مع فوز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لسدة الحكم كان العالم يتوقع أن يكون هذا الرئيس منفتحا على دول العالم ومنصفا لقضاياه ومسخرا القوة الأمريكية لحل الأزمات الدولية بشكل عادل من خلال شعارات الحرية والديمقراطية وحق الشعوب فى وجودها وتقرير مصائرها، وأن يأتى مغايرا لكل من سبقوه من رؤساء أمريكا وبخاصة فى إمكانية تدخله فى حل القضية الفلسطينية وغيرها من أزمات الشرق الأوسط والعالم وذلك بعد هذا الإرث الثقيل الذى خلفه الزعماء الأمريكيون أمثال جورج الأب وجورج الابن وصولا لفترة حكم اوباما التى خلفت من ورائها الفوضى والإرهاب والدمار والأزمات فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الرئيس ترامب قد جاء على النقيض تماما عندما أربك الكثير من دول العالم بقراراته الصادمة والخارجة على الكثير من الاتفاقيات الدولية وليبدو على غير المتوقع تماما وبخاصة فيما يربط أمريكا بالعالم من اتفاقات ومعاهدات مبرمة مع الكثير من المؤسسات والهيئات الدولية، واتخاذه للعقوبات والمطالبات المجحفة مع الكثير من الدول، ثم والأخطر قراراته الظالمة والصادمة تجاه القضية الفلسطينية ليكشف للعالم من خلال تلك القرارات والتوجهات عن طبيعة حكمه وعن الوجه الحقيقى لشخصيته التى أربكت بتصرفاتها الداخل الأمريكى والعالم لخروجه الأرعن على كل الاتفاقات والعهود من خلال التهديد باستخدام القوة وبتوقيع الكثير من العقوبات، وبظلمه وقراراته غير العادلة تجاه القضية الفلسطينية مقابل انحيازه الأعمى وهوسه المريض بدولة إسرائيل ليصبح بقراراته تلك من كبراء الصهاينة بالعالم. فبعد إعلانه الظالم فى السادس من ديسمبر عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، ثم بشطبه الوكالة التى تمثل رمزية اللجوء الفلسطيني،وسعى إداراته وصهره جاريد كوشنر للتضييق على حقوق ومكتسبات الشعب الفلسطيني، ولاحقا بإعطاء ترامب الضوء الأخضر للكيان الصهيونى بضم الجولان السورى المحتل، والاعتراف الآن بشرعنة المستوطنات الإسرائيلية على التراب الفلسطيني،ومباركته منذ توليه مقاليد الحكم لكل جرائم قوات وحكومة الاحتلال الإسرائيلى المتواصلة فصولا ضد الشعب الفلسطيني، وكلها قرارات وخطوات تعسفية أحادية أمريكية جائرة ومتغطرسة ومرفوضة من المجتمع الدولى العاجز عن اتخاذ ما يلزم للوقوف ضد القوة والغطرسة وقانون الغاب الأمريكي، وحول تفسيرات ذلك يرى بعض السياسيين والمحليين الدوليين أن تلك القرارات الأحادية التى يتخذها ترامب تتخذ من اجل الحفاظ على قاعدته الانتخابية وبتعويله تحديدا على المسيحيين الإنجيليين البالغ عددهم أكثر من 50 مليون تقريبا والذين يؤمنون بالتفسير الحرفى للإنجيل و بنبوءة نهاية الزمن، وهى نبوءة مرتبطة فى عقيدتهم بسيطرة اليهود على القدس بالكامل وبناء الهيكل وبصدام الحضارات، أى ما يسمى بالمعركة الأخيرة وظهور المسيح، وعندها فلن يبقى أمام اليهود خيار إلا بتبنيهم المسيحية، أو بالموت من غضب الله وفقا لمزاعم تلك النبوءة، وبتلك القرارات الظالمة التى تصب فى مصلحة إسرائيل ضمن ما يسمى بخطط صفقة القرن يكون ترامب قد فعل ما وعد الصهاينة والإنجيليين بفعله، والأكثر من ذلك أن ترامب قد ارتدى الطاليت اليهودى ووقف عند ما يسمى بجدار المبكى ممارسا الشعائر التوراتية أثناء زيارته لإسرائيل للدلالة على إيمانه وتنفيذا منه لوعوده. واستكملا لخطوات ما يسمى بصفقة القرن فقد فاجئنا وزير خارجيته مايك بومبيو وخلال الأسبوع الماضى بتصريح جائر ومخالف للشرعية الدولية يزعم فيه بأن المستوطنات الصهيونية فى الأراضى الفلسطينية لا تتعارض مع القانون الدولي، الأمر الذى يمثل انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، ولياتى هذا التصريح الصادم والمخالف لكل الأعراف والقيم استكملا لمخطط الانحياز الأمريكى الأعمى تجاه الكيان الصهيونى وتنفيذا لمخططات وأوامر ترامب وزمرته الظالمة تجاه الحقوق العربية وتجاه الشعب الفلسطينى والتى لاقت كسابقتها استنكارا ورفضا دوليا كاملا فى مجلس الأمن والأمم المتحدة ومن كافة شعوب العالم.