أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    ترامب: جميع دول العالم ترغب في الانضمام إلى مجلس السلام حول غزة    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    نمو الطلب على السلع المصنعة في أمريكا خلال أغسطس    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    أقرب إلى الخلع، وزير الآثار الأسبق يكشف مفاجآت عن وثيقة الجواز والطلاق في عصر الفراعنة    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    وزير الدفاع الروسي: قوات الصواريخ والمدفعية تلعب الدور الحاسم في تدمير العدو    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    إنهاء تعاقد مُعلم في نجع حمادي بتهمة التعدي على تلميذ    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    أحمد موسى: الرئيس دائمًا يؤكد قيمة الوحدة الوطنية.. ودعم البوتاجاز مثال على اهتمام الدولة    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    وزارة الاتصالات تنفذ برامج تدريبية متخصصة في الأمن السيبراني على مستوى 14 محافظة    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    الفنانون يدعمون تامر حسنى فى أزمته الصحية.. هنا الزاهد ودياب: تقوم بالسلامة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    «مصر العليا للكهرباء»: 4.3 مليار جنيه مشروعات للغير وفائض تشغيل كبير    مديرة وحدة علاج الاضطرابات النفسية تحذر من الآثار السلبية للتنمر على نفسية الطفل    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    "تعليم القاهرة" تشدد على أهمية تطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من‮ ‬ينقذ مصر؟‮!‬
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 27 - 01 - 2013

الوطن‮ ‬يعيش الأزمة،‮ ‬الشهداء‮ ‬يتساقطون بالعشرات،‮ ‬الجرحي‮ ‬تجاوزوا الألف في‮ ‬يومين اثنين فقط،‮ ‬الحرائق،‮ ‬الخراب‮ ‬يحل علي‮ ‬كل جزء من أرض هذا الوطن المبتلي‮.‬
كان كل شيء‮ ‬يمضي،‮ ‬إلي‮ ‬أن أصدر الرئيس إعلانه الدستوري،‮ ‬فانقلب كل شيء،‮ ‬وضاعت ملامح دولة القانون والدستور،‮ ‬انقسم المجتمع في‮ ‬ساعات قليلة اشتعلت النيران والحرائق،‮ ‬ضاعت ملامح الوطن،‮ ‬انفجر البركان الهادر في‮ ‬كل مكان،‮ ‬رفع المتظاهرون شعار‮ '‬النهاية أو الفوضي‮'‬،‮ ‬كأنه انذار أخير،‮ ‬لا خيار أمامنا،‮ ‬لقد أرادوا القول‮ '‬إما إسقاط النظام الإخواني‮ ‬وإما الفوضي‮ ‬العارمة في‮ ‬البلاد‮'!!‬
