في مشهد عظيم اصطفت النساء كبارهن وصغارهن , شبابهن وكهولهن , طوابير لتقومن بواجبهن الوطني تجاه مجتمعهن , والمشاركة بصوتهن في الاستفتاء بمرحلتيه الأولي والثانية مع اختلاف ثقافاتهن ودياناتهن ومستواهن الاجتماعي . وقد أذهلت المرأة المصرية العالم أجمع بقوة وكثافة مشاركتها التي فاقت مشاركة الرجال في بعض القري والمحافظات , وحرصهن علي المشاركة في التحول الديمقراطي الذي يحقق لهن العدالة والمساواة , وتأكيدا منهن علي أن يكون لهن دور فعال في مجتمعهن رغم ماتعرضن له من تهميش واقصاء وخاصة تهميشهن في عضوية اللجنه التأسيسية للدستور واهدار حقهن في مواد الدستور نفسها . وليس هذا بجديد علي المرأة المصرية فمع انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وخروج الجميع للميادين مطالبين بحقوقهم , كانت مشاركة المرأة معهم قوية وايجابيه ايضا , وأشاد بها العالم حيث وقفت المرأة يد بيد مع الرجل تسانده بالقول والفعل ومتصدرة معه أوائل صفوف المتظاهرين . والعجيب في الأمر أنه بدلا من أن تجني المرأة ثمار شجاعتها واصرارها علي تحقيق العدل والمساواه في المجتمع عقب ثورة يناير نجد أنه تم تقليص حقوقها في شتي المجالات ليس فقط من المشهد السياسي، ولكن من المشهد المصري بشكل عام، فكان إقصاء المرأة من المناصب القيادية هو الأبرز علي المستوي السياسي، أما علي المستوي الإجتماعي قد تم شن حملات تستهدف تغيير قانون الأحوال الشخصية، والذي حملت بعض مواده انصافاً للمرأة المصرية، إلي جانب مطالبات التيارات الأصولية التي تصاعدت بسرعة بعد الثورة، بعودة المرأة إلي المنزل وتقليص مشاركتها في المجتمع، بل الإنكار التام لوجودها كإنسان، والتعامل معها بإعتبارها عورة يجب إخفاؤها وإخراس صوتها، يأتي هذا في ظل تجاهل أو جهل بإسهام المرأة في الإقتصاد، حيث أن 32% من الأسر المصرية تعولها امرأة , ورغم ذلك حرصت المرأة علي أن تقوم بدورها ولم تتراجع وكانت من أوائل المشاركين في التصويت علي الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء علي الدستور الجديد . وبغض النظر عن الاسباب التي دفعتهن الي المشاركة في الاستفتاء سواء كانت عن قناعة منهن بممارسة حق من حقوقهن أو للمساعدة في انجاح أو افشال فصيل بعينه سواء كان برغبتهن أو بالضغط عليهن واستغلال الاميين منهن لكسب اصواتهن واصوات من يحشدونهن من النساء فلابد أن نعترف أن المرأة هي قلب الامة ومقياس لمدي نضوج الحركة السياسية في مصر وقوة لايستهان بها وهو ما أكدته دراسة أعدها المركز المصري لبحوث الرأي العام حيث اشار الي أن نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية قد ارتفعت بنسبة 64% عقب ثورة 25 يناير حيث شاركت المرأة في انتخابات الرئاسة بنسبة 83 % منوهة بأن المشاركة السياسية للمرأة تتعلق بشكل عام بمنظومة القيم والثقافة السائدة في المجتمع حيث تقاس بأهمية وجود المرأة داخل منظومة التطور والاصلاح الديمقراطي. وكذلك الاشارة الي أن القاهرة شهدت أكبر حشد نسائي علي مستوي الجمهورية في عدد من اللجان كلجنة مدرسة القنال بالمعادي بالقاهرة كأحدي اللجان التي شهدت إقبالا متزايدا من النساء للتصويت علي الاستفتاء. كما بلغت نسبة النساء اللاتي شاركن في الاستفتاء علي الدستور الجديد في محافظات الصعيد مايقرب من 60% مما يمثل نوعًا من الإيجابية خاصةً مع العادات المنتشرة بعدم خروج النساء في الانتخابات. أما في الإسكندرية فقد شهدت لجنة حفني ناصف إقبالا كثيفا من النساء علي التصويت علي الدستور، ومدرسة إيزيس الثانوية بنات بالإسكندرية شهدت حشودا نسائية كبيرة أمام مقار اللجان الانتخابية للتصويت علي الدستور.