الخارجية الأوكرانية: القمة المقبلة ستكون نهاية الحرب ونحتاج روسيا على طاولة المفاوضات    بيلينجهام رجل مباراة إنجلترا وصربيا في يورو 2024    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    وزير الإسكان: زراعة أكثر من مليون متر مربع مسطحات خضراء بدمياط الجديدة    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    زوارق الاحتلال تُطلق نيرانها تجاه المناطق الشمالية لقطاع غزة    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    زيلينسكي يدعو لعقد قمة ثانية حول السلام في أوكرانيا    فقدان شخصين جراء انقلاب قارب في ماليزيا    من التجهيز إلى التفجير.. مشاهد لكمين أعدّته المقاومة بمدينة غزة    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    بيرو: لا يوجد تهديد بحدوث تسونامى بعد زلزال بقوة 6.3 ضرب البلاد    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    بيلينجهام يقود منتخب إنجلترا للفوز على صربيا في يورو 2024    تعرف على حكام مباراتى الجونة والبنك الأهلى.. والإسماعيلى وإنبى    موعد مباراة الزمالك والمصري فى الدوري والقناة الناقلة    مانشستر يونايتد يجدد الثقة في تين هاج    ذراع الكرة.. وذراع الخمر    محمد سالم: مباراة طلائع الجيش كانت فاصلة ل المقاولون العرب    مدرب سموحة السابق: الأهلي والزمالك في مباراة صعبة لمحاولة اللحاق ببيراميدز    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    الاستعلام عن صحة مصابي حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الأوسطي    الكورنيش متنفس أهالى الشرقية في العيد هربا من الموجة الحارة (صور)    وفاة الحاج الثالث من بورسعيد خلال فريضة الحج    وفاة شخص وإصابة 3 آخرين من أسرة واحدة فى حادث تصادم سيارتين بالغربية    عبير صبري ل"الحياة": خفة الدم والنجاح والصدق أكثر ما يجذبنى للرجل    ممثل مصري يشارك في مسلسل إسرائيلي.. ونقابة الممثلين تعلق    عبير صبري ل"الحياة": خفة الدم والنجاح والصدق أكثر ما يجذبنى للرجل    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    صحة كفر الشيخ: تنفيذ خطة التأمين الطبي بنجاح    عادة خاطئة يجب تجنبها عند حفظ لحمة الأضحية.. «احرص على التوقيت»    أجواء رائعة على الممشى السياحى بكورنيش بنى سويف فى أول أيام العيد.. فيديو    بعد كسر ماسورة، الدفع ب9 سيارات كسح لشفط المياه بمنطقة فريال بأسيوط    متى آخر يوم للذبح في عيد الأضحى؟    محمد أنور ل"فيتو": ليلى علوي بمثابة أمي، ومبسوط بالشغل مع بيومي فؤاد في "جوازة توكسيك"    الرئيس الأمريكى: حل الدوليتين السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم للفلسطينيين    أكلات العيد.. طريقة عمل المكرونة بالريحان والكبدة بالردة (بالخطوات)    الحج السعودية: وصول ما يقارب 800 ألف حاج وحاجة إلى مشعر منى قبل الفجر    «البالونات الملونة» فى احتفالات القليوبية.. وصوانى الفتة على مائدة الفيومية    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام المسائي تحاوره بمناسبة مرور200 سنة علي اكتشاف معبد الأبدية والخلود
الدكتور زاهي حواس: أبو سمبل.. إحدي عجائب الدنيا

قال الدكتور زاهى حواس: إن معبد أبو سمبل يعد إحدى عجائب الدنيا ومن كلام عالم الآثار يقف المعبد ما بين الإعجاز المعمارى والمناظر التاريخية الساحرة وارتباطه بشمس مصر المشرقة، متسيدا شاهدا على عظمة مصر وعراقتها على مر العصور
فلايزال قابعا بشموخ وكبرياء فى جنوب مصر منتشيا بتكاتف العالم احتفاء به فى القرن الماضى من أجل إنقاذه وتخليده، منتظرا ماذا ستقدمه له مصر الآن من قرابين الاعتزاز والفخر فى الذكرى المئوية الثانية لاكتشافه من خلال ما أعلنت عنه الدولة من إقامة احتفالات طوال عام 2017 تتوج باحتفالية كبرى تليق بهذه المناسبة العظيمة.
