وسط ما يمرّ به العالم الآن من تداعيات انتشار وباء "كورونا"، الذي تسبب في قتل وإصابة العديد من البشر في بلدان العالم كافة ، وتحول كل من أمريكا ودول أوروبا إلى بؤر لانتشار الوباء ، بل ومع انشغال قادة وحكومات الدول في مواجهة تلك الكارثة الخطيرة فاجأتنا، خلال الأيام الأخيرة، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة بنشر تقريرها الذي تتهم فيه صراحة قوات الجيش العربي السوري، وتحديدا قواته الجوية بالمسئولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية وبخاصة غاز الكلور السام وغاز السارين خلال شهر أبريل من العام 2017،وأيضا خلال العام 2018 أثناء قيام الجيش السوري بتحرير المدن السورية من قبضة الإرهابيين وعناصر المعارضة السورية بمنطقة خان شيخون. وبدلا من استخدام تلك المنظمة الشفافية في تحقيقها فإنها ومنذ بداية اختباراتها للمنطقة والادعاء بمقتل الكثيرين راحت تتهم مباشرة النظام السوري بالمسئولية عن ذلك دون اتهام التنظيمات الإرهابية التي تدّعي أمريكا وتحالفها الموجود في العراقوسوريا، محاربتهم طوال تلك السنوات ، ولم يكن هذا الاتهام وحده الموجه لقوات الجيش السوري بل باتهام مماثل في منطقة دوما السورية وقيام الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وإيطاليا بمساندة إسرائيل بإطلاق أكثر من 105 صواريخ على المناطق العسكرية السورية باعتبارها، وفق منظورهم، منشآت عسكرية كيميائية في أبريل عام 2018، ولم تحمّل المنظمة وتلك الدول المسئولية إلى داعش وجبهة النصرة والمعارضة السورية أية مسئولية عن تلك الأحداث التي يتهمون بها زورا وبهتانا الدولة السورية ، ثم قيام المنظمة بعرض التقرير على الدول الأعضاء بالأممالمتحدة من أجل اتخاذ الإجراءات لمحاسبة الرئيس بشار الأسد ومسئولية قواته عن تلك الادعاءات ، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا من جانب الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومن ثم كل من تركيا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي لاكتمال المؤامرة ، ولهذا قامت الخارجية السورية بتكذيب تلك الادعاءات المزيفة واتهمت منظمة الأسلحة الكيميائية ومن يقف وراءها بالتضليل ونافية في نفس الوقت استخدامها لتلك الأسلحة بعد أن سلمت ترسانتها الكيميائية، طوعا ،منذ سنوات . ونحن نتساءل: لماذا تنشغل تلك المنظمة بتفعيل وتدويل هذا الملف الآن ؟ وما هي الدوافع التي تحركها وسط ما يمر به العالم من محنة صحية خطيرة ؟ فبدلا من توحيد الجهود الدولية لمكافحة "كورونا"، بل وبدلا من تقديم المساعدات إلى سوريا وسط محنتها لمكافحة الوباء ، بل وبدلا من قيام منظمة الأسلحة الكيميائية بالبحث عن الأسباب التي تقف وراء انتشار فيروس "كورونا" سواء كانت لأسباب تخص الصين أو لأسباب بيولوجية تقف وراءها أمريكا ، راحت تلك المنظمة تسخر طاقاتها وجهودها وتوجه الأممالمتحدة ومجلس الأمن للاجتماع حول تلك المزاعم المفبركة من أجل إدانة سوريا ومحاكمة رئيسها . ونحن نقول لتلك المنظمة ولكل الدول التي تحركها وتسيسها من أجل مصالحها ومخططاتها: حاكموا أنفسكم أولًا عن غزو كل من أمريكا وبريطانيا للعراق بتهم مزيفة عام 2003 والتسبب في كل الخراب الذي لحق بالعراق منذ الاعتداء ، بل والقضاء على الجيش العراقي وعلى المؤسسات العراقية وإقامة كونفيدرالية شمال العراق وشنق الرئيس صدام يوم وقفة عيد الأضحى ظلما عام 2006 . حاكموا أنفسكم عن تلاعبكم بالثورات العربية وعن مؤامراتكم ومخططاتكم لصالح جماعة الإخوان الإرهابية في مصر وتونس إبّان ثورات الربيع العربي وصولا إلى خراب ليبيا وقتل رئيسها معمر القذافي بدم بارد. اسألوا أنفسكم عما خططتموه مع تركيا وقطر من أجل خراب سوريا ، ومساندتكم لحكومة فايز السراج والسماح لتركيا بإرسال قواتها ومرتزقتها وإرهابييها لمحاربة الجيش العربي الليبي بقيادة المشير حفتر. حاكموا أنفسكم على تقصيركم في ملاحقة الإرهابيين من داعش والنصرة وغيرها وعن رعاياكم من الإرهابيين والمقاتلين في صفوفهم ، وعن الدور التركي القطري المشبوه في كل تلك الأحداث. حاكموا أنفسكم عن صمتكم عن الجرائم الكبرى المرتكبة في حق مسلمي الروهينجا في ميانمار ، وفي الصين والهند وغيرها ، بل وحاكموا أنفسكم عن مؤامرتكم لصالح الحوثيين في اليمن وضغطكم على قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والحكومة اليمنية الشرعية لصالح إيران والحوثيين. حاكموا أنفسكم عن تلاعب مناديبكم بالأممالمتحدة في كل من سوريا وليبيا واليمن ومسئوليتهم عن طول أمد الخراب والفوضى لصالح الإرهابيين في تلك الدول. ونقول لكم أيضا لطول جرائمكم راجعوا أنفسكم عن مسئولياتكم عن أسباب الفقر في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وغيرها ، وعن سعيكم الدءوب لإفلاس دول الخليج . إن قائمة الأحكام ضدكم تطول وآخرها هو إفلاسكم بسبب جشعكم الاقتصادي والعسكري عن مواجهة هذا الفيروس الذي لا يزال يحصد الأرواح في بلادكم وبلاد العالم وأنتم عاجزون حتى عن توفير أبسط الحماية لمواجهة الوباء أو توصل علمائكم إلى لقاح للفيروس ، وعندها فقط يمكن أن نصدق المنظمة في اتهاماتها ومنها اتهامها مؤخرا بمسئولية الرئيس الأسد عن استخدام الأسلحة الكيميائية وبطلب محاكمته ، إلا أن هذا الأمر لن يحدث ولن يكون .