفاعل ديمونة من الداخل مثلا'. نحن ايضا لانعرف طبيعة المفاوضات التي جرت وتجري مع حسين سالم ومحمد رشيد واحمدعز, والعشرات غيرهم, ولانعرف مدي الحلال والحرام السياسي والاقتصادي وباي معيار من في المفاوضات, ومن الذي سيرضي عنه الاخوة فيخرج في آخر الفيلم 'فلول' او 'وطني', ولماذا, ومن الذي سيطلقون عليه جموع الغوغاء فتهتف تستحل دمه, وتفرقها بين القبائل. نحن نفاجيء, وربما هذا مرحليا, ان فلانا عرض عليه الموقع الفلاني او العلاني, بلا مقدمة او حيثية او كفاءة او انجاز, وحين نسأل لاتكون الاجابة اكثر من انه كتب مقالا مناصرا للجماعة او ترك الباب مواربا معها او جمعته صلة او شبه صلة مع عضو فيها, فتلقي المكافأة تليفونا ليليلا انه احد المبشرين بالسلطة. في هذه الاجواء الظلامية البشعة -منطقي ان تكون حياتنا السياسية, وازماتها محاطة بكل هذا الغموض والشك والوساوس والغدر والكذب والتآمر والضبابية. منطقي ان يتم اختطاف جنودنا وابناءنا من قبل 'اصدقاء الجماعة' -بليل, ويفرج عنهم بليل دون ان ندري مالذي حصل, ومن الخاطف, ومن الحاكم ومالفرق بينهما, ولماذا اختلفا و لماذا تصالحا وعلام تفاوضا ومتي ميعاد معركتهما المقبلة. منطقي ان تصبح حياتنا كلها لعبة -رهن رضا الجماعة وتلفوناتها الليلية ومؤا مراتها وخططها السرية ونواياها المجهولة واتفاقااتها واختلافاتها مع اصدقائها واعدائها. نحن للاسف -انتقلنا من قبضة الديكتاتورية - الي قبضة الماسونية - دون قصاصة ورقة انذار صغيرة حتي- من محضر.