منذ عشرينيات القرن الماضى تمكنت إسرائيل بمساعدة كل من انجلتراوأمريكا من إقامة دولتها على أرض فلسطين بداية من وعد بلفور البريطانى ووصولا الآن إلى قرار نظيره الأمريكى الظالم والمشابه وهو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومن ثم نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس بعد أن ساعدت أمريكا حكومات إسرائيل المتعاقبة طوال تلك العقود المنصرمة على ضم غالبية الأراضى الفلسطينية، وتعمد أمريكا عرقلة تحقيق السلام وتطويل أمد الصراع ورفض كل مبادرات السلام، والقفز على الشرعية الدولية التى رفضت الاحتلال والعدوان والاستيطان الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية بسبب تعمد إسرائيل ونواياها العدوانية والاستيطانية للأراضى العربية بمساعدة أمريكاوانجلترا ،وإعطاء إسرائيل الفرصة ومدها بكل الإمكانات للاستيلاء على ما تبقى من الأراضى الفلسطينية فى الضفة وقطاع غزة لاستحالة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والتجرؤ على المسجد الأقصى وإيذاء مصليه وتدنيسه من قبل المستوطنين والمتطرفين اليهود، ومواصلة الحفر تحته بحجة إيجاد الهيكل المزعوم وسكوت أمريكا على جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين ومنها مؤخرا إطلاق النار على أبناء الشعب الفلسطينى المحتج على القرارات الأمريكية الظالمة تجاه القدس وتجاه المخططات والقرارات الظالمة المتعمدة التى أقرها ترامب بهدف القفز على القرارات الدولية والأممية المعترفة بأحقية الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المشروعة على حدود عام 1967، وكل ذلك تم التخطيط له من أجل عرقلة جهود السلام وهضم إسرائيل لما ما تبقى من الأراضى الفلسطينية وهو الأمر الذى سعت إسرائيل إلى تحقيقه منذ الاحتلال لتصبح فى زمن ترامب الآن مسلطة إحدى عينيها على ضم القدس والعين الثانية على ضم الجولان ،فبعد نجاح صهاينة إسرائيل بمساعدة ومباركة رؤساء أمريكا المتعاقبين والمخادعين فى ابتلاع المزيد والمزيد من الأراضى الفلسطينية، وبعد قفز حكومات إسرائيل على القرارات الدولية وقرارات مؤتمرات السلام المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطينى ورفضها لكافة الحلول والمبادرات العربية والدولية بخصوص إقامة الدولة الفلسطينية، وإذلالها وعدوانها الجائر والمتعدد الأوجه على الشعب الفلسطينى والتملص الممنهج من كافة القرارات والملاحقات الدولية لتسويف القضية وإضاعة الحلم الفلسطينى والعربى بإقامة الدولة الفلسطينية وفقا للمخططات الأمريكية ، وبعد تحقيق ذلك ها هى الآن تفصح عن نواياها الاستعمارية وتوجه عينها الثانية على سوريا وطلبها العون من أمريكا لنيل اعتراف آخر بضم الجولان من أجل تحقيق الحلم اليهودى بإقامة إسرائيل الكبرى على حساب الأرض العربية وهو ما تهيئ له حكومة إسرائيل وقادتها الآن، وتلك الهضبة المطلة على بحيرة طبرية هى أرض سورية , تمكن الكيان الصهيونى بمساعدة أمريكا والغرب من احتلال غالبيتها بين حربى 67 و73، وربما بعد أعادت جزءاً بسيطاً فى اتفاقية فك الاشتباك عام74، إلا أن إسرائيل قد نقلت إليها مستوطنين وأعلنت ضمها لها العام 1981 وهو إجراء لم يلق اعترافاً دولياً وتعتبر الهضبة حسب القانون الدولى أرضا محتلة، ويسرى عليها قرار مجلس الأمن الدولى رقم 242 لعام 1967، الذى ينص على ضرورة انسحاب إسرائيل منها. ومما ساعد إسرائيل عن الإفصاح عن حلمها بضمها الآن هو استغلالها لانشغال الدول العربية بالحرب على الإرهاب وبخاصة ما شهدته كل من العراقوسوريا وليبيا واليمن وغيرها من أحداث جسام وبخاصة بعد ثورات الربيع العربى ،وما تشهده المنطقة من توترات ومشكلات اعد لها سلفا من قبل أمريكا والغرب والتى جعلت من سوريا سبيلاً لكل عابر, وما شهدته من تشويه لحضارتها وتخريب مقدراتها وتهجير شعبها وانشغال الجيش والنظام السورى بمحاربة الإرهاب ومحاربة العدوان لاستعادة وتحرير الأراضى السورية وغيرها من التحديات التى جعلت الوضع السورى يزداد صعوبة وبما يعمل لصالح إسرائيل التى تمكنت من استثمار هذا الواقع لصالحها، وما شجع إسرائيل أيضا لتحقيق حلمها بالتوسع والاستيطان ظهور المبشر الأمريكى المهووس بقصص التوراة وهو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى أصبح الحليف القوى والمتحمس للكيان الصهيونى بأكثر من كل من سبقوه، ومن دلائل ذلك قراراته الأحادية الظالمة تجاه حقوق الشعب الفلسطينى واعترافه بالقدس ونقله لسفارة بلاده بها متحديا الشرعية الدولية ومتجاهلا حقوق الشعب الفلسطيني، ومتعديا بقوته وجائرا على الحق والعدل أمام عجز وصمت العالم ،فبعد نجاح الصهاينة فى كسب ترامب على حساب ارض فلسطين ها هم الآن يطلبون منه إعلان اعترافه لهم بالجزء المحتل من هضبة الجولان بعد نجاحهم فى وضعها على جدول المباحثات الدبلوماسية الثنائية بين الطرفين ومن ثم وضعها وفقا لتسريبات بعض المحللين والسياسيين الأمريكان أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب للحصول على الموافقة. وأمام تلك التحديات الجسام التى تمر بها المنطقة وأمام تجرؤ إسرائيل بعدوانها الجائر على فلسطينوسوريا ونواياها المعلنة تجاه الجولان متى يستفيق دعاة الباطل من الإرهابيين والجهاديين الذين زرعتهم أمريكا لخطورة ذلك، متى يستفيق ما يسمى بالمعارضة السورية وجنود الشام? متى سيتحد الشعب السورى ويعود من الشتات ليلتف حول جيشه ورئيسه للاستعداد لهذا العدو وقبل ضم إسرائيل للجولان، بل والأهم إلى متى سوف يظل القادة والحكومات والشعوب العربية فى تخاذل تجاه ممارسات العدوان الإسرائيلى وتجاه استهتار وخذلان الدول الكبرى لنا بتسخير ما تملكه من أوراق لوقف هذا العدوان ووقف سقف الاندفاع الأمريكى المحموم لصالح إسرائيل، والأهم من ذلك إلى متى يظل الوطن العربى بما يملكه من مقومات فاعلا وليس مفعولا به؟