هل الدعاء مجرد وسيلة ننسي معناها وجوهرها بمجرد الوصول إلي الهدف؟ أشاهد هذا مرارا وتكرارا في مواقف حياتية متعددة،لكنه بات أشد وضوحا مع تحقق كل انتصار لفريقنا القومي، والحقيقة أن كل انتصار هو فرحة حقيقية وخاصة إذا كان خطوة علي طريق بطولة،ولأننا بنحب مصر ومتعطشين للفرحة، ولأن أهدافنا القومية شبه منعدمة واصفارنا موجعة فقد تحولت كرة القدم الي ملاذ لشعورنا القومي نفرغ فيه شحنات الحب نصرخ ونجن وترتسم البهجة والبسمة علي الوجوه فتشعر في الشارع أنك دخلت أرض السعداء بعد ان تخطيت عبر مشوار عمره تسعين دقيقة أرض التأفف والتذمر والرفض لكل ما يتعبك وينغص عليك، فتتحول المشاجرات في المواصلات العامة إلي حديث عن الكرة الطائشة لمتعب وعن اللعبة العبقرية بين زيدان وجدو وعما ذكرته الصحف الجزائرية من تناول لاعبينا للمنشطات وتكذيب ذلك بأن بنزين لاعبينا كان قد انتهي تماما في المباراة الأخيرة ولو كنا نتناول المنشطات ما كانش ده بقا حالنا وستسمع النكات علي الفرق المنافسة للدلالة علي مدي خوفها من مصر، كل هذا الفرح ببركة جهد دءوب وإخلاص حقيقي توجهما رجاء التوفيق من الخالق وهو ما ترجمته يارب التي كانت تخرج حقا من القلوب والتي لا أفهم كيف ينساها البعض بانتهاء المباراة ووصولنا إلي النصر، كيف تتحول التقوي إلي مظهر مناقض، ولا يمكن ان نكون بالطبع ضد تظاهرات الفرح أو الرقص والغناء ورفرفة الأعلام فالفرح جميل والنصر مذاقه حلو لكنني أتساءل كيف نقول يارب ثم ننساه تماما في ليلة احتفالنا بما من به علينا من انتصار، كيف نقول يارب وتنزل الفتيات وسط الزحام يرقصن بابتذال فيما يمثل دعوة مفتوحة للتحرش وكيف يتحرش شباب بفتيات بريئات أو غير بريئات علي طريقة ساعة دعاء وساعات انفلات، نلجأ الي الله وقت الشدة وننساه عندما يهبنا النعمة، لقد سألني شاب، إحنا موش خايفين ولا حاسين إن ممكن نقول يارب فيصبح دعاؤنا غير مقبول، أليس واجبنا الحمد بدلا من العصيان، والحقيقة ان ما شاهدته عن بعد بنفسي من مظاهر مؤلمة، أكبرها التحرش، وأصغرها حرق ملابس من تسول له نفسه الاقتراب بشظايا مشتعلة لسلك يستخدم لتنظيف الأواني يقوم المحتفلون بإشعاله ولفه في الهواء، هو ما جعل السؤال عن مدي شعورنا بجوهر "يارب" مطروحاليس فقط علي مستوي كرة القدم وحدها وانما علي كل المستويات، انا واثقة من أننا شعب طيب مسكون بالإيمان،المحبون علي أبواب مقامات الأولياء لا يذهبون اشراكا والحادا كما يزعم البعض، وانما ليقولوا يارب، كل بحسب وعيه وإدراكه، الناس في كل مكان تنطق بها ليلا ونهارا لكل صغيرة وكبيرة، نقول يارب بكل الصدق واليقين، لكن جوهرها وروحها بعيدان عن أذهاننا، وواثقة من ان البعض يفعل ما يغضب الله علي انه مجرد لهو أو ترفيه أو ربما استظراف، دون ان يقدر الله حق قدره ولا أن يستشعر كيف يكون غضبه.