تكريم رئيس هيئة النيابة الإدارية خلال احتفالية كلية الحقوق جامعة القاهرة    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    اختيار رئيس جهاز حماية المنافسة لعضوية المجلس المُسير لشبكة المنافسة الدولية    تذبذب أسعار الذهب في منتصف تعاملات الخميس 8 مايو    جيش الاحتلال يواجه صعوبات في إخلاء جنوده من منطقة الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية    والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع المساعدات بعيدا عن حماس    حرب الإبادة    وزارة الرياضة ليلا كورة: القانون الجديد في البرلمان الأسبوع المقبل.. ومفاجأة بند ال 8 سنوات    أعمال شغب واعتقال 44 شخصاً خلال احتفالات جماهير باريس سان جيرمان بتأهله لنهائي دوري الأبطال    تشكيل مباراة أفريقيا الوسطى وغانا في أمم أفريقيا للشباب    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    مصرع شخص دهسته سيارة محملة بأسطوانات البوتاجاز بقنا    «رسالة حاسمة قبل دقيقة من وفاتها».. النيابة تكشف تحقيقات واقعة طالبة الزقازيق    النجم العالمى مينا مسعود يزور مدينة الإنتاج الإعلامى ويشيد بإمكانياتها    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    الجونة السينمائي يعلن عن برنامج مميز بالجناح المصري في مهرجان كان    مدبولي: «أورام طنطا الجديد» يسهم بشكل كبير في تحسين نسب الشفاء    تاج الدين: الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة غير المعدية شيوعا.. ويتسبب في 450 ألف حالة وفاة سنويا    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    لدخول السوق الرئيسي.. بدء اكتتاب زيادة رأسمال بريمير هيلثكير في البورصة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    «لو صاحبك من الأبراج دي أوعى تحكيله سرك».. أبراج لا تعرف كتم الاسرار    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    قنا تستعد لجذب المستثمرين بطرح مشروعات سياحية وخدمية وترفيهية قريبًا    موعد بداية ذي الحجة 1446.. متى تحل وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر؟    بيتر ميمي يروج ل"المشروع X" ويعلق: "مختلف جدًا"    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    رفع درجة الاستعداد بمدارس البحيرة استعدادا لاستقبال امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أزعجتهم خلال علاقة محرمة.. سيدة وعشيقها يقتلان رضيعة في الهرم    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أشرف عبدالباقي: يجب تقديم بدائل درامية لجذب الجمهور دون التنازل عن القيم أو الرسالة (صور)    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    مراكب وورد ومسيرات طلابية في احتفالات العيد القومي لمحافظة دمياط    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤامرة علي الوحدة الوطنية

بدا المشهد الطائفي اكثر تعقيدا عن ذي قبل‏..‏ لم تكن فيه الاحداث متلاحقة علي هذا النحو‏..‏ فقط منذ اندلاع ثورة 25 يناير اشتعل نار غضب الاقباط أمام ستة احداث امتلأ بعضها بالعنف. شيء ما أصاب أواصر تلك العلاقة الابدية التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين علي طول التاريخ..
تجمعهما تحت سماء واحدة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
تجمعت معاناة الاقباط وانفجر بركان الغضب حاملا في ثناياه قضايا.. لم تتعامل معها الدولة برؤية ومنطق واختارت المسكنات علاجا.. حتي أصبحت الحلول غير ممكنة.
واستغلت جهات داخلية وخارجية ملف مشاكل الاقباط وصنعت منه أزمة تحاول عبره شق وحدة الصف لتعبث بمقدرات الوطن.
جاء الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية السابق يدق جرس الانذار جراء شيوع ظواهر تضرب الوحدة الوطنية في مقتل وتعكر صفو وسماحة الاديان.. بينما اختار الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة كشف واقع الاقباط ومعاناة متواصلة في تراخيص بناء الكنائس.. في هذه المواجهة نقترب من الواقع وما اعتراه في مسألة الفتنة الطائفية.
نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية السابق:
الاعتقاد بأن الأقباط مضطهدون يفرغ القضية من مضمونها الحقيقي
الفتنة الطائفية تنتج علي خلفية أحداث معقدة ومتشابكة واحتواؤها لا يتم بشكل منظم؟
يخطئ من يظن أن هناك فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط.. ما يحدث مجرد مواقف عابرة تأتي علي خلفية سوء فهم لحقائق الأمور وافتقاد للبصيرة والتعامل مع المواقف بروح غير طيبة, من الأهمية بمكان الوضع في الاعتبار انه من الممكن نتيجة لموقف ما قد يحدث خلاف, ورغم أن الخلاف قد يكون عابرا إلا اننا نجد من يحاول استثماره وتوظيفه في غير مجراه الحقيقي وكثير من الأحداث التي تؤجج مشاعر الأقباط تأتي في هذا الإطار.
دائما ما ينظر البعض لأي خلاف علي أنه شيء مقصود ويقف وراءه نيات غير طيبة ويضطر البعض الي تضخيم الأمور واضرام النار في المواقف حتي يستعر لهيبها ويصاب المجتمع بحالة تفكك وانهيار في علاقات المسلمين والاقباط.. نحن أمام قضية تحتاج الي فهم وبصيرة وقلب مفتوح يستوعب ما حوله, واتصور ان الاحتكام الي العقل والمنطق في هذه النوعية من الخلافات يحسم كل شيء.
في ضوء قراءتك لواقع الأحداث تتعمد الجهات الحكومية وضع العراقيل امام الاقباط في منح تراخيص بناء الكنائس؟
أملك ايمانا قويا بأن كل صاحب عقيدة لديه الحق في ممارسة شعائره الدينية دون قيد أو شرط, وهذه علاقة بين الانسان وربه ولا يجب وضع العراقيل أمام قيامه بذلك, وأتصور أن تلك القضية آن الأوان لها كي تحسم ونضع الحلول الجادة والعملية ليتاح أمام الاقباط بناء الكنائس بعيدا عن القواعد والاجراءات المعقدة والمنطق يقضي بأن ذلك حق أصيل لهم.
الجهات الحكومية المعنية بشأن منح تراخيص البناء لديها قواعد قانونية تعمل من خلالها وتتمسك بعدم مخالفة القانون والقانون في هذا الموقف يعد الأزمة الحقيقية والباب الذي يدخل منه تيار الفتنة في مسألة بناء الكنائس.. مما يقضي بضرورة البحث عن قانون آخر ينظم تلك الاجراءات ويضع قواعد عادلة.. تجعل الأقباط يشعرون بالراحة والوطنية عندما يشرعون في بناء كنيسة.. ليس في القرآن الكريم شيئا يدعو إلي حرمان الاقباط من بناء مكان يعينهم علي ممارسة شعائرهم الدينية ويتعين وضع ذلك في الاعتبار.
ليس هناك داخل الجهات الحكومية.. صاحب مصلحة في وضع العراقيل امام بناء الكنائس وإنما وجود قانون علي هذا النحو هو الذي يدفع الاقباط الي وصولهم لهذا الاحساس.
نحن أمام أمر معقد.. إيجاد الحلول المناسبة له لن يتحقق إلا بقانون آخر أكثر بصيرة باحتياجاتهم, وهذه هي النقطة التي يجب التحرك منها ولا يمكن القاء اللوم علي الاجهزة المعنية باستخراج تراخيص البناء علي اعتبار ان نظام عملهم يحكمه اجراءات لابد من الوفاء بها.
الأقباط لديهم رغبة في تجاوز قواعد القانون وبناء كنائس دون الالتزام بالاجراءات المتبعة؟
احترام القانون والعمل بنصوصه ضرورة مجتمعية يتعين علي المسلمين والمسيحيين الالتزام به.. حتي وإن لم يكن قانونا يحقق رغبات الناس ويلبي كامل احتياجاتهم, فاستقرار المجتمع وحماية القواعد المنظمة لعلاقات وحقوق الأفراد أمر لا جدال فيه, ويتعين علي الجميع عدم العبث به ولو استخدم كل فرد في المجتمع الفوضي كوسيلة للحصول علي حقوقه فلن يستطيع الناس الحياة في هدوء وسكينة.