لكن ما هى أفضل السبل لاستثمار مرور 200 سنة على اكتشاف معبد أبو سمبل فى الترويج السياحى والدعاية للحضارة المصرية؟ وما هو الشكل الذى ينبغى أن تتخذه هذه الفعاليات لتتماهى مع عظمة المعبد الذى شيد كبوابة رائعة للجنوب ترهب الأعداء قبل أن تطأ أقدامهم أرض الوطن؟...حول ذلك كله كان حوارى مع عالم الآثار الدكتور زاهى حواس العارف بأدق تفاصيل «الحكاية » ليس فقط باعتباره أحد أشهر الأثريين فى العالم لكنه أيضا صاحب دراسة علمية متكاملة ونادرة حول معبد أبو سمبل ومعابد مصر المشرقة، والذى طلبت منه أن يأخذنا فى رحلة عبر الزمان إلى أبو سمبل.
نرجع لبداية الحكاية.. حدثنا عن الأسباب التي دفعت رمسيس الثاني لبناء هذا الصرح العظيم.. أبو سمبل؟
هناك عدة أسباب لبناء أبو سمبل في مقدمتها أن يكون بمثابة بوابة للجنوب, التي ترهب الأعداء, وترسخ هيبة مصر وحاكمها, وتؤكد سيطرة مصرالعسكرية, وقد نجح المهندس المصري القديم أن يحقق له ذلك من خلال الواجهة الضخمة علي وجه الخصوص التي تشكل صرح المعبد, الذي يبلغ ارتفاعه33 مترا وعرضه38 مترا, وقد استطاع أن يخلق فيها نوعا من التناسق الإبداعي والانسجام الفني بين أجزائها وعناصرها, كما أن التماثيل الأربعة العملاقة التي تزين هذه الواجهة قد نحتت في كتلة الحجر الرملي بصورة تجسد ألوهية وقدسية الملك وقوته ومركزه الطاغي, ولتأكيد ذلك نقشت مجموعة من الألقاب الخاصة به مثل شمس الحكام وحاكم الأرضين, وبذلك فإن أي زائر وأي أجنبي مجرد أن ينظر إلي هذا المعبد فإنه يشعر بالرهبة والخوف, وهذا يأخذنا إلي عبقرية المكان أو عبقرية اختيار المكان.
كما أن هناك سببا آخر مهما لم يلتفت إليه أحد من قبل في حكاية معبد أبوسمبل ويدل علي ذكاء رمسيس الثاني, ويكشف عن تعلقه بالعالم الآخر, وهو أن الملك في مصر القديمة لكي يبقي إلها في العالم الآخر, كان لابد بجانب ضرورة هزيمة أعداء مصر وتقديم القرابين للآلهة, وتوحيد مصر العليا والسفلي, أن يبني أيضا معابد من أجل التعبد فيها للآلهة وقد خاف رمسيس الثاني في رأيي بعد عدم فوزه في المعركة الأولي مع الحيثيين, ألا يصبح إلها فبني لنفسه هذا المعبد كملك يتعبد لنفسه كإله! وهو جانب ثري ومادة خصبة يمكن أن توحي بالكثير عند الترويج السياحي للمعبد خاصة أن كثيرا من الجنسيات تعشق هذه الجوانب من الحضارة المصرية لكن ألم يكن من بين الأسباب تكريم نفرتاري التي يكن لها حبا جارفا بما يمثله ذلك من رسالة أراد أن يوصلها للعالم, وبما يمثله أيضا من مشهد أبدي؟
بالطبع هذا صحيح, فقد شهد أبو سمبل لأول مرة في التاريخ قيام ملك ببناء معبد لزوجته بهذه العظمة, فهذه لم يحدث من قبل, فإذا ما تركنا معبدأبو سمبل الكبير واتجهنا شمالا يقابلنا معبد أبو سمبل الصغير أو معبد الملكة نفرتاري الذي يعد إنجازا فنيا رائعا لما تتميز به نقوشه من رقة بالغة وما تتسم به واجهته من إخراج بديع ويتميز بصبغته الأنثوية معبرا عن جمالها ورقتها, خاصة أن المعبد يضم واحدة من أروع مناظر فن الرعامسة وهو ذلك المنظر الذي يصور نفرتاري وقد وقفت بين المعبودتين إيزيس وحتحور تتوجانها وتمنحانها الحماية, وهو ما ذكره بالفعل كيتنج في كتابه الذي تشيرين إليه حين قال: إن هذه الصورة رغم رزانتها وانعزالها لشديدة الإغراء, نري فيها نفرتاري بين المعبودتين تتلقي الحماية من الربة حتحور, وهو ما يتفق مع مكانة المرأة في مصر حيث كانت الملكة هي عيون آمون رع وكانت زوجة الملك الحي وأم الملك القادم الذي سيحكم مصر, فهي إذن كل شيء عنده.
