برغم كل المعارك الوهمية والمصطنعة التي تجرنا اليها الرئاسة والحكومة علي كافة المستويات وبرغم عدم وجود خطط ورؤي مستقبلية للنهوض بالاقتصاد من كبوته, وبرغم كل جماعات المصالح التي تتجاذب الوطن هنا وهناك, وتلك الحناجر التي يعلو صوتها بصيحات الغضب دون وجود أولويات وحصون لأمننا القومي الا أنني لا أستطيع أن أخرج الأحداث التي تتصاعد هنا وهناك في كل يوم لتجرنا نحو هاوية سحيقة لا فكاك منها من وجود مؤامرات كثيرة وليست مؤامرة واحدة بل ومن جهات عديدة تريد كل منها تفكيك هذا الوطن العظيم كل حسب مأربه ومصلحته, فهناك من لن يسمح لسيناء بالهدوء والاستقرار ولن يعطي للجيش المصري فرصة لالتقاط الأنفاس وتجميع الشتات حتي لا يستعيد عافيته أو ينهض بقوة تفوق قوته من ذي قبل بل وقد تتشابك مصالح عدة جهات في هذا الأمر فهناك من يخططون منذ سنوات لتمكين اخواننا من الفلسطينيين من غزة ويقومون ميدانيا بالكثير علي الأرض وهو وان لم نكن نصدقه قبل ذلك فقد بدت اماراته علي أرض الواقع حتي لم يعد أحد يستطيع انكاره الا من يدفن رأسه في الرمال أو يسعي لتحقيق ذلك ويتحمس له دون اعلان, وهؤلاء يشغلون الجيش ويشتتون طاقته ويستهدفونه ويحاولون تدمير علاقة الجيش بالشعب حتي يتحقق لهم ما يريدون لأن جيشا كجيش مصر وراءه شعب كشعب مصر لا يقهره أعتي الأعداءوالتاريخ يشهد بذلك. فلم يجد أعداؤنا حلا لتلك العلاقة المتينة سوي قطعها لضرب قوة الجيش وللأسف من وراء توطين أهل غزة في سيناء هناك أفعي تريد أن تحتل باقي سيناء ومدن القناة ويحاولون اقناع أهل سيناء ومدن القناة أنهم مضطهدون محرومون وأن كرامتهم لن ترد لهم سوي باعلان دولة لهم وظهور بعض الدعوات لذلك بين الحين والآخر ليس من قبيل المزاح ولا الغضب كما يظهر علي السطح ولكن هناك من يروجون بالفعل وسط المواطنين ويستغلون الأحداث المؤسفة والعبث الذي يتوالي من الحكومات نحوهم لتحقيق هذا الغرض الدنيء وبرغم رفض أهل سيناءومقاومة مدن القناة الا أن تقوية الشعور بالاغتراب والاضطهاد لدي أبناء هذا الجزء الغالي من الوطن هو خطر حقيقي علي الأمن القومي للوطن وهو وان لم تتحد الجهود الشعبية والحكومية والعسكرية لمواجهة هذاالخطر فاننا بالفعل نسلم تراب الوطن بحماقتنا وقصر نظرنا وعدم اعترافنا بوجود خلل مؤسسي واجتماعي أوصلنا لما نحن فيه من قلق علي المستقبل ومخاطر تتهدد الحاضر. وعلي نفس الخط هناك من يحاولون اقناع أهل النوبة أنهم مع اضافة حلايب وشلاتين وكل الجزء الجنوبي الغربي بامكانهم الانفصال واستعادة هويتهم وثقافتهم النوبية والاستفادة من ثرواتهم المهدرة في حال الانفصال وقيام دولة النوبةوبين الحين والآخر تتصاعد الدعوات لذلك, بين مؤيد ومعارض وذلك لبث روح الاغتراب داخلهم وهم ان يكونوا رافضين لذلك الا أنالاستمرار علي هذا النهج والترويج مع تراخي الحكومات في تطوير واعمار النوبة سيولد حتما الانفجار