أي مجتمع متماسك نجد فيه الاحترام سائدا للقانون.
الأحداث التي وقعت طوال الفترة الماضية انطلقت من عدم احترام القانون وأدت الي الواقع المؤلم الذي يعيش فيه المجتمع بكل ما يشهده من توتر ادي الي تصرفات غير مقبولة ومحاولة البعض في الداخل والخارج الي توظيفها علي نحو سييء يضر بوحدة المسلمين والمسيحيين.. والأقباط في حقيقة الأمر لديهم حق في رفضهم للقانون المنظم لعملية بناء الكنائس وعليهم السعي نحو تغييره لكن يبقي الاسلوب والنهج الذي نستخدمه في إحداث التغيير المنشود.
تكرار ظواهر العنف يعد أمرا مقبولا في التعامل مع الازمات التي تواجه اصدار تراخيص بناء الكنائس؟
لا أحد يملك قرار التشجيع علي استخدام الفوضي في تحقيق الغايات وجعلها منهاج عمل ودستور حياة.. نحن نعيش في مجتمع إذا تركت فيه الأمور تسير علي عواهنها فإن منطق شريعة الغاب سيسيطر علي نمط العلاقات السائدة فيه والاقباط جزء أصيل من نسيج هذا الوطن ولا يمكن لهم السعي نحو إشاعة الفوضي فيه.. كون وطنيتهم لا تقل بأي حال من الأحوال عن تلك التي يعتنقها المسلمون.
ويحضرني في هذا المقام عندما كنت أشغل منصب مفتي الديار المصرية ان حضر للقائي السفير الأمريكي بالقاهرة وتساءل عن قضية الارهاب الديني وجاء كلامي واضحا ومحددا بأن ما يحدث يغلفه الجهل بالدين سواء من المسلمين أو المسيحيين ولا يمكن التفرقة هنا بين مسلم ومسيحي فيما يعتنقه كلاهما من قيم وأفكار طيبة, فذلك يعد المكون الأساسي والرئيسي لهوية الانسان..
التعامل مع قضية تراخيص بناء الكنائس لابد أن يخضع للقانون ويجب ألا نستخدمها في إثارة الفتنة في المجتمع واضرام النار فيه.
يسود اعتقاد لدي الاقباط بأن ما يحدث صوب قضاياهم يعد اضطهادا لهم وضعفا لسلطة الدولة؟
تحظي العلاقة بين المسلمين والاقباط بخصوصية شديدة علي طول التاريخ ولم يكشف الواقع أو يتجه صوب اضطهادهم..
المجتمع نسيج واحد لا يفرق بين مسلم ومسيحي.. المشكلة تكمن في قضية تعقيد اجراءات منح تراخيص بناء الكنائس, وتلك مسألة لا يجب البناء عليها لوصف أواصر العلاقات التي تجمع بين المسلمين والاقباط, والمتابع لمشهد الخلافات التي تقع بين الحين والاخر يجد انها ترتكن الي بناء الكنائس وأنا متفق تماما أنها قضية يجب الانتهاء منها وإيجاد قانون عادل ينظم الاجراءات المطلوبة لمنح تراخيص البناء.
وصف الاقباط بأنهم مضطهدون يعد مبالغة ولا يستند الي حقيقة ومسألة لا يعترف بها الواقع.. نحن نضعف قوة الدولة بما نفعله من مظاهرات واعتصامات.. فقد حرمها الدين الاسلامي والمسيحي.. هناك أزمة لدي المجتمع نتيجة غياب التمسك بتعاليم الدين وقيمه السمحة.. ما يحدث الدين منه براء ونحمل فوق عاتقنا حرمة ما نفعله بأمن واستقرار الوطن.