معبد بمثل هذه العظمة في البناء وارتباطه الفريد بشمس مصر كيف له ألا يكون من ضمن عجائب الدنيا؟
بالفعل أنا أراه من عجائب الدنيا, وهو يستحق أن يأتي مباشرة بعد الأهرامات! ولو كان الرحالة القدماء الذين رصدوا عجائب الدنيا السبع قد وصلوا إليه, وشاهدوه لكانوا بالتأكيد اختاروه واحدا منها, فبجانب كل ما ذكرته عنه من ناحية عبقرية المعمار واختيار المكان, فإن ثمة عامل آخر مهم وهو الارتباط الوثيق بشمس مصر التي تتغلل إليه في مشهد بديع لا مثيل له في العالم, وهو المعبد الوحيد من نوعه الذي تتوغل أشعة الشمس في أعماقه60 مترا لتصل في النهاية إلي قدس الأقداس يومين من كل عام, فقد أقام رمسيس الثاني هذا المعبد لعبادة إله الشمس رع حور آختي بالإضافة إلي عبادته هو نفسه كإله, ومن ثم فقد وجه محوره وجهة خاصة قبل أشعة الشمس المشرقة عند الشفق حين تبدو ربي الشاطئ الشرقي لنيل محمرة اللون, ولا تلبث أشعة الشمس أن تنعكس علي صفوف القردة أعلي الواجهة ثم تقع علي التماثيل العملاقة وكأنها تمنحها القوة والصمود, وأخيرا تتوغل الشمس في صالة الأعمدة الكبري فتغمر الأعمدة الأوزيرية بضوئها الذهبي.
ارتباط المعبد بالشمس يثير الكثير من الأسئلة منها ما السر في أن الأشعة الضوئية لا تصل إلي التمثال الرابع لبتاح معبود منف؟ وهل بالفعل ظاهرة تعامد الشمس علي وجه رمسيس الثاني له علاقة بموعد تتويجه وميلاده؟
بتاح معبود منف هو إله العالم السفلي, ولا تصله الأشعة الضوئية عن عمد لأنه يجب أن يبقي في ظلام إلي الأبد مثله مثل حالة العالم السفلي! ولا أري أن ثمة صلة بين ظاهرة وجه رمسيس المشرق بالشمس وموعدي ميلاده وتتويجه فذلك خطأ, إنما هي ظاهرة فلكية استطاع المصمم المصري العبقري أن يبرزها ليؤكد صلة هذا المعبد بالشمس فهو معبد الشمس المشرقة المتصل بالإله رع حور آختي.
تشهد جدران المعبد الكثير من المناظر والنقوش فما مدي أهمية ما تطرحه من قصص ووحقائق تاريخية عن مصر؟
سجل عليها لحظات الانتصار والنجاح والزواج والطقوس المقدسة وغير ذلك, ومن أهمها ما يتعلق بمعاهدة السلام مع الحيثيين التي أكدت انتهاء الصراع بين شعبين من أعظم شعوب الشرق القديم وهي أول معاهدة للسلام في العالم ويزيد من قيمتها أنها نصت علي العديد من البنود مثل تسليم الأسري وتأمين الحدود وأنها استمرت في عهد ابنه, كما توضح بعض المناظر النتائج المترتبة علي تشييد المعبد مثل الإعمار والاستقرار وفرض الهيمنة.