اشتد الرعب في‮ ‬البلاد،‮ ‬الخوف علي‮ ‬الوطن،‮ ‬الأسرة والشعب،‮ ‬الحاضر والمستقبل،‮ ‬المنزل والكيان،‮ ‬تداعت الأحداث سريعًا،‮ ‬سالت الدماء لتعم أرجاء الوطن،‮ ‬غير أن الرئيس ظل ولايزال صامتًا،‮ ‬وكأنه‮ ‬غير معني‮ ‬بما‮ ‬يحدث،‮ ‬وراحت واشتد الصراع بين أبنائه،‮ ‬وأصبحنا أمام واقع جديد،‮ ‬يهدد بإشعال حرب بلا نهاية‮.‬جماعته توجه الاتهام إلي‮ '‬جبهة الانقاذ‮' ‬ومن تسميهم‮ '‬بالعناصر التخريبية‮' ‬وتحملهم المسئولية كاملة‮.‬
وبين ليلة وضحاها سقط العشرات من الشهداء،‮ ‬والمئات من الجرحي،‮ ‬تم إحراق العشرات من المنشآت الحيوية وأقسام الشرطة،‮ ‬وقد شهدت محافظتا السويس وبورسعيد في‮ ‬اليومين الأولين أخطر هذه الأحداث‮.‬
لقد حذرنا سابقًا من خطورة الاعتداء علي‮ ‬الدستور والقانون وتجاوز سلطة القضاء وإهانة المحكمة الدستورية،‮ ‬وقلنا إذا كان الرئيس لا‮ ‬يحترم الدستور أو القانون،‮ ‬فسيكون طبيعيًا أن‮ ‬يفتح الباب واسعًا أمام فوضي‮ ‬عارمة تتجاوز كل الحدود‮.‬
وإذا كان الشارع المصري،‮ ‬المؤيدون والمعارضون قد ارتضوا بالرئيس محمد مرسي‮ ‬رئيسًا للبلاد منذ البداية،‮ ‬إلا أن ممارسات الرئيس وإصراره علي‮ ‬تصفية الحسابات مع الجميع والانفراد بالسلطة وتجاوز الثوابت،‮ ‬كانت هي‮ ‬السبب الحقيقي‮ ‬والأساس لما آلت إليه الأوضاع في‮ ‬البلاد‮.‬
لقد ظن الرئيس أنه قادر علي‮ ‬قمع الشعب المصري‮ ‬وإسكات صوته من خلال إجراءات تهديدية،‮ ‬طالت الكثير من الرموز،‮ ‬عملاً‮ ‬بالمثل القائل‮ '‬اضرب المربوط‮ ‬يخاف السايب‮' ‬وراح‮ ‬يفتح الباب واسعًا أمام ميليشيات جماعته وأنصارها لحصار المحكمة الدستورية العليا وإهانة قضاتها،‮ ‬وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي‮ ‬والاعتداء علي‮ ‬العديد من الإعلاميين،‮ ‬ناهيك عن أخونة الصحافة وقمع الآراء المعارضة‮.‬
لقد استطاع الرئيس محمد مرسي‮ ‬في‮ ‬ستة أشهر أن‮ ‬يحول الحلفاء إلي‮ ‬أعداء وأن‮ ‬يحدث انقسامًا خطيرًا في‮ ‬المجتمع وأن‮ ‬يدفع بالأوضاع الاقتصادية إلي‮ ‬مزيد من التردي‮ ‬وأن‮ ‬يقبل بشروط صندوق النقد،‮ ‬ويبدأ في‮ ‬رفع الدعم،‮ ‬ليزيد من فقر الفقراء،‮ ‬فتدهورت الأوضاع،‮ ‬وانهارت قيمة الجنيه،‮ ‬وأصبحت البلاد علي‮ ‬شفا حفرة من الانهيار وثورة الجياع‮.‬
كان طبيعيًا والحال كذلك أن‮ ‬يثورالمصريون،‮ ‬وأن‮ ‬يخرجوا إلي‮ ‬الشوارع مطالبين برحيل النظام،‮ ‬بعد أن أدركوا أنه‮ ‬يصم آذانه عن مطالب الجماهير،‮ ‬وأنه تخلي‮ ‬عن كافة وعوده التي‮ ‬أطلقها،‮ ‬وكان آخرها وعده بإصدار دستور توافقي،‮ ‬ينال رضا الجماعة الوطنية بكافة اتجاهاتها الفكرية والسياسية‮.‬
لقد أصبح المصريون علي‮ ‬يقين بأن رئيس البلاد‮ ‬يعمل بكل ما أوتي‮ ‬من قوة علي‮ ‬أخونة الدولة المصرية،‮ ‬وتغيير هويتها،‮ ‬وتصفية كفاءاتها لحساب عناصر الجماعة،‮ ‬التي‮ ‬لا خبرة لها،‮ ‬ولا قدرة لها علي‮ ‬الإدارة،‮ ‬وهي‮ ‬كلها أمور زادت الأوضاع تعقيدًا،‮ ‬فتراجع مستوي‮ ‬الأداء،‮ ‬وأصبحت العشوائية والتخبط والتردد عنوانًا لهذا النظام الجديد‮.‬
