طالبت محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية بضرورة ان يتريث مجلس الشوري في اصدار القوانين المكملة للدستور ونظر المشروعات الكبري منها مشروع اقليم قناة السويس حتي نتجنب تداخل السلطات فيما بينها. ففي حكم خطير وتاريخي للمحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطاني وخالد جابر واحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس قامت المحكمة بإرساء مجموعة من المبادئ القانونية الرفيعة لرسم طريقة التعاون بين السلطات لفض الاشباك القائم بين السلطات وحدود مجلس الشوري في التشريع وانه طبقا للدستور الجديد فان سلطة التشريع لمجلس الشوري كانت لضرورة ملحة والضرورة تقدر بقدرها وانه يتعين عليه سن القوانين الضرورية المتصلة بخدمات الشعب وان مشروعي قانوني محور قناة السويس والسلطة القضائية يتعلقان بالسيادة المصرية وحراس الحقوق والحريات وعليه التريث لانعقاد مجلس النواب الجديد وان السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ملزمتان بالتقيد بالاصول والمبادئ الدستورية المستقر عليها عالميا دون مخالفة لاحكام الدستور واهداف الثورة الاحدي عشر وانه يجب علي النظام تطبيق الفصل المرن بين السلطات لتحقيق الاستقرار بدلا من الفصل المطلق الذي ادي الي الفوضي والاضرابات واكدت المحكمة ان العلة في منح المشرع الدستوري لمجلس الشوري بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتي انعقاد مجلس النواب الجديد وفقا للمادة 230 منه تكمن في حالة الضرورة التي اقتضتها ظروف البلاد لعدم وجود مجلس نواب للشعب المختص اصلا بالتشريع وحتي لا يحدث فراغ تشريعي فانه طبقا للقواعد الكلية الشرعية المستقر عليها فقها وقضاء ان الضرورة تقدر بقدرها اي ان الشئ الذي يجوز بناء علي الضرورة يجوز اجراؤه بالقدر الكافي لمواجهة تلك الضرورة فقط ولا يجوز استباحته اكثر مما تستلزمه الضرورة وقالت المحكمة انه سبق لها ان اصدرت العديد من الاحكام القضائية عقب صدور الدستور الجديد في مجال الرعاية الصحية والعلاج المجاني لغير القادرين من ابناء الشعب وازاء هذا الحق الدستوري المنصوص عليه في المادة 62 من الدستور الجديد ناشدت المحكمة مجلس الشوري مرارا في تلك الاحكام ان يولي اهتمامه نحو تنظيم هذا الحق حتي تستطيع المحكمة ان تبسط ولايتها المعقودة لها في الدستور والقانون بحسبان ان الرعاية الصحية والعلاج المجاني لغير القادرين من بين التشريعات التي تقتضيها ظروف الضرورة والاستعجال لتلافي خطر تعريض حياة المواطنين للهلاك بما كان يتوجب معه ان يكون تنظيم ذلك الحق تشريعيا في اعلي مدارج اهتمامات مجلس الشوري بل علي القمة من اولوياته ليتمكن القضاء من تطبيق احكام ذلك الدستور الا ان المجلس غض الطرف عن مناشدة المحكمة له وترك المرضي بالامهم خاصة الفقراء والمعدمين منهم دون حماية وتنظيم وصوب نظره الي التشريعات التي لا تتصف بالضرورة والاستعجال ولا تتصل بالمصالح الخدمية للمواطنين مثل مشروع قانون محور قناة السويس الذي يتعلق بالسيادة المصرية الكاملة علي اغلي بقعة من اراضيها ومشروع قانون السلطة القضائية وهي الحارس الحقيقي علي حريات الافراد وحقوقهم, فانه اتساقا مع هذا الفكر القانوني السديد يتوجب علي مجلس الشوري التريث في مناقشة مثل تلك الموضوعات لحين انعقاد مجلس النواب الجديد صاحب الاختصاص الاصيل في التشريع مع التقيد بالاصول والمبادئ الدستورية المستقر عليها عالميا ودونما مخالفة لاحكام الدستور الجديد ومبادئ الثورة الاحدي عشر الواردة في ديباجة وثيقة الدستورالتي تأخذ حكم طبيعة النصوص الدستورية ذاتها وقوتها اذ نص المبدأ السادس منها علي ان سيادة القانون اساس حرية الفرد ومشروعية السلطة وخضوع الدولة للقانون فلا يعلو صوت علي قوة الحق والقضاء مستقل شامخ صاحب رسالة سامية في حماية الدستور واقامة موازين العدالة وصون الحقوق والحريات ومن ثم فان السلطتين التنفيذية والتشريعية المتمثلة في مجلس الشوري الان ملزمتان بنصوص الدستور الجديد بسن اصدار القوانين الملحة المتعلقة بالاستعجال والضرورة المتصلة بالمصالح الخدمية اليومية للشعب وعلي قمتها الرعاية الصحية والعلاج المجاني لغير القادرين دون التحيف علي السلطة القضائية او الانتقاص من السيادة المصرية اخذا في الاعتبار ان حق الرعاية الصحية من حقوق الانسان الواردة في المادة 25\1 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر من الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1948 مع التأكيد علي نص المادة 30 التي تنص علي انه ليس في هذا الاعلان نص يجوز تأويله علي انه يخول لدولة او جماعة او فرد اي حق في القيام بنشاط او تأدية عمل يهدف الي هدم الحقوق والحريات الواردة فيه واضافت: انه لا يغير مما تقدم القول بان مجلس الشوري يتمتع بسلطة مطلقة في اختيار سن القوانين التي يراها دون التقيد بحالات الضرورة والاستعجال وخدمات الحياة اليومية للشعب فذلك مردود عليه بان نظرية السيادة البرلمانية لم تعد تشكل جزءا في كيان الدول ذات الانظمة الديمقراطية الحديثة فضلا عما فيه من اهدار لصحيح مفهوم مبدأ الفصل بين السلطات, ذلك ان الفصل بين السلطات ليس مطلقا والا لأدي الي كثير من الفوضي واحداث الاضطرابات داخل الدولة فكل سلطة حينئذ تعمل بمعزل عن باقي السلطات الاخري وتغدو بهذا المفهوم المطلق وكأنها دولة مستقلة داخل الدولة نفسها, ومن ثم وجب ان يكون الفصل بين السلطات مرنا محمولا بالتعاون فيما بينها لاعلاء المصلحة العليا للبلاد ولتحقيق الاستقرار المنشود.وبهذه المثابة فان مجلس الشوري وان تمتع بحرية كاملة في سن القوانين فان هذه الحرية ليست طليقة من كل قيد بل مشروطة بالا ينتهك احكام الدستور وألا يتجاوز الحكمة التي تغياها المشرع الدستوري حينما منحه سلطة التشريع بصفة مؤقتة ولضرورة الجأته اليها وكانت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطاني وخالد جابر واحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس قد قضت بوقف تنفيذ قرار الحكومة السلبي بالامتناع عن علاج لاحدي السيدات الموظفات بالاسكندرية علي نفقة الدولة من مرض تصلبات متعددة في النخاع الشوكي وما يترتب علي ذلك من اثار اخصها الزام الدولة بوضع نص المادة 62 من الدستور الجديد موضع التطبيق الفعلي باعتباره من التشريعات الملحة الضرورية لحياة المواطنين وامرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون اعلان والزمت الحكومة بالمصروفات.