وما هي قصة اكتشافه منذ200 سنة؟
كان المعبد مغطي بالرمال ومنسيا حتي1813, وقد عثر المستكشف السويسري جي أل بورخاردت علي كورنيش المعبد الرئيسي, وتحدث بورخاردت عن هذا الاكتشاف لكنه لم يتمكن من حفر مدخل للمعبد, وبعدذلك توالت البعثات الأجنبية والرحالة الذين كتبوا عن المعبد حتي تم اكتشاف المعبد علي يد المستكشف الإيطالي جيوفاني بيلونزي عام1817, بعد أن كانت واجهة ذلك المعبد بما تحمله من روائع فنية قد دفنت في رمال الصحراء وهو ما قد يبرر عدم ذكره ضمن عجائب الدنيا السبع التي وصفها الإغريق.
لماذا تمت الموافقة علي مشروع تقطيع حجارته علي وجه التحديد برغم ما وجه إليه من هجوم إلي حد وصفه بأنه يمثل اعتداء وحشيا وإطلاق عبارة جزارة أبوسمبل؟!
إنقاذ معبدي أبو سمبل كان تحديا كبيرا واجه مصر, فقد كان يعد عملية صعبة ومعقدة وفي حاجة إلي دراسات شاملة وبحث عميق لما يترتب عليه من مسئوليات هندسية وفنية وأثرية, وفي الوقت نفسه كان لابد من اتخاذ قرار حاسم دون تأخير, وقد كان هناك العديد من المشروعات, لكن ما تم اختياره وتنفيذه كان بالفعل هو المشروع الأفضل والواقعي والعملي والأكثر أمانا من المشروعين الآخرين اللذين طرحا لإنقاذه, وهو أيضا الأقل مغامرة في نتائجه والأقل تكلفة, كما أنه كان هو من يستطيع البقاء علي البيئة المحيطة به, حيث تم تقطيع الحجارة وتسجيلها وترقيمها من قبل مركز تسجيل الآثار المصري برئاسة شحاتة آدم وأشراف جمال مختار وبالتعاون مع الخبراء الأجانب, بدقة بالغة ثم إعادة تركيبها بالأرقام نفسها وتشييدها علي الربوتين الأصليتين في قبوتين صناعيتين بالغتي الضخامة والروعة وفي نفس اتجاهاتهما الأصلية مع تشكيل تلال صناعية غاية في الإعجاز فوق المعبدين لإعطائهما منظرهماالقديم.
فكرة نقلهما في حد ذاتها تثير الخوف وارتفاع نسبة المخاطرة فهل كانت هناك أي خسائر أثرية أو جمالية لحقت بالمعبدين من جراء ذلك؟
إطلاقا لقد نجح المشروع تماما دون أن يلحق أي ضرر بأجزاء المعبد أو نقوشه, وعاد ليثبت للجميع تحدي مصر وقوتها, نعم كان معنا أجانب, لكنها كانت الإرادة المصرية هي البطل الأول بجانب علماء الآثار بها, لقد نجح المشروع دون أن نفقد حجرا واحدا أو يحدث أدني تغيير أو اختلاف عن الأصل, وقد قال لي المرحوم الدكتور جمال مختار: إن أحد كبار الكتاب الأجانب الذين حضروا الافتتاح الخالد في22 سبتمر1968 كتب يقول: إن كل شيء يبدو تماما كما لو كان عليه من قبل مما يشكك الإنسان في أمر نقل المعبدين بالفعل من مكانهما القديم ليتحقق حلم رمسيس الثاني الخاص بأن يبقي المعبدان كمعبدي الأبدية والخلود.