أدرك المصريون أن وطنهم قد اختطف منهم،‮ ‬وأن تضحياتهم العظيمة التي‮ ‬أسقطت النظام السابق،‮ ‬ذهبت هباء،‮ ‬وأنهم تعرضوا لخديعة من جماعة الإخوان التي‮ ‬انقلبت علي‮ ‬شعاراتها فأصبح حكمها للبلاد أكثر استبدادًا،‮ ‬وأكثر استحواذًا وأشد إقصاء للمخالفين والمعارضين‮!!‬
وفوجئ المصريون أيضًا،‮ ‬بهذه العلاقة الغريبة والمريبة بين النظام الجديد وجماعته،‮ ‬وبين الإدارة الأمريكية التي‮ ‬سعت منذ البداية إلي‮ ‬تأييد هذا النظام والصمت علي‮ ‬أخطائه،‮ ‬فأدركوا أن هناك شيئًا خفيًا‮ ‬يدور من خلف ستار،‮ ‬وأن ممارسات السياسة الخارجية بدأت تكشف عن تعاون وثيق في‮ ‬ملفات إقليمية ودولية عديدة،‮ ‬كما أن معلومات عديدة راحت تتحدث عن مخططات سوف‮ ‬يجري‮ ‬تنفيذها انطلاقًا من سيناء،‮ ‬وكل ذلك كانت له ردود أفعاله القوية لدي‮ ‬الشعب بكافة فئاته وأطيافه‮.‬
وشعر المصريون أن قادة الحكم في‮ ‬قطر،‮ ‬الذين لعبوا دورًا خطيرًا في‮ ‬القلاقل التي‮ ‬تسود المنطقة العربية أصبحت لهم اليد الطولي‮ ‬علي‮ ‬أرض مصر،‮ ‬وتحدث الكثيرون عن مخططات في‮ ‬قناة السويس والسيطرة علي‮ ‬اقتصاديات البلاد والعديد من المشروعات الاستثمارية من خلال عمليات الشراء الخفي‮ ‬التي‮ ‬يقوم بها مستثمرون مصريون مرتبطون بالنظام القطري،‮ ‬وهو أمر لم‮ ‬يقتصر علي‮ ‬الاقتصاد فقط،‮ ‬بل امتد إلي‮ ‬ساحة الإعلام أيضًا،‮ ‬فبدأنا نسمع عن محاولات لشراء صحف وفضائيات بهدف إسكات صوتها‮ ‬وإلحاقها بعجلة التبعية الإخوانية القطرية‮.‬
لقد ضج المصريون كثيرًا،‮ ‬أنذروا،‮ ‬ورفعوا أصواتهم عالية،‮ ‬زحفوا بمئات الآلاف إلي‮ ‬قصر الاتحادية،‮ ‬وأبلغوا رسالتهم لمن‮ ‬يعنيهم الأمر،‮ ‬حافظوا علي‮ ‬سلمية التظاهرات،‮ ‬إلا أنهم وجدوا في‮ ‬اليوم التالي‮ ‬ميليشيات الإخوان وحلفاءهم‮ ‬يمارسون ضدهم كافة أشكال العنف،‮ ‬فيسقط الشهداء ويعذب الأبرياء داخل القصر الجمهوري‮ ‬وبمعاونة بعض كبار المسئولين داخل القصر‮.‬
شعر المصريون أن زمن العدل قد انتهي،‮ ‬قرأوا مذكرة المستشار مصطفي‮ ‬خاطر المحامي‮ ‬العام الأول لنيابات شرق القاهرة وهو‮ ‬يسرد،‮ ‬كيف طلب منه النائب العام المعين‮ '‬طلعت إبراهيم‮' ‬حبس أبرياء لا ذنب‮ ‬لهم،‮ ‬بما‮ ‬يعني تلفيق القضايا،‮ ‬فطلب إنهاء انتدابه،‮ ‬وقدم مذكرة إلي مجلس القضاء الأعلي بعد أن صدر قرار بنقله إلي بني سويف،‮ ‬لكن الحدث مر مرور الكرام ولم‮ ‬يسائل أحد النائب العام عن هذا التجاوز الخطير،‮ ‬فأدرك أبناء هذا الشعب‮ '‬المكلوم‮' ‬أن أبواب العدالة قد أغلقت في وجوههم،‮ ‬وعندما شاهدوا رجال النيابة العامة الشرفاء‮ ‬يقفون أمام مبني دار القضاء العالي‮ ‬يشكون الظلم،‮ ‬ويطلبون العدل والقانون كان ذلك قمة المأساة‮.‬
