في العام 2004 كانت اخر الزيارات التي قمت بها إلي لبنان.. يومها رحت اتفقد مناطق الجنوب اللبناني بعد زيارة للعاصمة اللبنانية بيروت.. تجولت برفقة بعض الاصدقاء في كافة انحاء الجنوب اللبناني.. وقفت عند قلعة الشقيف التي كانت واحدة.. من ملامح الصمود الفلسطيني في مواجهة العدو الإسرائيلي خلال عدوانه وغزوه للبنان في العام 1982، توجهت يومها إلي مدينة الخيام ودخلت سجن الخيام الذي استخدمه الإسرائيليون لاعتقال الفلسطينيين والإسرائيليين علي السواء، وتعذيبهم داخل زنازينه الرهيبة.. استمعت يومها لشهادات حية ممن عايشوا تلك الفترة الصعبة في تاريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني.. وأدركت حجم الإجرام الإسرائيلي الذي يستخدم من الأدوات والوسائل مايعيدنا إلي عصور القرصنة الأولي في التاريخ.. وقفت يومها عند بوابة فاطمة الشهيرة والتي كانت آخر نقاط انسحاب الجنود الإسرائيليين عندما لاذوا بالفرار أمام ضربات المقاومة في '25مايو' من عام 2000، وتوجهت إلي بوابة 'العباد' والتي تشكل واحدة من نقاط التماس المباشر بين الحدود المشتركة للبنان وشمال فلسطينالمحتلة.. وأتذكر يومها أنني دخلت في اشتباك لفظي مع أحد الجنود الإسرائيليين داخل دشمته العسكرية بعد أن رددت علي محاولاته الاستفزازية واصفًا اياه وتابعيه وقادته بالكلاب وأبناء القردة والخنازير الذين يحتلون أراضي اشقائنا الفلسطينيين واللبنانيين.. يومها سحب الجندي الإسرائيلي الذي كان يراقبني عبر كاميرا كبري مثبتة في الدشمة العسكرية أجزاء سلاحه محاولاً بث التخويف.. لكنني وأحد اصدقائي ممن كان يصحبوني في الرحلة تصدينا له ولم نغادر المكان كما كان يتوقع .. بل جاء بعد قليل احد ابناء الجنوب اللبناني ومعه صبي لايكاد يبلغ العامين من عمره، فأعطيته حجرًا صغيرًا وقلت له 'اقذفه نحو الجندي الإسرائيلي'.. ففعلها الطفل الصغير الذي اثبت شجاعة في مواجهة الجنود الإسرائيليين المذعورين والمحصنين داخل مخابئهم العسكرية. كانت رحلة العام 2004 إلي الجنوب اللبناني رحلة تاريخية طبعت بصماتها في وجداني.. وظللت أتابع عبر شاشات الفضائيات تلك المناطق العزيزة علي القلب وهي تقصف في حرب العام 2006 الهمجية التي انتهت بالنصر علي العدو الصهيوني. وإلي الغد..