كان الأجدي لدولة الإخوان في مصر اليوم في معرض التعقيب علي العدوان الذي شنته إسرائيل علي سوريا علي مدي 48 ساعة يومي الرابع والخامس من مايو الحالي ألا تخرج بهذا البيان الرئاسي الشائه الذي ربما لجأت إليه في محاولة منها لرفع الحرج عنها فكان أن وقعت في تضارب فج. ذلك أنها علي حين أدانت العدوان الإسرائيلي علي سوريا بوصفه انتهاكا للمبادئ والقوانين الدولية ومن شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا فضلا عن تهديده أمن واستقرار المنطقة إلا أنها وبجرة قلم شطبت هذا كله وقلبت رأس المجن عندما تحدثت عن معارضتها الشديدة لما يجري في سوريا من سفك دماء علي يد الجيش السوري النظامي واستخدامه السلاح ضد أبنائه. وكأنها بذلك ودون أن تدري قد أعطت مبررا للعدوان الإسرائيلي علي سوريا بتصويرها الجيش النظامي بأنه قاتل شعبه وبالتالي فهو يمثل خطرا علي أمن دول الجوار فيما لو انتصر في معركة الداخل وعندئذ لن يتورع عن أن يسلك كل السبل لاستهداف إسرائيل. ومضاهاة للموقف الرئاسي وقع وزير الخارجية المصري في الفخ نفسه عندما خلط هو الآخر الأوراق وظهر تناقضه البين عندما قال إنه لا يري تعارضا بين إعطاء مقعد الجامعة العربية للائتلاف المعارض وبين التفاوض لحل الأزمة السورية في الداخل، كما لا يري تعارضًا والتفاوض وتسليح المعارضة فأظهر بذلك الختل بعينه. كان يتعين علي مصر والدول العربية كلها لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي الأخير علي سوريا أن تدعو إلي عقد مؤتمر دولي للبحث عن حل سياسي سلمي علي أساس بيان جنيف في 30 يونية الماضي تماما كالدعوة التي وجهها 'بوتين'، و'جون كيري' إثر اجتماعهما الثلاثاء الماضي لعقد مؤتمر من أجل السلام. كان يتعين علي الدول العربية السعي نحو تحقيق المصالحة بين النظام السوري والمعارضة والمصالحة بين سوريا ومجموعة الدول العربية كلها بحيث يتم وقف الدعم المالي والتسليحي للإرهابيين من ناحية، ومن ناحية أخري يتم تضافر الجميع ضد إسرائيل بيد أن هذا لم يحدث. كنت أتوقع أن تدعو الجامعة العربية إلي اجتماع قمة طارئ أو حتي اجتماع لوزراء الخارجية لبحث العدوان الإسرائيلي علي سوريا وردود الفعل التي يتعين اتخاذها حياله ولكن خابت توقعاتي. ولا غرابة ففي ظل قيادة دولة قطر للجامعة العربية اليوم بوصفها المايسترو الذي يدير دفة الأمور فيها يصعب اتخاذ أي قرار يدين إسرائيل. بل قد يتحول الاجتماع إذا عقد إلي محفل للتهليل والتكبير لما قامت به إسرائيل بهدف كسر أنف النظام السوري وتضييق الخناق عليه ومحاصرته، فعدوان إسرائيل علي سوريا يصب بالإيجاب في مرمي الهدف الذي تسعي قطر إلي تحقيقه تنفيذا للمهمة التي أنيطت بها وفقا للأجندة الصهيوأمريكية ألا وهي إسقاط النظام بوصفه خطوة أولي نحو استئصال الدولة. لقد صدق 'عبد الرحمن شلقم' مندوب ليبيا في الأممالمتحدة عندما تحدث عن قطر ودعمها للإرهابيين في ليبيا ومدهم بالمال والسلاح وقال: 'قطر مصابة بجنون العظمة وتتوهم أنها تقود المنطقة'. ولهذا لن يكون غريبًا علي قطر أن تجهر بسعادتها وتعلن عن فرحتها لما قامت به إسرائيل من عدوان علي سوريا. وقد يكون هذا كابوسا مخيفا ولكنه غير مستبعد من قطر التي التزمت الصمت التام حيال العدوان ولم تدنه. وقديما قالوا السكوت معناه الرضا وقطر راضية عما حدث وإلا لكانت قد نطقت بالحق وأدانت غارات إسرائيل. بل ربما تكون علي علم مسبق بتنفيذ إسرائيل للعدوان علي سوريا الشقيقة. ضاعت حمرة الخجل.. قلبت قطر المعايير.. خلطت الأوراق وبالتالي صار الحق عندها باطلا والباطل بات حقا. وقانا الله شر الطغاة..