تكرار مظاهرات الاقباط للتعبير عن مشاكلهم اعتراها بعض العنف والغضب الشديد؟
نصنع الأزمات بأيدينا ونصدرها لتنفجر في وجه المجتمع بأسره لا تفرق بين مسلم ومسيحي, ولو جعلنا قيم الدين الاسلامي والمسيحي السمحة منهاج عمل وأسلوب حياة.. فلن يجد العنف مكانا بين الناس.. ويسود الخير والمحبة في العلاقات التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين..
حدة الغضب وما يتولد عنه من أفعال صعبة تضرب استقرار المجتمع وإحساس أفراده بالأمان.. غيب التمسك بتعاليم الدين.. في تصوري ينطوي علي بعد خطير قد يقود المجتمع في مرحلة ما الي بزوغ ظواهر تشكل عبئا علي استقرار العلاقة الطيبة والضاربة بجذورها بين المسلمين والمسيحيين.
كثرة المظاهرات والتعبير عن حدة الغضب يؤدي في نهاية المطاف الي زيادة حدة التوتر في العلاقة وهذا يجب ألا يسود بين أبناء المجتمع الواحد.. الدين الصحيح هو الذي يعلم الناس الاخلاق والمحبة ويجمع شملهم, والمسيحية ذاتها تقوم علي المحبة ويتعين عدم الابتعاد عن تلك الدائرة والسماح لأشياء يمكن علاجها في أي وقت أن تعكر صفو العلاقة وتحدث شرخا يشق وحدة الصف.
هناك عدو أو أعداء يملكون رغبة جامحة في إشعال نار الفتنة في المجتمع بين المسلمين والمسيحيين وهم الآن يحاولون باستخدام مع كل الوسائل توظيف العنف في التعبير عن الغضب, وأعتقد أن تلك الصورة واضحة جلية في الاحداث الأخيرة.. علينا الانتباه جيدا لما يحاك في الخفاء من قلة مارقة لا تؤمن بتعاليم المسيحية وتريد توظيف العنف وتزييف الحقائق وتغليف المظاهرات بها.
تدخلات جهات خارجية في فرض الوصاية علي شأن أقباط مصر يضع الاوضاع في مرمي الخطر باستمرار؟
اذ لم يسد الايمان بأن أي تدخل خارجي في شئون الاقباط يعد عملا غير مقبول ويتعين علي المجتمع بأسره التصدي له.. ستظل تلك الجهات في محاولاتها العابثة بأمن واستقرار الوطن مستمرة ومصر هي وطن الاقباط, وأتصور أن تلك المحاولات يرفضها كثيرون.. البعض يحاول اكساب تدخله نوعا من حسن النوايا.. لكن باطنه يسكن فيه الشر ومحاولات شق الصف وتغذية الاحساس لدي المسيحيين بضياع حقوقهم.
نحن أمام قضية خطيرة يقيني أنها المسئولة عن بزوغ أزمات الفتنة بين الحين والآخر وتستخدم في ذلك عناصر من الداخل تحاول ايجاد نوع من التعاون معها لتحقيق أهدافها كما أن هناك أصحاب مصلحة من المسيحيين في الداخل والخارج في المقابل تسعي عناصر مسلمة انتزع من قلبها قيم المحبة الي استثمار مواقف صغيرة لتشعل فيها النار وتصنع منها أزمة.. الانتباه الي ما يحاك داخليا وخارجيا واجب شرعي علي المسلم والقبطي.
أنت أحد أعضاء بيت العيلة الفاعلين.. في يقينك استطاع بناء حصن منيع يتصدي للفتنة الطائفية؟
أعضاء بيت العيلة يجتهدون قدر المستطاع في نشر الحب والوئام بين فئات المجتمع وتعميق القيم الدينية السامية وهم في سبيل ذلك يسلكون كل السبل.. حتي تصل الرسالة واضحة وجلية وأتصور أنه قام خلال الفترة الماضية عبر أعضائه بدور فاعل ومؤثر في التعامل مع أحداث الفتنة الطائفية وتقريب هذه الخلافات الناجمة عن ممارسات الحياة وطرح رؤيته في التعامل مع كل حدث ووضع يديه علي القضايا الخلافية وسبل علاجها.
