عاودت منذ أيام مشاهدة فيلم Death On The Nile الذى تم إنتاجه عام 1978، عن رواية اجاثا كريستي، وحقق حينها أرباحا تقترب من 15 مليون دولار. لن أتحدث عن القصة، التمثيل، التصوير أو الإخراج، لكنى أرغب فى طرح ما أراه أجمل وأهم عنصر من عناصر الفيلم وهى مواقع التصوير. وكان من الممكن أن تدور أحداث الرواية على ضفاف نهر ما، فى أى مكان بالعالم، لكن المؤلفة اختارت نهر النيل، وقررت أن تكون مصر هى مكانها المختار بسبب عشقها لتلك الأرض وغرامها بالحضارة المصرية. ولا شك أن اتخاذ القرار بالتصوير فى الأماكن الحقيقية كان قرارا صائبا دالا على ذكاء صناع الفيلم، وإدراكهم لعوامل جذب المشاهدين وخاصة عشاق الحضارة المصرية. وقد تم التصوير بالأهرامات، فندق كتاراكت، معبد الكرنك، معبد ابو سمبل، والنيل الجميل. وكلما شاهدت الفيلم تساءلت عن المسئول المصرى الذى اتخذ قرارا مستنيرا - فى تلك الحقبة الزمنية - بالسماح لأجانب بتصوير فيلم فى أهم المناطق السياحية بمصر!! من هذا المسئول العبقرى الذى أدرك ان الفيلم سيكون بمثابة دعاية سياحية مجانية لمصر، يفوق أثرها ما يمكن تحقيقه بحملات دعاية ضخمة تتكلف ملايين الدولارات؟! وهل يوجد الآن مثل هذا المسئول القادر على هزيمة البيروقراطية والتعقيدات الحكومية التى تواجه كل من يرغب فى التصوير بأحد المناطق الأثرية ؟!! إن العقول الجامدة قد توصلت إلى منع الزوار من التصوير الفوتوغرافى ببعض المتاحف وبعضها يشترط دفع رسم تصوير!! وعلى أبواب حدائق المنتزه بالاسكندرية – على سبيل المثال – لافتة تعليمات ضخمة تواجه الزوار بمنع استخدام كاميرا الفيديو إلا بتصريح ورسوم خاصة!! هذه العقول المنتجة لتلك الافكار العقيمة تضرب بقواعد تنشيط السياحة عرض الحائط، وتقتل أى فرصة متاحة لجذب مزيد من السائحين، وتحد من الترويج السياحى الذاتى الذى يقوم به كل زائر تلقائيا حينما يلتقط صورا وينشرها، فيراها اقاربه وأصدقاؤه وتصبح دافعا وحافزا لهم يشجعهم على زيارة تلك الأماكن. كيف تسمح دولة تمتلك أهم آثار الدنيا للعقول المغلقة أن تتحكم فى شئونها السياحية؟! أين اندثرت الافكار الابداعية؟! من وأدها؟! وأين الجهات المسئولة عن الترويج للسياحة المصرية منها؟!