واحنا اطفال صغار سمعت عن اول شهيد بقريتنا بالمنصورة من عائلة محترمه اسمها عائلة قنديل .. وحكى لنا الكبار ان والدته أطلقت زغرودة فخر وسعاده باستشهاد ابنها ودعت الله ان يلحقها به فى الجنه رحمه الله ولمن لا يعرف عاش الشعب المصرى كله اصعب 6 سنوات بعد نكسة 67 .. فقد كانت كل الامور معقده .. حيث اهتزت الثقه تماما وقتها فى كل قياداته ..
وعاشت النخبة من مثقفين وفنانين تفاصيل الصدمة بكل معنى الكلمه .. وراح الجميع يتهم الجميع .. وشهدت القاهره أسوأ أنواع الفنون .. وهرب البعض إلى بيروت ليشارك فى أعمال فنيه هابطه .. ووجد كل منهم مبررا لتصرفاته .. وانتشرت الشائعات بكل انواعها بكل قوه .. وفقد الاعلام مصداقيته تماما .. فلم يعد هناك من يصدق أى خبر بأى وسيله اعلاميه ..
كان الجميع فى حالة ميئوسه ولا يعرف ماذا يفعل او يقول ..
الا رجالنا البواسل بقواتنا المسلحه .. كانوا غير الجميع رغم ماعاشوه من صعوبات لا تحتمل .. ورغم تطاول بعض السذج عليهم بالداخل والخارج .. الا انهم كانوا على ثقة ويقين ان ما حدث كبوه لا ذنب لهم فيها .. وان نصر الله قريب وآت بلا ادنى شك !!
وجاء دور الذكاء الحاد للرئيس المصرى وقتها أنور السادات الذى تحمل نكات وسخافات وتجاوزات الجهلاء والشباب الصغير غير المسؤول .. واوصل الجميع إلى قناعة انه لن يحارب ولن يسترد كرامة المصريبن
وصدق العالم كله هذه القناعة وتأكدت جولد مائير رئيسة وزراء العدو ان السادات لا ولن يفعل شيئا .. وصدقت اسرائيل انها جيش لا يقهر .. بعدما نجحت فى تجنيد رؤساء وملوك دول عربيه وغير عربيه للعمل لصالحها ..
واعلنها موشي ديان بغرور المنتصر انه يستطيع تناول الفطور فى الضفة الغربية للقناه اذا اراد ووقتما يريد ..!!
ووسط هذه الحالة شديدة الصعوبة كان المصريون يعيشون على الكفاف فى فقر حقيقي .. فلا ماء ولا كهرباء ولا تعليم ولا صحه ولا شئ .. والاهم الشعور بالهزيمة المسيطر فى كل مكان .. وزيادة اعداد المهجرين من مدن القناه وانتشارهم بالمحافظات القريبة وحكاياتهم المتعدده عن يأسهم فى العوده يوما إلى بيوتهم التى هجروها وقت الحرب .
وفجأة ويلا مقدمات جاء صوت الاذاعى حلمى البلك بالبيان الاول من القوات المسلحه فى الثانيه وربع تقريبا يوم العاشر من رمضان السادس من أكتوبر والذى أعلن فيه عن تصدى جيشنا لاعتداء مزعوم من العدو الاسرائيلى
لم يكترث الناس وواصل الجميع عمله وصيامه بلا اهتمام .. ليأتى البيان الثانى بصوت الاذاعى يحى عبدالعليم بعد نصف ساعه تقريبا ليعلن قيام 220 طائرة مصرية بقذف أهداف محدد للعدو بسيناء وعودة جميع الطائرات عدا طائرة واحده ( كانت طائرة الشهيد عاطف السادات شقيق الرئيس )
وهنا بدأ الناس يشعرون بشئ من السعاده المشوبه بالحذر والخوف .. فتجربه احمد سعيد وبياناته بصوته الجهورى فى 67 كانت مازالت عالقة بالاذهان .
و تواصلت البيانات كل نصف ساعة .. وبدأت نبرات صوت المذيعين تعلو وتزداد ثقة .. حتى جاءت كلمة انتظرها المصريون جميعا وهم ملتفون حول الراديو والتليفزيون .. وهى كلمة نجاح جيشنا العظيم فى عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف ورفع العلم المصري على الضفه الشرقيه بسيناء لأول مره ..
وكانت الفرحه الغامره والبكاء الهستيرى من السعاده فى كل بيت وشارع ومدينه .. فقد شعر الناس ان كرامتهم قد عادت وان رجالهم ابطال وقواتهم المسلحه قادرة على حمايتهم فى كل الظروف ..
وبدأ العالم كله يشهد هزيمة حقيقيه لاسرائيل ومن يساندها .. لدرجة ان جولد مائير استغاثت صارخه بأمريكا لإنقاذ شعبها بعدما هرب الإسرائيليون إلى خنادقهم رعبا وخوفا وهلعا .. حيث توقعوا ان المصريبن سيدمرون تل ابيب لو استمرت الحرب ..
واعلنها موشي ديان الذى كان شديد الغرور اانه يعيش كابوسا ولا يصدق ماحدث ..
وهكذا هى مصر وشعبها الطيب وجيشها البطل وقت الشده ..
فمصر عاشت اصعب السنوات صابره وشعبها تحمل اقسي الظروف المعيشية والحياتيه واثقا فى نصر الله ..
وجيشها تحدى ماهو أبعد من المستحيل وحقق نصرا مازال يدرس بجامعات العالم العسكريه ..
وفى ذكرى أكتوبر نشعر جميعا بالفخر .. ويؤلمنى بشده أمرين:
الأول انتهاج معظم النخبه حاليا نفس النهج من التجاوز فى حق بلدنا وجيشنا وعدم التقدير الصحيح للأمور .. متناسيين اننا فى حالة حرب ووقت الحرب لا مجال لأى مكاسب او مصالح شخصيه
والثانى التقصير الشديد من الفن والإعلام والتعليم فى إلقاء الضوء على البطولات الحقيقية والمذهلة لجيشنا العظيم حتى يعرف الشباب الصغير قيمة ومكانة جيش مصر البطل ورجاله البواسل ..
حفظ الله مصر ورفع رايتها دائما برجالها الشرفاء فهى كانت وستظل ام الدنيا واد الدنيا رغم أنف كل كاره أو مستغل او خائن أو جاهل ..