بيت العيلة يضم بين جدرانه خيرة علماء مصر من المسلمين والمسيحيين وهم في حالة تواصل مستمرة مع كل أزمة.. ويحاول تطوير أدواته للوصول الي الناس ليغرس فيهم التعاليم الدينية.. لكن كل ذلك وحده لا يكفي.. الوضع يتطلب العودة لجعل مادة الدين في مراحل التعليم المختلفة ضرورة ملحة.. حتي لا نترك ابناءنا من المسلمين والمسيحيين علي السواء ضحية لافكار هدامة لا تنتهي الي صحيح الدين.
تعتزم الحكومة الافراج عن قانون دور العبادة بعد طول انتظار من الممكن اثر خروجه للتطبيق ان يتصدي للقضاء علي الفتنة الطائفية؟
في ضوء الواقع الذي نعيشه اثر الاحداث المتكررة التي تشعل نار الفتنة الطائفية يصبح المرء علي يقين بأن وجود قانون دور العبادة ضرورة لإيقاف نزيف التوتر في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين كونه يغلق باب الاجتهاد في مسألة العقيدة ويتصدي لكل النقاط الخلافية في شأن منح تراخيص بناء الكنائس.. هذا القانون تأخر كثيرا في الظهور الي النور ويتعين صياغة مواده بشكل عادل.
لقد ساعد الوضع المتشابك في العلاقات السائدة داخل المجتمع وإقحام السياسة في كل شيء.. حتي في العلاقة التي تجمع المسلمين والاقباط.. ساعد علي إفسادها واتخاذها لانماط صعبة عصية علي الفهم والقبول بها وأتصور أن ذلك كان سببا أساسيا في العثرات التي واجهت قانون دور العبادة..
الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة:
أزمات الأحداث الأخيرة صنعها تجاهل مشاكل الأقباط
مشهد أزمات الفتنة الطائفية معقد ويصعب التعامل معه علي نحو جاد؟
ونحن بصدد كل أزمة تطفو فوق السطح يختفي بصيص الأمل في إيجاد حلول جادة يمكن القياس عليها وتطبيقها علي أرض الواقع.. فدائما ما يعرض من حلول يسير عكس الاتجاه ويبتعد عن آمال ورغبة الاقباط في العثور علي رؤية محددة وأرضية مشتركة تلتقي عليها كافة الأطراف.
شرارة الأزمة كثيرا ما تنطلق من موقف يتخذه مسئول صوب التصدي لبناء كنيسة ويشعر الأقباط علي خلفية موقفه بنوع من البغض والاضطهاد.. ودعني أسال سؤالا منطقيا.. ما الذي يضير مسئولا في الموافقة علي بناء كنيسة يتعبد فيها المسيحيون ويتقربون الي الرب؟!
لكنها أمور مقعدة لا تنطوي علي قواعد عادلة وتحكمها أهواء ونوازع غير مقبولة.
القضية أبسط مما يتصورها البعض ويمكن التعامل معها بقرارات بسيطة تقبلها كافة الاطراف ومن ثم تسود مشاعر الرضا وتتولد داخل الاقباط وتختفي المشاهد التي تنغص نقاء العلاقة بين الاطراف المختلفة ويغلف الاستقرار والهدوء مناخ الحياة.
القيادات التنفيذية تقف حائلا دون حصول الاقباط علي حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية؟
أريد مثالا واحدا تعاملت في ظله القيادات التنفيذية علي نحو جاد دون ان تخلف وراءها أزمة تنفجر في المجتمع وتهدد صفاء أواصر علاقات موغلة في القدم بين المسيحيين والمسلمين.. المتعمق في المشهد الممتد لن يجد شيئا طيبا فقط يجد فيه عدم التفهم للأوضاع.. صحيح أننا نتعامل في نهاية المطاف مع بشر.. لكن دعني أردد كلمة قداسة البابا شنودة الثالث.. التي تقول: الانسان العاقل يوجد حلا لكل مشكلة.