لقد كان الأخطر هو إطلاق ميليشيات الإخوان لتسب رجال النيابة والقضاة،‮ ‬ويعتدون علي رئيس النادي المستشار أحمد الزند،‮ ‬فيصمتون ولا‮ ‬يردون إلا بالهتاف لمصر وللوطن المخطوف‮..‬
كانت المأساة الأخطر هي في هذا الدستور الذي جري تفصيله علي مقاس جماعة الإخوان وطموحاتها في أبدية سيطرتها علي السلطة والانتقام من خصومها،‮ ‬وكان في مقدمة هؤلاء الخصوم النيابة العامة والمحكمة الدستورية العليا،‮ ‬حيث أطاحوا بالعديد من قضاتها الأجلاء،‮ ‬وفي مقدمتهم المستشارة تهاني الجبالي‮..‬
كان طبيعيا والحال كذلك أن تنفجر الأوضاع في مصر،‮ ‬وأن‮ ‬يخرج الناس إلي الشارع،‮ ‬وأن‮ ‬يطالبوا بالتغيير الشامل دون مواربة‮.. ‬صحيح أن الرئيس محمد مرسي رئيس منتخب أيا كانت الملاحظات والتحفظات ‮ ‬غير أن احترام الرئيس للدستور والقانون والحفاظ علي مصالح البلاد هو الذي‮ ‬يمنحه الشرعية وليس شيئا آخر‮!!‬
إنني أعتقد‮ ‬يقينا أن نظرة واحدة للمشهد في مصر بعد مضي أكثر من ستة أشهر علي تولي الرئيس مرسي لمهام الحكم في البلاد تؤكد أن الأوضاع في مصر أصبحت علي شفا الانهيار،‮ ‬وأن دولة القانون والدستور قد سقطت،‮ ‬وأن مصالح البلاد باتت مهددة بشكل خطير‮.‬
لقد اجتمع أول أمس السبت مجلس الدفاع الوطني لعدة ساعات،‮ ‬وانتظر الناس إجراءات عملية،‮ ‬وقرارات فورية تهدئ الشارع وتبعث الطمأنينة من جديد إلا أن القرارات المعلنة جاءت هزيلة لا تتضمن أي جديد،‮ ‬اللهم إلا دعوة‮ ‬يتيمة للحوار دون ضمانات،‮ ‬وإنذار بفرض حالة الطوارئ وحظر التجول في المناطق المضطربة‮..‬
وصدم الناس من هذا البيان الذي سبقه بيان من جبهة الانقاذ‮ ‬يحدد عدداً‮ ‬من المطالب الهامة كان أبرزها تشكيل حكومة انتقالية وتعليق العمل بالدستور،‮ ‬ووضع ضمانات تضمن نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة‮..‬
صدر بيان مجلس الدفاع الوطني وكأن شيئا لم‮ ‬يحدث علي أرض الوطن‮.. ‬إنهم‮ ‬يكررون ذات السيناريو الذي استخدمه مبارك مع مظاهرات الخامس والعشرين من‮ ‬يناير،‮ ‬فكانت النتيجة هي سقوطه وسقوط نظامه بلا رجعة‮..‬
إن الأحداث التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن تنذر بفوضي شاملة وتدفع إلي تفكيك الكيان الوطني،‮ ‬ذلك أن الدعوات التي تنطلق في العديد من المحافظات بالاستقلال،‮ ‬والتي‮ ‬يرافقها اسقاط العديد من مؤسسات الدولة بداخلها،‮ ‬هي ليست دعوات عبثية،‮ ‬بل هي تعبير عن حالة احتقان وسخط ورفض لحكم الإخوان،‮ ‬لا‮ ‬يتوجب الاستهانة بها،‮ ‬بل‮ ‬يجب التعامل معها بجدية شديدة ليس بالقهر الأمني الذي لن‮ ‬يزيد الأمور إلا تصعيدا بل بإجراءات عملية تعيد الثقة للناس مرة أخري وتدفعها إلي إنهاء حالة التمرد التي بدأت تنتشر في أنحاء البلاد‮!!.‬
