'اخص.. اخص' تعبير شعبي بالغ الروعة، لا يفهمه ولا يعيه غير أولاد البلد، من رضعوا من اثداء أمهاتهم اللائي أحسن تربيتهم ، وعلمنهم البعد عن فحش القول، كلمة 'اخص' الشعبية هذه يستخدمها أهل مصر، عندما يصدر عن شخص قول أو عمل، علي غير العرف أو التقاليد الشعبية، التي درجنا عليها في بيوتنا، وفي قرانا وحاراتنا التي لا يعرفونها 'شيوخ آخر الزمان'.. واحد لا أعرف اسمه، ولا سمعنا عنه في أي مهنة يعمل ويرتزق.. يقول إنه سيقود حملة أمام نقابة الفنانين عند نيل البحر الأعظم بالجيزه.. هذا النيل العظيم الذي قدسته مصر الفرعونية، صاحبة الحضارات العريقة في الزراعة والهندسة والطب.. مصر فنون العمارة والنحت.. مصر علمت العالم التوحيد وكانت مهد الصوفية، وارجعوا لترانيم رجال الدين في المعابد، فهم أول من بذر بذور الإبتهال إلي الله وطريق الوحدانية والتصوف.. سمعت ويا ليتني ماسمعت، أن واحدًا ممن شربوا من ماء نيل مصر العظيم، يقول انه سيجيش 'الجرا....' لملاقاة الفنانين أمام نقابتهم اعتراضًا علي فنون وثقافة مصر، وله الحق كل الحق فيما ذهب إليه، فهو ممن شربوا من ماء النيل الملوث، بفضلات المجاري والحيوانات النافقة ومصانع معدومة الضمير، تلقي بفضلات مصانعها في النيل.. واحد من ألسنة كثر مجهولي الهوية والنسب، لا يعرفون قيمة مصر، ينعتون فنون مصر بألفاظ يعف اللسان عن ترديدها.. فنون مصر التي يأتي إليها إنسان العالم من كل فج عميق يحجون إلي آثارها الفرعونية ومساجدها وكنائسها العربية، يشاهدون آثارها، يمتعون نظرهم وتثري قلوبهم ثقافة المصريين. أين كان أصحاب ثقافة الخرق المرقعة وأبواب المساجد والزوايا، وسيدة الفنون العربية أم كلثوم العظيمة تلف العالم تجمع تبرعات بعد هزيمة يونيو67 ملايين الدولارات وقطع المجوهرات، ليعيش من يسب ويشتم فنانيها مرفوع الرأس.. تعبت وشقيت فنانة الشرق لتسهم في إعادة بناء جيش مصر العظيم، لم تكن الأموال ولا قطع المجوهرات التي القيت تحت أقدامها من أجل جمالها، فقد كانت رحمها الله متوسطة الجمال.. هذه الأموال كانت تقديرًا لمصر ودور أبنائها وتقديرًا واحترامًا لفنانيها وفنونها.. أين كنتم وفنانو مصر يجوبون جبهات القتال لرفع معنويات أبطالنا العظام في67 و73 ؟!.. أين كنتم يوم خرج فنانو مصر ليضمدوا جرحي الحرب في المستشفيات.. أين كنتم يوم سهر الفن المصري في الاستديوهات، تحت وابل القنابل وظلام شوارع القاهرة، ليصنعوا من أفعال وأحداث جيش مصر العظيم خير أجناد الارض، ملاحم البطولات، وليعرف العالم من خلال الفن قدر مصر؟.. ارجعوا إلي مصلحة الضرائب لتعرفوا أن كبار مموليها من الفنانين، ليتعلم الصغار بالمجان ويصبح منهم الوزراء والحكام.. اسألوا وزراء مالية مصر عن مدخولاتها، من مدخرات الفنانين بالعملات الحرة، كانت ولا تزال تمثل رقمًا من العملات الأجنبية للخزينة المصرية.. فنانو مصر وأدباؤها من كتاب وشعراء هم الذين جمعوا شمل الأمة العربية ووحدوا كلمتها وليعلو صوتها منغمًا في الآفاق، يحكي عظمة الأمة العربية وكيف تربت أجيال أمتنا ونما وجدانهم وأثرت عقولهم فنون وثقافة مصر.. أعرف أين كنتم، وكيف قضيتم الليالي علي أرصفة دول الخليج، تتاجرون في العملة والنصب علي أهل مصر العاملين في الخارج 'ولهف' مدخراتهم باسم الدين وتوظيف الاموال، ونفاق الحكام والأمراء وتدبيج الفتاوي بالريالات. يوم أغبر عشته وعاشه فنانو مصر يوم خرج علينا واحد من خيام تجار الدين، بفم ملوث و بكلمات غير مسؤولة وغير لائقة بمصر وأبنائها.. كنت أريد أن أردد الكلمات ليعرفها القارئ، لكني أترفع عن ذلك، تمنعني تربيتي لأب وأم صعيدين يعرفان معني العيب، وعلموه لنا ..لا أجد غير كلمة رددها السلف علي ألسنتهم، مستنكرين كل فعل غير لائق، أكرر معهم بملء الفم 'اخص' وأضيف عليها من عندياتي 'أسفخس'.