القضية في الأصل أن الاقباط حتي الآن مشاكلهم بلا حلول جادة ويتم تجاهل التعامل معها بنوع من الحكمة والبصيرة.. لو حدث ومضت الأمور في مجراها الطبيعي لن نجد هذا المشهد المعقد المليء بصور مفجعة.
يتعين علي القيادات التنفيذية إيجاد وسيلة مختلفة لوضع أطر حاكمة تجعل الاقباط يمارسون حقهم الطبيعي في بناء دار عبادة دون وضع العراقيل وإيجاد المبررات التي كثيرا ما يرفض العقل والمنطق والواقع ايضا قبولها.
أليس هناك قانون يضع كل القواعد في نصابها الطبيعي ويحول دون انفجار الأزمات؟
شرعت القوانين لتحقيق العدالة واستقامة الحياة وعدم التهاون في حقوق الناس.. تذكر ما الموقف الذي يتخذه أي إنسان عندما يتحول القانون عن هدفه ويفقد هويته ويصبح سيفا مسلطا علي الرقاب.. بكل تأكيد نظرته ستتحول وتتجه صوب مكان يبحث فيه عن العدالة وعن حقوقه المسلوبة والاقباط الآن يبحثون عن قانون عادل ييسر عليهم ولا يعسر.. يمنحهم فرصة للحياة دون اعباء أو ضغط نفسي يؤدي في النهاية الي الانفجار.. ما يعبر عنه الاقباط حصيلة سنوات طويلة دأب فيها النظام علي عدم الاهتمام بقضاياهم.
أليس من حق الاقباط إيجاد قانون يضمن العدالة ويوفر لهم حياة كريمة في ممارسة شعائرهم الدينية..
احترام القانون أمر لا جدال فيه ولكن ضع في القانون ميزان عدل يتصدي للمشاكل, واني أذكر في ذلك المقام قول الشيخين الجليلين رحمهما الله الامام الاكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي وفضيلة الشيخ الشعراوي عندما قالا لو تكلمنا فيما نتفق عليه فلن نجد وقتا ان نتكلم فيما نختلف حوله.
نفتقد الي روح القانون ونطبق منه ما يدفع نحو الخلاف واحداث الازمات وذلك أدي الي معاناة شديدة في استخراج رخص بناء الكنائس وهناك الكثير منها أقيم في كامل صورته ولا نستطيع ممارسة الشعائر الدينية فيه علي خلفية عدم الحصول علي رخصة.. كثيرا ما نظل نبحث عن أوراق الرخصة دون جدوي وهذا أمر لا يليق بمواطن مصري.. يتعين عدم النظر اليه من منطلق ديانته.. الواقع يقضي التعامل معه من منظور مصريته ووطنيته ولا شيء غير ذلك.
أمر طبيعي في تصورك تكرار احداث العنف الطائفي علي خلفية بناء كنائس دون الحصول علي رخصة؟
ليس هناك أصعب من ذلك الاحساس الذي يشعر فيه الانسان بالغربة علي أرض وطنه.. لقد سئم الاقباط ذلك الإحساس وأصبحوا يتيقون إلي وضع أفضل في ظل دولة تتجه صوب بناء مشروع ديمقراطي حقيقي وكيف تتجه نحو ذلك والاقباط مازالت حقوقهم المشروعة مهضومة والمسافة طويلة بينها وبين الواقع الذي نعيشه لقد تكررت المواقف التي سجل فيها الاقباط اعتراضهم علي القواعد المنظمة لبناء الكنائس اكثر من خمس مرات منذ اندلاع ثورة25 يناير.. هذه الثورة قامت بارادة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين دون تفرقة.. لم ينظر أحد الي عقيدة من كان يجلس في ميدان التحرير.. الجميع كان يتعامل مع الحدث من منظور وطني بحت.