يؤكد فيلم تسجيلي فرنسي أن عالمة الآثار الفرنسية كريستيان نوبلكور والفريق الأثري الفرنسي هم أصحاب الفضل دون غيرهم في إنقاذ آثار النوبة وعلي رأسها معبدا أبو سمبل! فما تعليقك؟
غير صحيح, إنه تزييف للتاريخ, وقد أغضب هذا الفيلم د.ثروت عكاشة, لأن نوبلكور ساهمت في ذلك هي وبعثتها, إلا أن د.ثروت عكاشة هو مايسترو إنقاذ معبد أبو سمبل ويعاونه جمال مختار وشحاتة آدم وعبد المنعم الصاوي, لقد نجح عكاشة أن يقنع عبدالناصر بضرورة إنقاذ آثار النوبة ومنها معبد أبو سمبل, وكان ذلك بدوره يتطلب بالضرورة إقناع اليونسكو ومن هنا خاض عكاشة معركة صعبة في سبيل اقناعها, ولأول مرة تستطيع مصر عن طريق عكاشة الإعلان عن أن الآثار المصرية لا تخص مصر فقط, لكنها تخص الإنسانية كلها, ثم تم اتخاذ عدة خطوات منها إقامة معارض تلف العالم وبدأت الحملة بنداء من اليونسكو لكل دول العالم للمساهمة في وضع خطة الإنقاذ وطرح الحلول العلمية والعملية لحفظ التراث المصري المهدد بالغرق.
ولم يكتف الدكتور عكاشة بالنداء الدولي بل قام بإرسال معرض آثار طاف بالعديد من الدول الأوروبية, وسافر معرض عن توت عنخ أمون يضم أندر القطع وعلي رأسها قناع توت عنخ أمون نفسه إلي الولايات المتحدة; وهو المعرض الذي افتتحته جاكلين كيندي بواشنطن, ونجحنا في ذلك نجاحا منقطع النظير, إلي حد أن الأطفال أنفسهم تقدموا في ذلك الوقت ببعض مشروعات الإنقاذ والخطابات التي تفيض تأثرا وعشقا بآثار مصر, ومنها خطاب أرسلته طفلة فرنسية عمرها11 سنة تقول: إنها وإن كانت لا تعرف مدي روعة وأهمية أبو سمبل إلا أنها متأكدة من عظمة مصر الفرعونية, ولذلك هي تسهم بكل مدخراتها في سبيل إنقاذه, كما أرسلت سيدة من بوردو قائلة: إنها سيدة محدودة الموارد بعد أن فقدت زوجها في الحرب العالمية الثانية لكنها ترسل مبلغا بسيطا مساهمة منها في إنقاذ المعبدين رغم تأكدها أنها لن تراهما بعد الإنقاذ, وأنها تتمني أن يشاهدهما أحفادها بعد نجاح إنقاذهما. كل هذا التأثر العالمي إنما وضع بذرته الدكتور ثروت عكاشة الذي لم نعطه حقه من إرجاع الفضل إليه, ونحن للآن لم ننجح في استغلال ذلك كله في الدعاية للمعبد برغم أن ما قامت به مصر مع اليونسكو والعالم كله معجزة رائعة بل سيمفونية نالت إعجاب الجميع.
إذن لم ننجح حتي الآن في استثمار عظمة أبو سمبل وتفرده وقصته المليئة بالتفاصيل الفنية والدرامية الشيقة؟
بالطبع فمازلنا لدينا قصور شديد في مجال الترويج لمصر, وأريد أن أقول إنه إذا كان البعض الآن يمتنع عن المجيء لمصر بسبب الإرهاب فإن العالم كله فيه إرهاب! لكن المشكلة أن الإعلام المصري يروج لوجود الإرهاب لا للسياحة!! والسبيل الوحيد حتي نرجع السياحة لقوتها هو إطلاق قوافل مصرية من النخبة المتميزة من الفنادق والشركات السياحية ووزارة السياحة في وجود أثريين علي درجة عالية من الثقافة والكاريزما والقدرة علي الإقناع وإجادة اللغات يقومون بإلقاء محاضرات في دول عديدة ونتفق مع إحدي أشهر شركات الدعاية في البلد المستهدف قبل سفر هذه القوافل بنحو3 شهور للترتيب لعقد لقاءات مع الصحافة والتليفزيون وشركات السياحة, بحيث تهز المجتمعات وتلفت الأنظار, ومصركانت ولا تزال ذات حضور قوي في قلوب البشر لتراثها وحضارتها الفرعونية, لكن مطلوب أن نتبع سبل التسويق الصحيحة.
هل تري أن هناك متطلبات معينة تحتاجها منطقة أبو سمبل لجذب المزيد من السائحين؟
هناك مشروع سياحي متكامل قمنا بتنفيذه منذ سنوات علي أعلي مستوي في أبوسمبل, وقد شمل بازارات وكافتيرات وبازارات, إلا أنه يحتاج الآن لتحديث وتطوير, كما أنني أري أن قصة الصوت والضوء الخاصة بالمعبد تحتاج إلي تطوير وإعادة كتابة, فهي ليست بنفس رهبة قصة الأهرامات.
