يعد مشروع الربط الكهربائى بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، نموذجًا مضيئًا للمشاريع العملاقة المشتركة بين البلدين الشقيقين، والذى لا يخدمهما فقط بل هو نواة ومحور أساسى فى الربط الكهربائى العربى الذى يساند الجهود المبذولة لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية تمهيدًا لإنشاء سوق عربية للكهرباء تضم 14 دولة عربية، وتجهيزها للربط مع منظومة الكهرباء الأوروبية. السطور القادمة تحمل كافة تفاصيل هذا المشروع العملاق، وتطوراته، وأهدافه. فى أبريل 2011م، بدأت أولى الخطوات بالإعلان عن وجود مشروع ضخم لتنفيذ الربط الكهربائى بين السعودية ومصر لتبادل الطاقة بين البلدين فى إطار منظومة الربط بين شبكات الدول العربية الكهربائية. وفى الأول من يونيو 2013م، تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين الشقيقين لإنشاء المشروع حيث أعلن وزير الكهرباء السعودى آنذاك أنه من أهم مشاريع الربط الكهربائى فى الدول العربية، مبينًا أن الدراسة التى قام بها استشارى المشروع أكدت جدواه الفنية والاقتصادية للبلدين والذى يحظى بالكثير من الاهتمام ليس فقط من المملكة ومصر بل من دول مجلس التعاون الخليجى ودول المشرق العربى لأنه سيؤدى إلى ترابط منظومات الكهرباء فى 14 دولة عربية، وسيصبح محورًا أساسيًا فى الربط الكهربائى العربى الذى يساند الجهود المبذولة لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية تمهيدًا لإنشاء سوق عربية للكهرباء،وتجهيزها للربط مع منظومة الكهرباء الأوروبية. فوائد عديدة كما أكد الوزير أنه من الفوائد العديدة للمشروع تعزيز ورفع كفاءة منظومتىْ الكهرباء فى كلا البلدين، وتحسين مستوى موثوقيتهما، والمشاركة فى احتياطى قدرات التوليد مما يخفض استثمارات ضخمة مطلوبة لبناء محطات لتوليد الكهرباء فى كل جانب، إضافة إلى إمكانية تبادل الطاقة فى فترات ذروة أحمال الكهرباء صيفًا للاستفادة من تفاوت أوقات الذروة فى البلدين، مشيرًا إلى أن الذروة تحدث فى المملكة ما بين الظهر والعصر، بينما تحدث بعد الغروب فى مصر. الخطة الأصلية وتتضمن الخطة الأصلية للمشروع خطوط ربط بطول 480 كيلو مترًا داخل الأراضى المصرية من محطة تحويل بدر، إلى محطة تحويل شرق المدينةالمنورة مرورًا بمحطة تبوك، لتمتد الخطوط بطول 820 كيلو مترًا داخل الأراضى السعودية. ويستهدف المشروع تبادل 3 آلاف ميجاوات بين البلدين فى أوقات الذروة التى تختلف بين البلدين بمقدار 3 ساعات. كما قُدرت التكلفة المبدئية بنحو مليار و600 مليون دولار، يخص الجانب المصرى منها 600 مليون دولار، ويقوم بالمساهمة فى التمويل إلى جانب الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية، كل من: الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى، والبنك الإسلامى للتنمية، بالإضافة إلى الموارد الذاتية للشركة المصرية لنقل الكهرباء. مناقصة جديدة خلال الفترة التى أعقبت توقيع مذكرة التفاهم بين البلدين بشأن المشروع، كانت هناك قوة دفع كبيرة للعديد من المشروعات المشتركة بينهما من قبل القيادة السياسية للبلدين الشقيقين: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.. وسمو ولى عهده الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما تمثل فى عدة زيارات قام بها كل من خادم الحرمين وسمو ولى العهد إلى مصر خلال السنوات الماضية، وكان مشروع الربط الكهربائى حاضرًا بقوة طوال الوقت غير أن سير العمل تم إرجاؤه مؤقتًا مع الإعلان عن مشروع «نيوم» العملاق، وهو أحد المشاريع المشتركة بين البلدين أيضًا. ومن هنا، أعلنت المملكة أنها تعتزم إطلاق مناقصة بمواصفات فنية جديدة فى يونيو الماضى لخطوط نقل الطاقة التى تمر عبر أراضيها كجزء من مشروع الربط الكهربائى بين البلدين، والذى ارتفعت تكلفته إلى 2.5 مليار دولار من 1.6 مليار دولار بسبب تعديل المسارات وخطوط المحولات الخاصة بالمشروع، بسبب مشروع «نيوم» الذى أُطلق عام 2017م ، مما اضطرها إلى إعادة النظر فى خططها حول مشروع الربط الكهربائى المصرى السعودى لتجنب أى تعارض بين المشروعين. تعديل المسار وفى السياق ذاته، أشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى أنه يتم حاليًا تعديل مسار خط الربط الكهربائى بين البلدين لتفادى المرور بمنطقة مشروع «نيوم»، وهو ما يستوجب عمل بعض الإجراءات الفنية التى يجب اتخاذها أولًا، علمًا بأن مصر قد أكملت مناقصات خطوط الكهرباء الخاصة بها فى المشروع حيث انتهت وزارة الكهرباء المصرية من إنشاء خطوط النقل ومحطة محولات «التيار المستمر» (DC).التى تعد الأحدث فى مصر والعام العربى. ولم يتبق الآن سوى انتظار المسارات الجديدة لبدء العمل. وفضلاً عن المشروع العملاق بين الشقيقتين، تجدر الإشارة هنا إلى أن خطط مصر للربط الكهربائى تشمل نقل ما يصل إلى 8 جيجا وات كهرباء إلى دول الخليج، و10 ميجاوات إلى أوروبا. معدل الاستثمار ووفقًا للمسارات الجديدة للمشروع لتفادى التعارض مع «نيوم»، تم الاتفاق بين الجانبين السعودى والمصرى على الانتهاء من التحضيرات فى ديسمبر المقبل، وبدء العمل فى المرحلة التى تم ترحيلها فى موعد أقصاه الربع الأول من عام 2020م، بقدرة 1200 ميجا وات. إلى ذلك، يبلغ معدل العائد من الاستثمار بالمشروع أكثر من (13%) عند استخدام الخط الرابط فقط للمشاركة فى احتياطى توليد الكهرباء للبلدين مع مدة استرداد للتكاليف قدرها 8 سنوات. فيما يبلغ معدل العائد من الاستثمار حوالى (20%) عند استخدام الخط الرابط للمشاركة فى احتياطى التوليد ولتبادل الطاقة بين البلدين فى فترات الذروة لكل بلد بحد أعلى (3000) ميجاوات، إضافة إلى استخداماته الأخرى للتبادل التجارى للكهرباء خاصة فى الشتاء الذى سيتيح للمملكة تصدير الكهرباء الفائضة فى منظومتها إلى مصر.