لقد تعهد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة بالحفاظ علي استقرار البلاد ووحدتها وأمنها القومي،‮ ‬وأعلن انحيازه للشعب،‮ ‬بل حتي البيان الأخير الصادر عن مجلس الدفاع الوطني تضمن بناء علي طلب من الوزير فقرة تقول إن المجلس‮ ‬يؤكد أن القوات المسلحة المصرية ملك للشعب المصري العظيم وأنها تقف علي مسافة واحدة من الجميع،‮ ‬ولا تتدخل في العملية السياسية،‮ ‬إلا أنها في نفس الوقت تدرك واجبها الوطني وحقوق شعبها عليها في تأمين منشآته الحيوية وتحرص علي تحقيق الشعب لطموحاته وآماله ومبادئ ثورته العظيمة‮.‬
هنا‮ ‬يطرح السؤال نفسه،‮ ‬ماذا عن موقف الجيش؟ وهل سيترك البلاد تمضي إلي الخطر والفوضي،‮ ‬أم أنه سيتدخل لحماية الكيان الوطني والحيلولة دون تفكيكه،‮ ‬وانهياره‮..‬؟‮!‬
لقد تعرض الجيش المصري في وقت لاحق للإهانة من بعض القوي التي لا تريد استقراراً‮ ‬لهذا الوطن،‮ ‬وتحمل الجيش أعباء تنوء بحملها الجبال،‮ ‬وصمم علي‮ ‬إجراء انتخابات نزيهة ورفض التدخل لصالح طرف علي‮ ‬حساب الآخر‮ ‬وترك القرار النهائي للجنة العليا للانتخابات الرئاسية،‮ ‬غير أن ما جري في وقت لاحق لا‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون هو الفيصل في قرار الجيش،‮ ‬بالنزول إلي الساحة وحماية أمن البلاد،‮ ‬خاصة بعد الصعوبات التي تعاينها الشرطة المصرية في مواجهتها لأعمال العنف‮.‬
إن البلاد تمر بمنحني شديد الخطورة،‮ ‬والأوضاع الأمنية والاقتصادية تتداعي وتتدهور بشكل سريع،‮ ‬كما أن ثقافة العنف والقوة أصبحت هي السائدة في الوقت الراهن،‮ ‬كوسيلة للتعاطي داخل المجتمع،‮ ‬وهي كلها أمور خطيرة تستوجب التدخل قبل فوات الأوان‮..‬
إن التاريخ لن‮ ‬يرحم أحداً،‮ ‬من هؤلاء الذين كانوا سببا في إشعال النار التي ستحرق الجميع بلا استثناء،‮ ‬وهي‮ ‬لن تفرق بين حاكم أو محكوم،‮ ‬وبذات الدرجة فإن التاريخ لن‮ ‬يرحم الصامتين علي هذا الانهيار الكبير الذي تشهده البلاد والذي‮ ‬ينذر في الفترة القادمة بما هو أشد وأخطر‮..‬
إن مصر تنادي أبناءها المخلصين،‮ ‬الشرفاء،‮ ‬بأن‮ ‬يقفوا إلي‮ ‬جوارها في هذه المحنة الصعبة التي‮ ‬تهدد كيانها وشعبها،‮ ‬حاضرها ومستقبلها،‮ ‬وأن‮ ‬يتناسوا خلافاتهم وأن‮ ‬يعودوا لبناء الوطن والانطلاق به إلي الأمام وفاء لثورتهم وانطلاقا من أهدافها وحرصا علي سلامة البلاد وشعبها‮.. ‬فهل‮ ‬يسمعون؟‮!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.