كيف تري الصورة التي يمكن أن تخرج بها الاحتفالية الكبري بمرور200 عام علي اكتشاف معبد أبو سمبل للترويج السياحي لمصر؟
أقترح حضور السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ودعوة ملوك ورؤساء الدول لحضور الاحتفالية التي ستكون أكبر دعاية ونقلة في عودة السياحة لمصر, فوجود رئيس الجمهورية في هذا المكان ستكون نقطة مضيئة للدعاية السياحية لمصر في العالم كله, وأن يتم من الآن الاتفاق علي إقامة حفل موسيقي لأوركستر سيمفوني عالمي, يتم اختياره علي أعلي مستوي وهكذا نعيد تذكير العالم بما حدث عند اكتشاف هذا المعبد ثم إنقاذه, وأنه مثلما كان العالم كله شريكا في إنقاذه فها هو مدعو للاحتفال بذكري اكتشافه, وهكذا نلفت أنظار العالم كله من خلال هذه الاحتفالية التي ستنقل عبر كل القنوات العالمية, بل ستتنافس لنقلها وأري أن ذلك كاف ولن نحتاج المزيد من الفعاليات التي لن تحقق أغراضها, فليس المطلوب ترتيب أشياء كثيرة تلخبط الدنيا بلا طائل.
كان معبد أبو سمبل ملهما للإنسانية علي مر التاريخ هل آن الأوان للاستفادة من ذلك الموروث الفني؟
بالتاكيد علينا أن ننتبه إلي دور الفن في السياحة, لقد ألهم المبدعين في الفنون التشكيلية والسينما والأدب, وبرزت أسماء عالمية شهيرة استلهمت روائع خلدها التاريخ من سحره وجماله المعماري ورهبته التي يثيرها في النفوس, حيث رسم الفنانون في القرن التاسع عشر لوحات بديعة من أشهرها ما رسمه الفنان العالمي ديفيد روبرتس في عام1840, كما شكلت معابد أبو سمبل مصدرا أوحي للعديد من الأفلام والروايات العالمية مثل فيلم عودة المومياء والجاسوس الذي أحبني في سلسلة جيمس بوند, وفي فيلم أجاثا كرسيتي, الموت علي النيل, وذلك كله يمكن إحياؤه, وأين الدراما المصرية من ذلك كله ومن سائر معابد وآثار مصر, لقد فوجئت بمسلسل جراند اوتيل الذي بهر المشاهدين بأنه جعل الحبيبين يتبادلان الحب علي السلم لا داخل معبد مثل فيلة رغم وجودهما في أسوان! لقد ألهم أبو سمبل الإنسانية ولم يلهمنا باستثناءات محدودة!
عملت لمدة3 شهور كمدير آثار منطقة أبو سمبل فما هي أهم ذكريات عالم الآثار زاهي حواس خلال هذه الفترة التي يرويها لأصدقائه من مختلف دول العالم؟
إنها أجمل3 شهور في حياتي وأكثرها تأثيرا وإلهاما لي, فبعد أن تغادر الطائرة أبو سمبل عائدة إلي القاهرة لا يصبح أمامك سوي أن تتمتع بجمال الموقع وهدوئه حيث يسود المكان هدوء غريب يمتزج بالرهبة وعراقة المعبد, وكنت أقيم في فيلا الأثريين بجبل التونة لا أفعل شيئا سوي أن أقرأ وأكتب, وكان لهذه التجربة بالغ الأثر في صفاء النفس وفي ازدياد معرفتي وحبي للآثار, وأتذكر أنني كنت في النهار أستمتع بمشهد دخول الشمس إلي المعبد وفي المساء كثيرا ما كنت آخذ كشافي وأقترب من النقوش وما تحمله الجدران من حكايات فلها طعم آخر في رهبة الليل! وقد كانت المدة التي التي قضيتها في أبو سمبل كافية للقيام بدراسة وافية لمعبدي أبو سمبل بصفة خاصة وآثار النوبة بصفة عامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.