تباينت ردود الأفعال تجاه مقالى السابق (سقوط مغني) ما بين معارض ومؤيد لما جاء فيه، فالبعض يرى ألا نحكم على المغنى بالسقوط لمجرد خطأ غير مقصود، خاصة انه فنان مجتهد يقدم لونا خفيفا من الغناء بعيدا عن الاسفاف، وأن الموقف لا يستدعى التهويل، فهو لم يتلفظ بكلمة منافية للآداب، وانما مجرد أسلوب ساخر وقد يكون خانه التعبير. كما أن آخرين من نجوم الغناء قد أخطأوا عدة مرات وغفر لهم الجمهور زلاتهم، وأوضح مثال على ذلك النجمة التي سخرت من مطرب شهير تارة، وتفوهت بما يسئ لمصر تارة أخرى. وقد يبدو للوهلة الأولى أنها مبررات منطقية، لكنها فى الواقع لا تبرر ما حدث، فالموهبة – إن وجدت – يقتلها الغباء، وتقديم فن غير مبتذل هو واجب على كل فنان وليس تفضلا منه لأنه فى النهاية ينسب إليه، ويكتب فى تاريخه الفنى إن استحق أن يكون له تاريخا، والخطأ لا يقتصر على التفوه بألفاظ بذيئة، فالسخرية قد تكون سلاحا موجها للنيل من كرامة إنسان. أما ما ذكر عن أخطاء المطربة الشهيرة، فقد قوبلت بهجوم شديد من الجمهور، مما جعلها تبادر بالتوضيح والاعتذار العاجل عما بدر منها، ومثلت أيضا للتحقيق من قبل نقابة المهن الموسيقية. فى حين أن المغنى لم يشعر بحاجته للاعتذار، ليس فقط ممن تعرض لسخريته وإنما من كل جمهوره!! وأعلن أنه غير مخطئ!! على الجانب الآخر يرى المؤيدون أن أخلاق الفنان واحترامه لنفسه وفنه وجمهوره، وادراكه لأهمية الجمهور فى صنع نجاحه هو الأكثر أهمية لاكتساب محبة الناس واستحقاقها، وأن أسلوب السخرية والتهكم هو سبيل للانتحار جماهيريا. لقد أمطرتنى رسائل محبى الفنانين – ممن وردت اسماؤهم بالمقال كنموذج يحتذى به - كما هائلا من المواقف الجميلة التى تدل على احترام هؤلاء النجوم لمحبيهم، وللأسف لا تسمح المساحة المخصصة لي بذكرها، لكن جميعها تحمل مضمونا واحدا، التواضع والاحترام والحرص علي ألا تشوب السلوك شائبة هى صفات من يستحق أن يلقب بالفنان. فالعلاقة بين الفنان والجمهور تستلزم بذل المزيد من الجهد، فالجمهور الذي يسعى لمؤازة فنانه المفضل، ويدفع صاغرا لشراء ألبومات أو حضور حفلات، وبعضهم يتكبد مشاق الانتقال من مكان لآخر لحضور الحفل، لا يبغى من وراء ذلك سوى اظهار حبه للفنان وتشجيعه والاستمتاع بما يقدمه. وفى المقابل يسعى الفنان بكل جهده لنيل رضا الجمهور، وتقديم ما يسعده، فنجاحه وشهرته يقف وراءها جمهور محب، ولا قيمة لفن يقدم بلا جمهور يهتم به. باختصار، إنها علاقة حب تبادلية، يبذل طرفاها جهدا، ويستحق كلاهما التقدير من الآخر. وما أهون الجهد الذى يبذله فنان بقبول التقاط الصور مع محبيه - رغم ارهاقه أحيانا - فى سبيل إسعاد الجمهور والاحتفاظ بمحبته. لقد أوصانا النبى صلى الله عليه وسلم بالتواضع فى حديثه الشريف (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)، وقد يكون جبر خاطر معجب بسيط سببا فى المزيد من النجاح والشهرة للفنان.