على مدى أسابيع لاحظت اهتمامًا متزايدًا فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى بظاهرة غنائية لمطرب اسمه حسن شاكوش.. اندهشت لهذا الاهتمام وظننت انه ضمن ظواهر اغانى المهرجانات التى تفاجئنا بإسم غريب من نوعية «حمو وبيكا وشطة» وصوت أغرب وكلمات ركيكة وموسيقى عبارة عن «خبط ورقع».. لم أفكر يوما فى سماع أغانى المهرجانات وكنت استمع إلى بعضها مصادفة فى الأفراح وأثناء مرورى بالشارع أو على بعض المحلات والأسواق وكنت لا أعرف من صاحب هذه الأغنية أو تلك غير أن الفضول دفعنى إلى الدخول على اليوتيوب والاستماع إلى الأغنية التى حصلت على المركز الثانى على مستوى العالم فى قائمة ساوند كلاود بنسبة وصلت إلى 83 مليون مشاهدة. أغنية بنت الجيران التى أحدثت كل هذه الضجة لم أجد فيها ما يطرب على الإطلاق لا الكلمات ولا اللحن ولا صوت الثنائى شاكوش وعمر كمال اللذين يقومان بأدائها بل إن هناك كلمات والفاظا أعتبرها خارجة ولا تليق. الغريب أن استاد القاهرة فتح أبوابه لاستضافة أغانى المهرجانات يوم الجمعة الماضى احتفالا بعيد الحب واكتظت المدرجات بالشباب الذين كانوا يتمايلون على كلمات من نوعية وأشرب خمرة ومخدرات والأغرب أن فضائيات شهيرة استضافت شاكوش وكانت المذيعة تصفق وتغنى وتتمايل فى مقعدها طربا بالأغنيه واستمعت إلى مذيعة شهيرة أيضًا وهى تشيد بشاكوش وبوصول الأغنية لترتيب عالمى خلال اتصال هاتفى معه وطلبت منه استضافته فى البرنامج فى أى وقت. بعض المدافعين عن هذه النوعية من الأغانى يرددون تبريرات من نوعية أن الغناء الشعبى موجود فى كل وقت ولكن نسى هؤلاء أن الفن الشعبى فى كل السنوات الماضية وإن كانت كلماته بسيطة وتخاطب جمهورًا بسيطًا إلا أنها لم تكن تحتوى على الفاظ خارجة أو غير لائقة بل إن الفن الراقى كان يقدم بجرعات مكثفة من خلال كبار المطربين. فى زمن الفن الجميل كنا نستمع إلى روائع أم كلثوم وعذوبة صوت العندليب وخفة روح شادية وصباح ورقة نجاة الصغيرة وقوة صوت فيروز كل ذلك بجانب أغنيات محمد رشدى والتى كانت تحسب على أنها أغان شعبية ولكن هذه الأغانى مازالت تطربنا رغم بساطة كلماتها التى صقلت بصوت وأداء وموسيقى غاية فى الروعة. فى تقديرى أن الجرى والتهافت على أغانى المهرجانات يرجع إلى تدنى الذوق العام بين أجيال الشباب فهؤلاء تربوا فى مدارس خلت من حصص الموسيقى والأنشطة الفنية والحفلات المدرسية التى كانت ترتقى بالذوق الفنى والتذوق الموسيقى كل ذلك تراجع فى الوقت الذى تم فيه تدشين نماذج الفتوة والبلطجى باعتباره النجم والقدوة.. ربما أكون من جيل لا يطربه عمالقة الفن ولست ضد الأغانى الشبابية الخفيفة ومن حق الشباب اختيار ما يناسب عصرهم ولكنى بالطبع ضد الانسياق وراء التدهور الشديد فى مستوى الفن المقدم لأن ذلك سينعكس شئنا أم أبينا على أخلاقيات المجتمع ككل.