وبعد هذا النجاح الساحق وتلك الحالة الرائعة من التوحد والاصطفاف الوطنى الذى صاحب عرض فيلم الممر على شاشات التليفزيون فى ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة يبدو أننا سنكون أكثر تشوقًا خلال الفترة القادمة لرؤية المزيد من تلك الأعمال التى تجسد بطولات الجيش المصرى العظيم والتى تمنح الجميع كبارًا وصغارًا جرعات من الأمل والثقة والاعتزاز بهذا الكيان الوطنى الخالد «جيش مصر». مازال لدينا بطولات رائعة تصلح لأن تقدم فى شكل أعمال درامية ومنها معركة (كبريت) التى تُعد من أكثر المعارك المعبرة عن بسالة وجدية وعظمة المقاتل المصرى أثناء حرب أكتوبر وخاصة مع هذا الصمود الأسطورى أمام الحصار الذى كان أطول حصار خلال الحرب حيث استمر لمدة 134 يومًا وشهد له الأعداء أنفسهم فذكر كسنجر وزير الخارجية الأمريكى: «إنها أحد المعارك الكبرى التى شرفت العسكرية المصرية ووضعتها فى مكانة متميزة بين جيوش العالم» وكتبت عنها الصحف إلاسرائيلية «لا ندرى كيف استطاع المصريون أن يصمدوا فى حصار دام 134 يومًا دون مياه أو إمدادات ولم يستسلموا بل كانوا يبادرون بالهجوم». كانت النقطة الحصينة فى كبريت مقرًا لإحدى القيادات الإسرائيلية ضمن خط بارليف وملتقى الطرق العرضية شرق القناة وهو ما يعكس أهمية تلك النقطة إذ يمكن من خلالها السيطرة على كافة التحركات شرق أو غرب منطقة كبريت التى تقع فى المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثانى والثالث المصريين ويستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس الباسلة ومن هنا تم تكليف أبطال الكتيبة (603 مشاه أسطول) بقيادة الشهيد البطل مقدم إبراهيم عبد التواب باقتحام هذه النقطة والاستيلاء عليها وتم لهم ذلك بالفعل فى مساء التاسع من أكتوبر 1973. حاصرت قوات العدو نقطة كبريت فى محاولة لاستعادتها ولكن أبطال الجيش المصرى استماتوا فى الدفاع عنها رغم نقص الإمدادات من الطعام ومياه الشرب والذخيرة ليستمر الحصار 134 يومًا ورغم هذا صمدوا بل كانوا أيضًا يبادرون بالهجوم على القوات المحاصرة لهم وليُبدع أبناء مصر فى التعامل مع الأزمات فيبتكر أحد أفراد الكتيبة المحاصرة الملازم أول احتياط محمد نور الدين جهازًا بسيطًا من المعدات المتواجدة بالنقطة لتحلية مياه البحر وتعويض النقص فى مياه الشرب وهو ما منح الأبطال المحاصرين معنويات مرتفعة ساعدتهم فى الصمود فعرضت إسرائيل إخلاء الموقع بدون أسلحة فرفض البطل إبراهيم عبدالتواب ورجاله الأبطال أن ينسحبوا ورفضت قيادة القوات المصرية فعرضوا مجددًا أن يسلم الموقع مع خروج جميع أفراده بكامل أسلحتهم وتسهيل انتقالهم الى الجيش الثالث فكان الجواب بالرفض أيضًا ليستمر الحصار حتى توقيع اتفاقية فصل القوات ويبقى موقع (كبريت) إلى الأبد رمزًاِ للشرف والصمود والكرامة المصرية. بطولة عظيمة من بطولات عديدة لرجال العسكرية المصرية أبناء هذا الوطن الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فاستحقوا النصر أو الشهادة.. أخبروا الصغار كثيرًا عن هؤلاء الأفذاذ ليعلموا أن لهذا الوطن درعًا وسيفًا وأنهم حقًا خير أجناد الأرض وليجتهد أهل الدراما والسينما بالتعاون مع كافة أجهزة الدولة لنرى هذا العمل قريبًا لنسعد به مثلما استمتعنا كثيرًا بفيلم الممر.. تحية إجلال وتقدير لأبطال مصر ولأرواح الشهداء الأبرار وليحفظ الله جيشنا العظيم دائمًا لنظل نرددها بكل عزة وكرامة (عظيمة يا مصر).