ليس هناك تعمد في بناء كنائس دون الحصول علي رخصة ولكنها الاجراءات المعقدة والعراقيل التي توضع في الطريق دون سبب واضح.. كان الاقباط كغيرهم من ملايين المصريين يتوقون الي التغيير بعد الثورة.. لكن اكتشفوا أن النظام سقط ولم تسقط معه قوانينه الظالمة.
الأقباط يبالغون في احساسهم بالاضطهاد ووصفهم الدولة بالضعف في التعامل مع أزماتهم؟
يبخس الاقباط حقهم من يقف علي الشاطيء الآخر ويقول إنهم يحصلون علي حقوقهم المشروعة.. فمازالت كل الأمور تسير علي وتيرتها الماضية, ومازالت أبسط حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية في مكان يرتضونه غائبة.. ومازلنا نسعي الي تصدير الازمات الي مجتمع عرف الوحدة الوطنية من قديم الزمن, وقال فيها سعد زغلول ان الوحدة الوطنية فخر وقوة مصر وعماد مصر.. المجتمع يصيبه التغيير وحقوق الاقباط كما هي لا تتحرك قيد أنملة.. لا يمكن ان تظل كل الاشياء من حولهم ساكنة وتعصف بها قرارات غير مسئولة.
لم يطلب الاقباط شيئا مستحيلا وغير قابل للتطبيق علي أرض الواقع ولم يسعوا يوما خلف شيئ يهدر قوة وعمق الوحدة الوطنية.. هناك أوضاع تفرضها قرارات غير مسئولة تؤدي في نهاية المطاف الي إحداث تعكر صفو نقاء العلاقة بين المسلمين والاقباط.. نحن نريد العبور فوق كل ما يدفع نحو ذلك.. كثير المواقف يمكن تداركها إذا سيطر العقل علي مقدراتها وفتحنا نوافذ الامل.. وقتها فقط تسود كل الاحاسيس الطيبة داخل المجتمع.
تتفق مع ما يذهب إليه البعض بأن أزمات الاقباط الاخيرة سيطر عليها العنف؟
الاقباط يؤمنون بوحدة هذا الوطن, والتاريخ يشهد علي ان كل المحن التي تعرض لها.. كان يتصدي لها الشعب دون ادني تفرقة بين مسلم ومسيحي.. هناك شيء ما قد اصاب المجتمع.. لم تعد لغة التسامح سائدة.. الصورة التي نراها الآن علي أرض الواقع تعاني تشوهات في نسيج الوحدة وعلينا اتخاذ مبادرة جادة وحقيقية لتنقية الشوائب التي علقت بها.. في الماضي كان واقع الحياة أفضل ويبعث علي تناغم في العلاقة ولم تكن الازمات تحكم قبضتها علي أي موقف خلافي, ويحضرني هنا قمة التسامح والوطنية فيما جسده الزعيم الراحل سعد زغلول عندما كلف بتشكيل الوزارة وفوجيء الناس ان50% من اعضائها مسيحيون وعندما سألوه عن السبب قال.. لا أنظر إلي الناس من منطلق دينهم وإنما من منظور ما يمكن ان يقدموه الي المجتمع والوطن.. نحن في أشد الحاجة الي تعامل من هذا النوع.. حتي نتجاوز فوق كل الصغائر.
لا نريد الحكم علي الأشياء والمواقف من منظور ضيق.. ونصف موقف الاقباط تجاه ظلم يلحق بهم في أبسط حقوقهم في دار عبادة يمارسون فيها شعائر وطقوس دينهم بعيدا عن المضايقات- علي أنه نوع من العنف.
الاقباط لم يعرفوا طريق العنف في البحث عن مطالبهم المشروعة ولم يستخدموه في موقف من المواقف.. نحن نعبر عن غضبنا من اوضاع لم تعد تتناسب مع حالة الاقباط ورغبتهم في الاحساس بأنهم يتعاملون من منطلق مصريتهم ووطنيتهم.