يوما ما أن لم نرفع رؤسنا ونري الحقيقة وندرك المؤامرات التي تحاك لنا وندرك تقصيرنا ونسعي لحلول عملية علي أرض الواقع . وليس بعيدا عن أعيننا تلك البؤر والأحداث الطائفية التي تتفجر بين الحين والآخرلايجاد قناعة داخل المواطن المسيحي أنه مكروه ومضطهد وأنه غير آمن علي نفسه وأمواله بين المسلمين وأنه لا كرامة له ولا وجود ما دام بينهم وأنهم لا يعترفون به كشريك في الوطن ويكفرونه ويتمنون أن يفنوا جميع أقباط مصر وأن الغرب يخاف عليه ويريد صالحه ويحميه حماية للدين وقناعة لدي المواطن المسلم أن الأقباط خائنون يحملون السلاح ولديهم اقتصاد خاص بهم ودولة داخل الدولة وهم لا يعانون الفقر كاخوانهم من المسلمين وكذلك أنهم يؤججون المشكلات الصغيرة ويصنعون أحداث من لا شي ء ويحولون كل مشكلة لقضية طائفية برغم احتمال حدوثها بين أبناء الدين الواحد اسلاميا كان أو مسيحيا ويستعدون الغرب علي مصر ويستعينون بالأعداء في كل حادثة لأنهم يكرهون المسلمين , وفي لحظات الغضب والخلاف تعلو تلك النبرات والنعرات العرقية والدينية, ويتذكر كل طرف للآخر كل الأحداث السابقة بشكل يبدو كانفجار لأن جذور المشكلة لم تقتلع ولأن المكاشفة والمصارحة غائبة وعادة ما يتم احتواء الأزمات بالمجاملات التي لا ترضي أي من الطرفين وتنهي الصراع النفسي الداخلي لذلك فاننا بحاجة لحسم الأمر ومواجهة المشكلة التي هي نفسية أكثر منها أي شيء آخر واصلاح البيت من الداخل فالنزاع له طرفان وتغليب أي من الطرفين يجعل الموقف دائما رهن الاشتعال والتأزم كالنار تحرق الأخضر واليابس, وعدم دفن الرؤوس في الرمال هو ما يمكن أن يحمينا من استثمار أعدائنا لهذه المشكلات وترويجها علي أنها اضطهاد وظلم وحصار وابادة وكل تلك الكلمات التي تشعل الموقف خلال ثوان, ومن يروجون لتلك المصطلحات يحاولون كذلك زرع الاغتراب لدي المواطن المسيحي والمسلم علي حد سواء لخلق حالة من النفور التي تهيء وتمهد للانفصال النفسي والانساني ثم يأتي الانفصال الأسهل وهو ترسيم الحدود واقامة دولة مسيحية وأخري مسلمة وبرغم شدة معارضة ومقاومة المواطنين المسيحيين لكل العروض المغرية باقامة دولة مسيحية علي أرض مصر الا أنهم أمام التحديات المتتالية وأمام الضغوط والمخاوف والمحن التي يرون أنهم مقدمون عليها يتعرضون لاختبار صعب ان لم يقنعهم بالانفصال فسيقوي لديهم الشعور بالاغتراب والانفصال الاجتماعي والانساني عن هذاالوطن وهو ما لا يجب أن نسمح به أو نتركه يفرق شمل مصرنا الحبيبة. اننا في لحظات صعبة حقا ولدينا جبهات عدة مفتوحة واعداء يتربصون بنا ويستثمرون اخطاءنا وهشاشة مجتمعنا ويستغلون قصور فكرالأولويات وسطحية حكمنا علي الأموروعدم وجود خطط أمن قومي طويلة الأجل لدينا ونحن الآن في أمس الحاجة لاستغلال مواردنا البشرية الهائلة بدلا من أن تتحول لشوكات وطعنات غائرة في جسد هذا الوطن المثقل بالهموم ومعاناة السنين.