في الخامس من يوليو الجارى اتخذت الحكومة التونسية قرارًا بحظر ارتداء النقاب في المؤسسات الرسمية للدولة. وجاء هذا في أعقاب شهور شهدت مناقشات حول القرار داخل مجلس النواب التونسى والرئاسة التونسية. جاء قرار الحظر في أعقاب حادثتين انتحاريتين في العاصمة تونس في الثانى من يوليو الجارى أسفرا عن مقتل عنصر أمن وإصابة ثمانية آخرين. وهكذا تكون تونس اليوم قد انضمت رسميا إلى مجموعة الدول التي تحظر ارتداء النقاب. ولا شك أن قرار الحظر تفرضه قواعد ومقتضيات الأمن التى تستوجب تحديد هوية الشخص بصفة آلية ودائمة لا سيما في أماكن العمل.وبذلك تكون تونس قد تبنت ما قامت به دول عديدة من حظر ارتداء هذا الطاعون مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وتركيا وسريلانكا وألمانيا وروسيا وتشاد والسنغال وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وكندا. وكانت الجزائر قد استبقت تونس في اتخاذ الخطوة عندما قررت في أكتوبر الماضى حظر ارتداء النقاب أو أي لباس يمنع ظهور هوية الفرد في الأماكن العامة. وفى مصر هناك مشروع لا يزال بين أروقة البرلمان يطالب بحظر النقاب في الأماكن العامة؛ حيث إن النقاب يخفى شخصية من يرتديه ولذلك استغله البعض في ارتكاب الجرائم. المشروع المقدم يطالب بمعاقبة من يخالفه بغرامة لا تقل عن ألف جنيه. الجدير بالذكر أن الرئيس التونسى الباجى السبسى كان قد أصدر قرارًا من قبل يمنع بمقتضاه ارتداء الحجاب للفتيات القاصرات على أساس اعتباره من ضروب التخلف والعودة بتونس للوراء. غير أن هذا أثار في وقتها جدلا كبيرا على أساس أن هناك فرقا بين الحجاب والنقاب، فالأول فريضة شرعا وبالتالي فإن العمل به عبادة أما النقاب فلا يمت بصلة إلى العبادة إذ إنه مجرد عادة. ولا شك أن قرار حظر النقاب اليوم في تونس ينذر بعودة الجدل من جديد حول هذا الزى. ولكن يبقى من الأهمية بمكان وجود المبرر الذى يحتم منع ارتدائه، فالمنع هنا تستدعيه وتفرضه ضرورة مقاومة الإرهاب. أي أن منعه يأتي ضرورة بوصفه أحد أهم التدابير الأمنية الرئيسية لمقاومة الإرهاب لا سيما وأن كثيرا من المشتبه بهم يستغلون ارتداءه للتخفى ليتمكنوا من ارتكاب كل الجرائم من قتل وسرقة واغتصاب وخطف. الجدير بالذكر أن منع ارتداء النقاب كان قد سرى في فترة حكم الرئيس الأسبق «بن على» . غير أن الظاهرة عادت بقوة بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالنظام وبدأ الجدل يتصاعد بهذا الخصوص بين السياسيين العلمانيين والإسلاميين. وبالتالي كان يتعين فرض الحظر لا سيما مع الظرف الحالي والتهديدات الإرهابية. أي أن المبرر موجود ومن ثم تتحتم ضرورة اتخاذه. عامل آخر استوجب ضرورة العمل بحظر ارتداء النقاب لا سيما مع فرض حالة الطوارئ في تونس والتي لا تزال سارية منذ الرابع والعشرين من نوفمبر 2015 عندما قُتل اثنا عشر عنصرًا في الأمن الرئاسي وأصيب عشرون آخرون في هجوم انتحاري استهدف حافلتهم بوسط العاصمة، وهو ما استوجب تطبيق الحظر على ارتداء النقاب. ويستدعى الحديث عن النقاب ما شهدته مصر من جرائم كثر نُفَّذت باستخدام النقاب. بل ازداد معدل الجرائم التي تُرتكب من خلال الاستعانة بارتدائه. ولهذا بات من الضرورى ألا يسمح للممرضات بارتدائه، فقد تستغل مجرمة النقاب للتخفى وتدخل المستشفى بوصفها ممرضة وتنفذ بواسطته جريمة قتل من خلال حقن شخص مريض بسم زعاف. ويكفى أنه جرى استغلاله في ارتكاب جرائم الخطف والاغتصاب والسرقة. بل إن إحدى الشقق في مصر الجديدة كان كل من يرتادها يرتدى النقاب. واكتشف أنها شقة تدار للدعارة. ولهذا وإحقاقًا للحق وصونًا للأمن يجب حظر هذا الغطاء الأسود الذى لا يعلم أحد من عساه أن يكون وراءه. إنه طاعون قاتل جرى استغلاله في ارتكاب الوزر والجرائم. ولهذا نقول: آن الأوان اليوم لحظره كلية بعد أن حُسم الجدل حوله في كونه عادة وليس عبادة.