عندما يؤرخ لحركات تحرر الوطن العربي لا بد ان ُتذكر اذاعة صوت العرب صوتً مصر المنطلق من القاهرة قلب العروبة النابض عام 1953 متجاوزة كل القيود والحدود منفتحة على عالمها العربي ليصل صوت العرب إلى كل أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج كما كان شعار صوت العرب. بدات برنامجا يحمل اسم صوت العرب علي إذاعة راديو القاهرة وكان نجاحه حافزا للدكتورمحمد عبد القادر حاتم احد اهم صناع الإعلام المصرى في الخمسينيات لعرض فكرة انشاء اذاعة موجهة للعرب علي الرئيس جمال عبد الناصرالذي تحمس للفكرة. فقد كان الرئيس جمال عبد الناصريدرك اهمية الاعلام كاحد روافد قوة الدولة الناعمة لطرح رؤها القومية والاقليمية والعربية وبسط نفوذها وتغلغلها خارج حيزها الجغرافي وكانت اذاعة صوت العرب هي احد احلام ناصر لدعم توجه سياسته العروبية والقومية. واستطاعت صوت العرب خلال فترة وجيزة ان تصل القلب والعقل وتعكس لسان حال كل عربي فعندما تسمعها وأنت في أي بلد عربي تشعر أنها اذاعتك التي تعبر عن هموم وامال وانتصارات وانكسارات الامة. ونجحت إذاﻋﺔ ﺻﻮت اﻟﻌﺮب نجاحا ﻛﺒﻴﺮا في ايقاظ المارد العربي بخطاب اعلامي تعبوي واكب الظرف التاريخي والسياسي لتلك الحقبة التي انطلق فيها وﺧﺎﺿﺖ أولي معاركهااﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ بعد مضي شهرونصف علي بدء ارسالها بوقوفها ﻓﻲمعركة ﺳﻠﻄﺎن المغرب محمد الخامس الذي ﻧﻔﺘﻪ الحكومة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺧﺎرج المغرب ﻓﺸﻨﺖ ﺣﻤﻠﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻛﺒﺮي نجحت في رﻓﻊ الحماية اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ عن المغرب وعودة الملك محمد الخامس الي المغرب. خاطبت الضمير العربي الجمعي ولعبت دوراً بارزاً في قضايا التحررالوطني لدول شمال أفريقيا من المغرب حتي تونس مرورا بالثورة الجزائرية الذي اذيع اول بيان لها من اذاعة صوت العرب صوت ثوار الجزائر كما وصفها الرئيس احمد بن بيلا. وهكذا تبنت صوت العرب جميع قضايا الامة وحملت رايتها بايمان وصلابة ومثلما وقفت مع دول شمال افريقيا وجبهات التحريربأفريقيا والمقاومة الفلسطينية قضية العرب الاولي وقفت مع الثورة اليمنية وكانت صوت الاشقاء في الخليج العربي اثناء نضالهم حتي الاستقلال وكانت منبرا لجميع المناضلين السياسيين والذى صار كثيرون منهم فيما بعد رؤساء لدولهم مثل بن بلا وأبورقيبة وعبدالكريم الخطابى والقائمة طويلة. هذا الدور الوطني جعلها مستهدفة من الدول الاستعمارية فحاولت فرنسا إسكات صوتها بضرب محطات ارسال أبوزعبل ابان العدوان الثلاثي 1956 وقبل ان تستانف الإذاعة إرسالها في نفس اليوم من محطات بديلة في المقطم كانت اسم صوت العرب ينطلق من دمشقوتونس وعمان وبيروت وطرابلس وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﺰوﻓﺔ راﺋﻌﺔ ﻋﻜﺴﺖ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ الحقيقية قبل ان تكون احد العناوين الهامة لتجربة الوحدة العربية الابرز والاوحد بين مصر وسوريا عام 1958. وبعيدا عن دورها التحرري كانت صوت العرب سفيرمصر لدي المواطن العربي تخاطبه برسائل مباشرة وغير مباشرة بعيدا عن بروتوكولات السياسة شارحة وجهة نظرها ومواقفها تجاه قضايا المنطقة مثل موقفها من حلف بغداد عام 1959الذي تم اسقاطه فيما بعد. فلم تكن صوت العرب مجرد اذاعة بل رسالة ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﺼﻮت اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ إﻟﻰ ﺧﻠﻴﺠﻪ ﻋﻠﻰ أﺛﻴﺮ ﻋﺮﺑﻲ واﺣﺪ عبركوكبة من اذاعيين امنوا بالهدف واخلصوا له فابدعوا ابرزهم احمد سعيد بهاء طاهر محمد عروق أمين بسيوني نادية توفيق ونجوى أبوالنجا وأمينة صبرى حلمى البلك. كان الاقبال علي شراء جهاز الردايو الذي كان يطلق عليه ردايو صوت العرب ماهو الا انعكاس لارتباط المواطن العربي بها وانعكاس لنجاحها في الوصول الي كل بيت في الوطن العربي وهو ما وثقه الكاتب البريطاني الشهير والتون واين في كتابه الاشهر عن الزعيم ناصر قصة البحث عن الكرامة متحدثا عن تاثرالمواطن العربي بناصر واعلامه فتحدث عن ذلك البدوي القابع في الصحراء الذي يبحث عن شراء صندوق احمد سعيد وهو المذيع الاشهر لصوت العرب.
صوت العرب الصوت العروبي الهوي قومي التوجه التي جمعت العرب تحت راية القومية العربية اين هي الان من قضايا العرب ادرك تماما انتهاء عهد السياسيات القومية التعبوية لكن ادرك ايضا ان جراح وطننا العربي تحتاج لمدواة جراحها ادرك ان الظرف التاريخي والسياسي لم يعد كما كان في الخمسينات والستينات لكن المؤكد ان وحدة المصير مازالت تجمعنا والتحديات جسام تحتاج لتوحيد الكلمة واﻟﺮؤى وما احوجنا لاعادة قراءة التاريخ مرة اخري ولاحياء العصر الذهبي التوعوي ليس لصوت العرب فقط بل للاعلام المصري بكل روافده .