صوب كل أزمة كثيرا ما يحاول الاقباط الاستقواء بالخارج؟
لم ينظر الاقباط يوما في التعامل مع مشاكلهم بعيدا عن حدود هذا الوطن.. ليس لنا علاقة فيما يدور بالخارج.. فهذا شأنهم الخاص.. نحن لدينا حكومة وجيش, عندما نختلف معهما فإن لغة الحوار والتفاهم لابد ان تسود وتحكم نسيج العلاقة للوصول الي حلول جادة وعملية تقبل التطبيق علي أرض الواقع وهذا نهج لم نحد عنه.. الاقباط يملكون حرصا شديدا علي عدم شق صف الوحدة الوطنية, ولذلك فإن عليهم مسئولية وطنية بأن خلافاتهم لن يتم التعامل معها إلا علي أرض هذا الوطن.
وأريد أن أسجل وجهة نظري فيما يقع من أحداث ويقيني بأن الدولة في تعاملها مع الازمات المتكررة تفتح الباب علي مصراعيه أمام جهات خارجية للتدخل في شأن الاقباط علي أرض مصر.. لو تعاملت الدولة بنوع من الحكمة والروية ونظرت الي الازمة علي أنها مسألة وطنية لاغلقت الباب في وجه الجهات الخارجية وما تحدث أحد حول الشأن القبطي في مصر.. نريد غلق نوافذ التدخل الخارجي بتصحيح أوضاع الاقباط.
بيت العيلة من الافكار التي خرجت للوجود لتطويق أزمات الفتنة الطائفية تعتقد أنها حققت شيئا مما جاءت من أجله؟
هناك كثير من الافكار الطيبة التي تخرج للحياة لتواصل مسيرة التصدي للازمات.. لكن تواجهها مشاكل عديدة في التطبيق علي أرض الواقع ولا أحد يستطيع انكار دور جاد جاء من أجله بيت العيلة للوقوف في وجه احداث الفتنة الطائفية.. إن الواقع يحتاج إلي تعامل من نوع خاص يقوم علي تعميق قيم التسامح واعلاء شأن المواطنة وخلق وعي لدي الناس يدفع الوحدة والتماسك وينبذ الخلاف علي أسس دينية.
مازال لدي بيت العيلة بعض الوقت كي يحقق وجودا وانتشارا واسعا في كل ربوع المجتمع ويصل بقيم التسامح الي وجدان الناس.. لكنها بلاشك فكرة طيبة ترسخ لاواصر العلاقات الطيبة والعبور فوق الخلافات.. الفكرة خطوة جيدة تحتاج الي خطوات اكثر جدية حتي نصل الي نشر روح التسامح التي يجب أن تسود بين ابناء الوطن الواحد وهي قضية تحتاج إلي تكاتف مجتمعي تحقيقها لن يتم إلا بارادة قوية وروح طيبة.
قانون دور العبادة عندما يخرج للنور يستطيع التصدي لازمات الفتنة الطائفية؟
اشتاق الاقباط طويلا الي قانون ينظم مسألة بناء دور العبادة ويضع قواعد حاكمة تمنع التعسف في استخدام السلطة ولا تفرق بين مسلم ومسيحي, ولم تسفر كافة المحاولات التي أجريت في هذا الصدد عن شيء يلوح في الأفق بأن هناك رغبة من أجهزة الدولة لإيجاد تشريع يتصدي لأزمة تراخيص بناء الكنائس.. لم تكن هناك أسباب مقنعة.
الدولة تصدر الازمة وتستخدم في ذلك القانون ونحن لسنا في حاجة الي قانون جديد يعمق الازمة ولن نستطيع الحكم علي نصوصه دون رؤيته في صورته النهائية.. الاقباط يريدون قانونا عادلا يحقق لهم واقعا مختلفا ويجعلهم يشعرون بمصريتهم.
لن نستطيع الحكم إلا علي قانون تقوم نصوصه علي العدالة والتسامح وتغلق أبواب الفتن ويعطي الفرصة لممارسة الشعائر الدينية دون قيود.. وقتها فقط نستطيع القول بأنه يتصدي للازمات الطائفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.